الديوان » العراق » محمد مهدي الجواهري » في ذمة الله ما ألقى وما أجد

عدد الابيات : 45

طباعة

في ذِمَّةِ اللهِ ما ألقَى وما أجِدُ

أهذِهِ صَخرةٌ أمْ هذِه كبِدُ

قدْ يقتُلُ الحُزنُ مَنْ أحبابهُ بَعُدوا

عنه فكيفَ بمنْ أحبابُهُ فُقِدوا

تَجري على رِسْلِها الدُنيا ويتبَعُها

رأيٌ بتعليلِ مَجراها ومُعتقَد

أعيا الفلاسفةَ الأحرارَ جهلُهمُ

ماذا يخِّبي لهمْ في دَفَّتيهِ غد

طالَ التَمحْلُ واعتاصتْ حُلولُهم

ولا تزالُ على ما كانتِ العُقَد

ليتَ الحياةَ وليت الموتَ مرَحمَةٌ

فلا الشبابُ ابنُ عشرينٍ ولا لبَد

ولا الفتاةُ بريعانِ الصِبا قُصفَتْ

ولا العجوزُ على الكّفينِ تَعتمِد

وليتَ أنَّ النسورَ استُنزفَتْ نَصفاً

أعمارُهنَّ ولم يُخصصْ بها أحد

حُييَّتِ » أُمَّ فُراتٍ » إنَّ والدة

بمثلِ ما انجبَتْ تُكنى بما تَلِد

تحيَّةً لم أجِدْ من بثِّ لاعِجِها

بُدّاً ، وإنْ قامَ سدّاً بيننا اللَحد

بالرُوح رُدِّي عليها إنّها صِلةٌ

بينَ المحِبينَ ماذا ينفعُ الجَسد

عزَّتْ دموعيَ لو لمْ تَبعثي شَجَناً

رَجعت مِنه لحرِّ الدمع أبترِد

خَلعتُ ثوبَ اصطِبارٍ كانَ يَستُرنُي

وبانَ كِذبُ ادِعائي أنَّني جَلِد

بكَيتُ حتَّى بكا من ليسَ يعرِفُني

ونُحتُ حتَّى حكاني طائرٌ غَرِد

كما تَفجَّرَ عَيناً ثرَّةً حجَرٌ

قاسٍ تفَجَّرَ دمعاً قلبيَ الصَلد

إنّا إلى اللهِ ! قولٌ يَستريحُ بهِ

ويَستوي فيهِ مَن دانوا ومَن جَحدوا

مُدَّي إليَّ يَداً تُمْدَدْ إليكِ يدُ

لابُدَّ في العيشِ أو في الموتِ نتَّحِد

كُنَّا كشِقَّينِ وافي واحداً قدَرٌ

وأمرُ ثانيهما مِن أمرِهِ صَدَد

ناجيتُ قَبرَكِ استوحي غياهِبَهُ

عن ْحالِ ضيفٍ عليهُ مُعجَلا يفد

وردَّدَتْ قفرةٌ في القلبِ قاحِلةٌ

صَدى الذي يَبتغي وِرْداً فلا يجِد

ولَفَّني شَبَحٌ ما كانَ أشبَههُ

بجَعْدِ شَعركِ حولَ الوجهِ يَنعْقد

ألقيتُ رأسيَ في طيَّاتِه فَزِعاً

نظير صُنْعِيَ إذ آسى وأُفتأد

أيّامَ إنْ صناقَ صَدري أستريحُ إلى

صَدرٍ هو الدهرُ ما وفى وما يَعِد

لا يُوحشِ اللهُ رَبعاً تَنزِلينَ بهِ

أظُنُ قبرَكِ رَوضاً نورُه يَقِد

وأنَّ رَوْحكِ رُحٌ تأنَسِينَ بها

إذا تململَ مَيْتٌ رُوْحُهُ نَكَد

كُنَّا كنبَتةِ رَيحانٍ تخطَّمَها

صِرٌّ . فأوراقُها مَنزوعَةٌ بَددَ

غَّطى جناحاكِ أطفالي فكُنتِ لهُمْ

ثغراً إذا استيقَظوا ، عِيناً اذا رقَدوا

شّتى حقوقٍ لها ضاقَ الوفاءُ بها

فهلْ يكونُ وَفاءً أنني كمِد

لم يَلْقَ في قلبِها غِلٌّ ولا دَنَسٌ

لهُ محلاً ، ولا خُبْثٌ ولا حَسد

ولم تكُنْ ضرةً غَيرَى لجِارَتِها

تُلوى لخِيرٍ يُواتيها وتُضْطَهد

ولا تَذِلُّ لخطبٍ حُمَّ نازِلُهُ

ولا يُصَعِّرُ مِنها المالُ والولد

قالوا أتى البرقُ عَجلاناً فقلتُ لهمْ

واللهِ لو كانَ خيرٌ أبطأتْ بُرُد

ضاقَتْ مرابِعُ لُبنانٍ بما رَحُبَتْ

عليَّ والتفَّتِ الآكامُ والنُجُد

تلكَ التي رقَصَتْ للعينِ بَهْجَتُها

أيامَ كُنَّا وكانتْ عِيشةٌ رَغَد

سوداءُ تنفُخُ عن ذِكرى تُحرِّقُني

حتّى كأني على رَيعانِها حَرِد

واللهِ لم يحلُ لي مغدىً ومُنْتَقَلٌ

لما نُعيتِ ، ولا شخصٌ ، ولا بَلَد

أينَ المَفَرُّ وما فيها يُطاردُني

والذِكرياتُ ، طرُّيا عُودُها ، جُدُد

أألظلالُ التي كانتْ تُفَيِّئُنا

أمِ الِهضابُ أم الماء الذي نَرِد؟

أم أنتِ ماثِلةٌ ؟ مِن ثَمَّ مُطَّرَحٌ

لنا ومنْ ثَمَّ مُرتاحٌ ومُتَّسَد

سُرعانَ ما حالتِ الرؤيا وما اختلفَتْ

رُؤىً ، ولا طالَ – إلا ساعةٍ – أمَد

مررتُ بالحَورِ والأعراسُ تملؤهُ

وعُدتُ وهو كمثوى الجانِ يَرْتَعِد

مُنىً – وأتعِسْ بها – أنْ لا يكونَ على

توديعها وهيَ في تابُوتها رَصَد

لعلَّني قارئٌ في حُرِّ صَفْحَتِها

أيَّ العواطِفِ والأهواءِ تَحْتَشِد؟

وسامِعٌ لفظةً مِنها تُقَرِّظُني

أمْ أنَّها – ومعاذَ اللهِ – تَنْتَقِد

ولاقِطٌ نظرةً عَجلى يكونُ بها

ليْ في الحياةِ وما ألقى بِها ، سَند

نبذة عن القصيدة

المساهمات


التَمحْلُ

التَّمَحُّلُ أَيِ الاحتِيَال وسَلْك الطُّرُق المُلتويَة للوُصُولِ إلى أمرٍ ما .

تم اضافة هذه المساهمة من العضو حيدر البخاتي


اعتاصتْ

اِعتاصَ أي صَعُب الأمْرُ وامتنعَ حَلّه .

تم اضافة هذه المساهمة من العضو حيدر البخاتي


أُمَّ فُراتٍ

زَوجَةُ الجَّواهِري .

تم اضافة هذه المساهمة من العضو حيدر البخاتي


لاعِجِها

اللّاعِجُ هُوَ الهَوَى المُحرِقُ للقَلبِ .

تم اضافة هذه المساهمة من العضو حيدر البخاتي


اللَحد

اللَّحد هُو القبْر، أي يَقُول " حَتَّى وإن فَصَل بيننا القبْر " .

تم اضافة هذه المساهمة من العضو حيدر البخاتي


بالرُوح رُدِّي عليها إنّها صِلةٌ بينَ المحِبينَ ماذا ينفعُ الجَسد

يَطلُبُ الجَّواهِرِي هُنا أنْ تَرُدَّ زوجَتُهُ عَليهِ بِروحِها حتّى وإن لمْ تستطعْ أن تُردّ عليهِ بجَسَدِها، فَالرُوحِ هِي ما تُوصِل المُحبّين ببعضِهم بعضًا، فما نفعُ الجَّسدِ إذن ؟

تم اضافة هذه المساهمة من العضو حيدر البخاتي


صَدى الذي يَبتغي وِرْداً فلا يجِد

أي أنَّه باتَ يُناجيها مِن القبْر، ولكنْ ما الفائِدةُ وهي قد فَارَقتِ الحَيَاةَ ولا تَرُدُّ عليه، وُيشبّه حَالُه بالّذي يذهَبُ عطشانًا لشُربِ المَاء، فَلَا يَجِدُ ماءً يَرويه .

تم اضافة هذه المساهمة من العضو حيدر البخاتي


كُنَّا كنبَتةِ رَيحانٍ تخطَّمَها صِرٌّ . فأوراقُها مَنزوعَةٌ بَددَ

أي أنَّهم كانُوا كنبتةِ الرَّيحانِ الّتي قَهَرتها الرِّياحُ فَبَدَّدَتْ أَوراقها .

تم اضافة هذه المساهمة من العضو حيدر البخاتي


الآكامُ والنُجُد

الآكامُ جمعُ الأَكَمة وهي التلَّة، والنُّجُد جمعُ نجْد وهِي الهَضَبة .

تم اضافة هذه المساهمة من العضو حيدر البخاتي


حَرِد

الحَرِد هُو المُستاءُ من أمرٍ مَا، ويُقالُ أحيانًا للمُنعَزِل عن النّاسِ حَرِدٌ أيضًا .

تم اضافة هذه المساهمة من العضو حيدر البخاتي


مُتَّسَد

فِعلٌ مُستَحدَثٌ، أي أنَّ الشَّخصَ اتَّخَذَ مِن شيءٍ مَا وِسادة .

تم اضافة هذه المساهمة من العضو حيدر البخاتي


تُقَرِّظُني

قَرَّظَ الشَّيءُ أي وَصَف مَحاسِنَه ومَزَايَاه .

تم اضافة هذه المساهمة من العضو حيدر البخاتي


معلومات عن محمد مهدي الجواهري

avatar

محمد مهدي الجواهري حساب موثق

العراق

poet-jawahiri@

216

قصيدة

2

الاقتباسات

2007

متابعين

محمد مهدي الجواهري (26 يوليو 1903 – 27 يوليو 1997): شاعر عربي عراقي، يعتبر من بين أهم شعراء العرب في العصر الحديث. تميزت قصائده بالتزام عمود الشعر التقليدي، على جمال ...

المزيد عن محمد مهدي الجواهري

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة