الديوان » العراق » محمد مهدي الجواهري » إلى المجد .. إلى القمة

عدد الابيات : 83

طباعة

إلى المجد مستقبل يُصنَعُ

"ببغداد"، من حُسنِها أروعُ

تَحَضَّنَه الصفوةُ " الباعثون "

حماةً كِفاءً لما استُودِعوا

ترعرع في الخاطِر "العبقريّ"

على وَمَضاتٍ له يُطْبَع

وطاف به من دُنَى الموحيات

زعيمٌ بإنضاجِه مُولَع

وناغاه مجدٌ طَريفٌ يلوحُ

ومجدٌ تَليدٌ ويسترجع

فجاء على صورةٍ بَرْزَةٍ

تَصوَّرها خالقٌ مُبدع

إلى المجد .. ما روَّضَ الصامدون

من العاصيات ، وما طوّعوا

وعاشتْ يدٌ برَّةٌ عندها

بما غدرت إصبَعٌ تُقْطَع

وللشمس .. يومٌ أغرّ الضُّحى

به الشّملُ من أُمَّةٍ يُجْمع

تَحِنُّ إلى غَمَراتِ الزُّحوف

فَتَخْفُقُ أعلامُها الشُّرَّع

وتصهلُ خيلٌ إلى وقْعةٍ

يَرج بها الموقعَ الموقع

وتصبو الأكفُّ لبَرْدِ السُّيوفِ

إلى يومِ تبترِدُ الأضلُع

إلى المجد .. يا غُرَرَ المشرقَيْن

على " جبهةٍ " حرّةٍ تطلُع

تهادت على ذَكَوَات العراق

ذُيولٌ من العزّ تَسْتَرْفع

وقفَّت مواكبَ "منصورِها"

مواكبُ نصر لها تتبع

أطلَّت على "جبهةٍ" حولها

تشابكُ حبّا بها الأذْرُع

كأنَّ "ببغداد" عُرْسَ الربيع

تُزَفُّ به أرْبعٌ أرْبَع

كأنَّ " الهلاهلَ " من غِيدها

نوابض أفئدةٍ تُسرع

كأنَّ "المزاميرَ" فوق الشفاه

طيورٌ على فَنَنٍ تَسْجَع

كأنَّ " الصبايا " بألعابها

حمائمُ في شَبَكٍ وُقَّع

تناقلُ لم يختلِفْ جمعُها

ولكنّما اختلف المجمع

ويا "بَرَدَى" أيُّها السّلسبيلُ

من كُلّ عرقٍ بنا يَنْبَع

يَضُوعُ الرَّذاذُ على الضَّفَتينِ

وتُنْتَشَقُ الطينةُ (الأضوع)

وتَرْفِد "حسّانَ" في عزّه

كؤوسُ "بني جفنة" تُتْرع

دلفنا إليك نَزفُ الهوى

ونشكو من الوجد ما ننزع

أحقا صددت عن "الرافدين"

وبابهما بابُك المُشْرَع

و "شامك" "بغدادُنا" المزدهاةُ

و "بغدادُنا" شامك الممتع

ويا نسمةَ الصبح في "الغوطتين"

تنفَّسَها المورِقُ المُمْرع

نظل على شَهَقاتِ الحياة

بما تَنْفَحين به نطمَع

ويا إخوةَ الدَّمِ في المشرقَيْنِ

إلى "الضاد" ما بينها ترجع

تفيأ كلّ خفوقِ الظِلال

يثير المصيفَ بها المَرْبَع

وتبقى مواطنُها الفاتناتُ

على كل فاتنةٍ بُرْقُع

تُذادُ بها فكرةٌ حُرّة

وينبو بذي الفِكرةِ المضجع

عسى "يوم بغداد" يلغي الحجاب

وينهي النهاة، وما شرعوا

ويا عسى "مصرُ" ، يا أمُّ، يا أمة

بها يشمَخُ الشَّرفُ الأرفع

ويا دُرَّةً في زِحام الخُطوبِ

وقد صَدِئتْ دررٌ

ويا دارةَ "المبدعينَ" الضِخامِ

بهم يُقتدى ، ولهم يُخْشَع

على حبكَ انطوتِ الأضلعُ

تلوبُ بها جمرةٌ تلذَع

مصيرُكِ يا مصرُ لا "الكامبياتِ" !

ولكنْ مصائرُنا أجْمَع

وعندكِ للنُّخَبِ الحافظينَ

سِجِلٌ يمرّغ من ضيعوا

سوى أنَّ "ذا تِرَةٍ" خائنا

مع الركب من "واترٍ" يضلع

يُعَرّي له جَبَهاتِ الصمود

فيُخْلَى له الأمَدُ الأوسع

يَعِزُّ على الحُرّ أن يَفْتلي

رِقابَ بنيك .. ولا يُخْلَع

ذليلٌ .. وجُرما أتى موجع

وأن تَستذلي له أوجع

أتُبْقِيْنَ "يا مصرُ" من يُسْتباحُ

على يده الحَرَمُ الأمْنَع

خذيه "عتيقا" ، ولا تَصْرعيهِ

فليس جديرا به المَصْرَع

وتِلّيهِ خَزيان حتى الجبين

جبين "لعجل" الخنا يُهْطِع

‏ومدي له العمر يَجْرَعْ به

من الهُون، والعار ما يَجْرَع

دعيه و "كرشا" غنيّا له

ونفسا لها فقرُها المُدْقع

فما تنفع الأُطُمُ العامراتُ

نفوسا ضمائرُها بَلْقع ؟؟

سَرَاة الحمى .. أجْمِعوا أمْركم

وحكمُ المروءةِ أن تَجْمَعوا

وحكم المروءةِ أن تُنْجدوا

هُتافَ الجُموعِ، وأن تَصْدَعوا

وشدّوا حيازيمكم إنّها

حقيقٌ بها الحازمُ الأروع

فقد هال أمرُكم الخافقَيْنِ

على ما يروعُ، وما يُفْزِع

وراح وأسماعُهُ الواجفاتُ

تُصيخُ، وأجراسُه تُقْرَع

ورُحتم بفخرَيْنِ من يستميتُ

في الذبّ عنكم .. ومن يَهْلَع

على أنَّ خلفَكُمُ مربأ

ومن خلفه غادرٌ يَقْبَع

ومستوحش من مَدِبِّ الذئابِ

يضيقُ به المذئبُ المسبعُ

وأنتم كِفاءٌ بأن تُلْجِموا

شُدوقا جياعاً، وأن تَرْدَعوا

وأنْ تُفْرِحوا كلّ ذي غُلّةٍ

سيُثْلِجُها غاصبٌ يَفْجع

سَرَاةَ الحمى .. نفثةً حرةً

إليها على مضض أُهْرَع

أسيفاً على فرط صمتِ الشّفيع

على غوثِ أهليه يستشفع

وفرط التغامض عن أعينٍ

مضتْ حِقَبٌ وهي تَستطلع

إليكم .. وأنتم عَصُوفُ الرياحِ

غضوبٌ إذا انتفضت زَعْزَع

تَشَمَّمُها في الوكورِ النُّسورُ

وتستافُها سحبٌ تُقْشَع

نبا صبرها عن دروعِ الصدورِ

وشُدَّ على قوسِها المنْزع

ثلاثون سودٌ كسودِ القبورِ

يطوفُ بها الشبَحُ المُفْزِع

تُساطُ بها الروحُ قبلَ الجُلود

ويُعْتَصَرُ الدَّمُ، والأدمُع

أُنوفٌ تراغم منها "اليهود"

وعجلُهُمُ الأصْلَمُ الأجدع

وشمّ جباهٍ كخَفْقِ الصُّقور

عظاماً تناثرُ، أو تضرع

وصرعى خيام كثوب اليتيمِ

بها "القَرُّ" و "الحَرُّ" يستمتع

على " مِزَقٍ " بعد بيض القِبابِ

وخُضْرِ الحُقولِ، وما تُفْرِع

" وقدسٌ " تَعطَّلَ فيه الأذانِ

وذيد به السُجَّدُ الرُّكَّع

ونحن إلى نَجدةِ الواهبين

بأضعفِ إيمانِنا نَقْنَع

سَراةَ الحمى .. والحِمى جَذْوةٌ

عجابٌ، إذا اختنقت تَسْطع

تُعَدُّ الجَحيمَ .. ولا تُجْتَلَى

ورعدَ الأزيزِ .. ولا يُسْمَع

وتَنْدَسُّ تحت عميّ الرماد

زمانا .. وتخدع من يخدع

وتَطْغَى فلا ترحمُ الراحمين

ولا المُرضِعاتِ ، وما تُرْضِع

وتحسو الدماءَ .. ولا ترتوي

وتأكل خَلْقاً .. ولا تشبَع

وتصبح بردا بُعَيْدَ الحِصَادِ

وتُخصِبُ دنيا بما تزرع

فكونوا بحيث يكونُ الوُعاةُ

بما يُستزاد، وما يُدفَع

ومدّوا " يدَ الله " .. عن حقكم

تذودون ، وهي اليد الأرفع

وللمجد .. مستقبلٌ يُصنع

" ببغداد " .. من حسنها أروعُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن محمد مهدي الجواهري

avatar

محمد مهدي الجواهري حساب موثق

العراق

poet-jawahiri@

216

قصيدة

2

الاقتباسات

2007

متابعين

محمد مهدي الجواهري (26 يوليو 1903 – 27 يوليو 1997): شاعر عربي عراقي، يعتبر من بين أهم شعراء العرب في العصر الحديث. تميزت قصائده بالتزام عمود الشعر التقليدي، على جمال ...

المزيد عن محمد مهدي الجواهري

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة