الديوان » مصر » ولي الدين يكن » ديار الحمى حيث القنا والصوارم

عدد الابيات : 82

طباعة

ديار الحمى حيث القنا والصوارم

تحييك من عيني الدموع السواجم

لقد طرقتك الحادثات فجأة

وأهلك في أمن وبأسك نائم

فبيناك والليلات فيك ولائم

إذا بك والأنهار فيك مآتم

لك الله لا تنفك عنك نوائح

ألم يبق في ذا الدوح إلا الحمائم

أدهرك ذا الوادي من الدم مترع

إذا أمسكت بالوبل عنه الغمائم

حلمنا بشيء وانتبهنا بضده

وما يجتبي من كاذب الحلم حالم

وكانت لجاجات فلما تيسرت

تزهد مشتاق وأقصر هائم

أقيم بناء بالعراء على شفا

ولم تقو آساس له ودعائم

فما ظن منه قائماً فهو مائل

ومن ظن منهم بانياً فهو هادم

وهل يتفع الأطلال تجديد عهدها

إذا درست آثارها والمعالم

لحى الله قوماً حملوك مغارماً

وراحوا وفي الأعناق منك مغانم

هم وعدوك العدل كي يظلموابه

أباً ظالماً لكن دهتك المظالم

ولا خير في ملك إذا جار شعبه

ولا خير في ملك إذا جار حاكم

وكيف أتقاء الخطب قد جل وقده

إذا بردت تحت الصدور العزائم

وأربعة مرت ولم تحل لامرىء

تهادت على الأقطار وهي سمائم

سعت بالنيوب العصل تنفث موتها

ولا عجب بعض السنين اراقم

تعوض يأساً من غدا وهو أمل

وشام يقيناً من سرى وهو واهم

ولما أباحوا حرمة الرأي للهوى

أهابت باطماع الغواة المآثم

فهبت هبوب الريح من كل جانب

تدافع عنها غيرها وتزاحم

فما تستطيب الحكم فيه مشارك

ولا تستلذ الغنم فيه مقاسم

ويمسي لديها طائع وهو خائف

ويضحي لديها آمر وهو واجم

وليس بمجد في الغواية ناصح

وليس بمجد في الصبابة لائم

وكيف يقر المجد في ظل دولة

وحامدها يحيى بها وهو ناقم

تداعوا لنصر والرجا عنك ذاهب

فهلا تداعوا والرجا لك قادم

وبت وبات الداهمون تعاضدوا

فإما تراخى داهم شد داهم

فلم أر خطباً مثل خطبك ناهضاً

يدافعه ملك كملكك جاثم

ولم أر مجداً مثل مجدك ناصعاً

يظله حظ كحظك قاتم

تطالعك الأقدار وهي عوابس

ويا طالما حيتك وهي بواسم

وترثي لبلواك المدائن رحمة

وقد حسدت فيك السرور العواصم

فيامن رأى تلك الفتوح التي خلت

تجرع أسى قد أعقبتها الهزائم

لإن كنت في شكران حالك جازماً

فما أنت في شكران ماضيك جارم

سنبكي لعهد عاره متجدد

ونأسى بعهد مجد متقادم

وفي الدمع والتأساء تخفيف لوعة

إذا أثقلها الكاربات الكواظم

ومعترك للموت أنت سماؤه

فنقع وأما أرضه فجماجم

تنازع فيه الضر خصمان أعزل

يدافع عن ملك وشاك يهاجم

تأخرت الأعلام عن مستقرها

وفر محاميها موقر المخاصم

تفزعت الآجام وهي شواهد

ضراغمها تسطو عليها الضراغم

نجاوبها من حولها في زئيرها

رعود لها في الخافقين زمازم

مدافع منها قسطل متراكب

بنادق منها عارض متراكم

وصائب حتف مستهل فواقع

وراجف روع مستطار فحائم

ووجه ردي في أوجه الكل ضاحك

ووجه رجا في أوجه البعض ساهم

كأن الوغى قد صار في أنفس الورى

هياماً فمن يقتل يمت وهو هائم

فما لهم غير الدماء مشارب

ولا لهم غير الرمام مطاعم

إذ آنسوا ضعفاً فكل محارب

وإن وجدوا بأساً فكل مسالم

وما خير سلم فوقه الشر عاصف

وموج المنايا تحته متلاطم

تشير أكف بالسلام خديعة

وتنزوا بأخرى للصدور الصوارم

وكم كان في هذي النفوس منافس

فلم يبق في هذي النفوس مساوم

ولم تبق في الدنيا لنفس فضائل

ولم تبق في الدنيا لطبع مكارم

هوت فرق كليسا عند أول صدمة

ولما يكن في قرق كليسا مصادم

أناف عليها جحفل متحامل

وطال عليها مأزق متلاحم

تقاعس عبد الله فيها عن العدى

ولم يلق عبد الله جيشاً يقاوم

وقد كان فيها سلة من ضراغم

فبادت وولت للنجاة النعائم

بدت تستغيث الهاربين من الردى

زيانب في أترافها وفواطم

سوافر في ذاك الدجى قد تبذلت

ترائب منها روعة ومعاصم

فليس لها عن مورد العار دافع

وليس لها من مصدر اليأس عاصم

أما كان في القوم المغيرين راحم

فقد قيل في القوم المغيرين راحم

أدرنة لا يبرح دعامك قائماً

فإن دعام الحرب تحتك قائم

عرمت عرام الدهر جاشت صروفه

وهل يستذل الدهر والدهر عارم

ألا إن هذا موسم المجد عائداً

ولا غرو للمجد الاثيل مواسم

يظل بنوك الباسلون بعزهم

وآناف اعداهم لديك رواغم

تبوأت بين الموت والهون موضعاً

اقرك فيه خطبك المتفاقم

فإن تشتهي موتاً يرق لك كأسه

وإن تسأمي هوناً فمثلك سائم

إذا نحن أعظمنا بلاءك روعة

فذاك بلاء أعظمته العظائم

فإن تسلمي تنسي رزينة هالك

وإن تهلكي لا يهنأ العيش سالم

شطلجة لا تنفك عنها خضارم

كذلك لا تنفك عنك خضارم

فيا عجباً للويل فيه مشاكل

ويا عجباً للويل منه ملائم

يا بلادي مالي لا ارى غير واطيء

ثراك ألما يبقى في الناس لائم

توالتك تيجان فشادت لك العلى

فلما أستتمت هدمتها العمائم

لإن كان في الأسلاف بينك غالب

فما كان في الأسلاف بينك حازم

لقد بان عنك الرأي مذبان كامل

وقد مات فبك البأس مذ مات ناظم

طغى الشرفي بعض النفوس ولم يزل

يرب إلى أن اعلن الشر كاتم

ألا جمح الغاوون فيك جماحهم

فهيهات تجدي بعد هذا الشكائم

تولوا سراعاً حين سلت بواتر

وعادوا سراعاً حين صلت دراهم

فجاؤا يسوسون الأنام سياسة

سدى لم تسسها قبل ذاك البهائم

فكم عالم صاحوا به أنت جاهل

وكم جاهل قالوا له أنت عالم

أقاموا وما فيهم عن الزور تائب

وظلوا وما فيهم على الختل نادم

عزيز علينا أن ذا الملك ذاهب

وأن الذي قد أذهب الملك دائم

صحا كل شعب فاسترد حقوقه

فياليت يصحو شعبك المتناوم

هو الشعب أفنى دهره وهو خادم

وليس له فيمن تولوه خادم

يقلب كم عهد لعهد على الأذى

إذا زال عنه غاشم جد غاشم

أعادينا حكمتم السيف بيننا

فجار وحكم السيف كالسيف صارم

فلا تطمعوا أن تهضمونا بهذه

فليس لحر في البرية هاضم

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن ولي الدين يكن

avatar

ولي الدين يكن حساب موثق

مصر

poet-waliy-al-deen-yakun@

90

قصيدة

286

متابعين

ولي الدين بن حسن سري بن إبراهيم باشا يكن،شاعر مصري تركيّ الأب شركسيّ الأم. ولد سنة 1873م في استانبول ثم انتقل الى القاهرة، توفي اباه وعمره 6 سنوات، فتكفل به ...

المزيد عن ولي الدين يكن

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة