عدد الابيات : 20
إن كان أتعبَكَ التفكُّرُ في الورى
فالدهرُ يغزلُ للورى أقدارَهُ
وهناك أقصى همِّ فاتنةٍ غَوَت
عمّن يسلّطُ نحوها أنظارَهُ
وهناك أقصى همِّ ثاكلةٍ هَذَت
أن لا يطيلَ فقيدُها إدبارَهُ
وهناك يُعجبُ ذو الهوانِ بحظِّهِ
وهناك يندبُ ذو المكارمِ عارَهُ
وهناك يبري الجوعُ أضلعَ ناسكٍ
وهناك يبري عازفٌ أوتارَهُ
ما أوقحَ الدنيا وسُحْقًا للورى
ليت الزمانَ يزيلُ عنه ستارَهُ
كم خان خلٌ خلَّه ولقد ترى
أحدًا تبوحُ ظلالُهُ أسرارَهُ
والعاشقون العاشقون همُ همُ
دقَّ الغرامُ بنبضهم مِسمارَهُ
ولهم جوانحُ كالغصونِ ترقّبت
طيرًا يبدّلُ بالهوى أوكارَهُ
لله كم في الغُصْنِ من لهفٍ على
طيرٍ ترحَّلَ قاطعًا أخبارَهُ
حتى إذا ما شاخ صار لعابرٍ
حطَبًا ليشعلَ منه فيه نارَهُ
لله كم في النار من غُصُنٍ قضى
عمرًا يُطلُّ مُراقبًا أطيارَهُ
وأنا المغني لستُ إلا شاعرًا
ركِبَ القصيدةَ مُعلنًا إبحارَهُ
خَرَقَت قصائدُه القصائدَ كلَّها
وأقامَ فوق كنوزهنّ جدارَهُ
أرنو إلى الأيامِ كيف تقلّبت
وصدى الفجائعِ عازفٌ مزمارَهُ
لو يُسكنُ الزمنُ القديمُ سكنتُهُ
ونفضتُ عن كتِفِ الهلاكِ غُبارَهُ
وأقمتُ ثَـمَّ لياليًا ولياليًا
وقطعتُ عن ليل الغرامِ نهارَهُ
لكنها الأيام فرّت من يدي
كالعطرِ فرَّ مُفارقًا أزهارَهُ
وظللت أرنو عاشقًا متوقفًا
تأبى السنينُ بأن يُـتمَّ مَسارَهُ
سارت بنا والدهرُ شيخٌ مُقعدٌ
وأصمُّ يغزلُ للورى أقدارَهُ
20
قصيدة