الديوان » لبنان » خليل الخوري » لم يبق لي صبر ولا كتمان

عدد الابيات : 35

طباعة

لَم يَبقَ لي صَبرٌ وَلا كِتمانٌ

كَلا وَلا دينٌ وَلا إِيمانُ

اِستَغفر اللَهَ العَظيم بذلتي

قَد ضِقتُ ذِرعاً فَاِستَطالَ لِسانُ

أَنا قَد جَننتُ فَما اِحتِيالي بِالقَضا

لا بُغيَةً تَقضى وَلا سُلوانُ

كُفي حِرابَكِ وَاِرفِقي بِحشاشَتي

ما لي اِحتِمالٌ إِنَّني إِنسانُ

ما زالَ في قَلبي يُنبهُ مضرما

نار الصَبابة طَرفكِ النَعسانُ

وَقِوامك الفَتاك يَسلب مُهجَتي

وَيَضيعُ عَقلي وَجهَكَ الفَتانُ

تَمضي السِنينُ وَلي عَذابٌ ثابِتٌ

بِازاءِ وَجهي وَالأَذى أَلوانُ

ها كُلُ أَمرٍ في البَرية يَنقَضي

لَكن لامري لَيسَ يُصلِحُ شانُ

قَد أَصلَحَ الشام البَهيج بِنعمَةٍ

بَعدَ المَصائِبِ وَازِدَهى لُبنانُ

وَأَنا لِسَخطِكِ في مَصابٍ دائشمٍ

زادَت بِهِ الأَكدار وَالأَشجانُ

وَالنيلُ أَحيى أَرضَ مَصرَ بِجودِهِ

فَاِمتَدَّ فَوقَ مُروجِها الفَيضانُ

وَوَفا الوَفاء لِكُل ظام ساكِباً

كاسَ الصَفا وَأَنا أَنا الظَمأنُ

وَفوارس الجَبل الأَصَم الأَسود العاصي

لَقَد تَرَكوا الحُروب وَدانوا

تَرَكوا العِناد مَع الفَساد وَأَذعَنوا

وَعِناد فكرك ما لَهُ إِذعانُ

وَبِتونس الخَضراء قَد خَمد اللَظا

بَعدَ العَواصف وَاِنمَحى العِصيانُ

وَعَواصف الحُب المُريعة في حَشى

هَذا الخَليل يَثيرُها الهُجرانُ

وَالشَركَس الأَبطال بَعدَ خُروجِهُم

قَد هاجَروا فَحماهُم السُلطانُ

وَجَدوا لَهُم وَطَناً بِواسع مُلكِهِ

وَغَدا يَفيض عَلَيهُم الإِحسانُ

لَكنَّ بثخلَكَ لا يَزالُ مُعَذِبي

مَن رامَ جودَكَ ضَرَهُ الحِرمانُ

فَأَنا لِهَجرِكَ في شَتاتٍ دايِمٍ

مَنفىً وَما لي في البِلاد مَكانُ

ما لي سِوى الدُنيا الجَديدة مشبهٌ

بِدَوام حَربك ما جَرى الدَوَران

أَفنوا الحَديد عَلى الجُسوم فَبَعدُهُ

أَي الجُسوم لَدى الحُروب تُصانُ

وَسِهامُ لَحظِكَ لَيسَ يُدرِكُها الفَنا

هَطَلَت فَقُلتُ العارض الهتانُ

ما في الشَمالِ مَواقِعٌ لَكَ تَقتَضي

خَلَفاً وَما لي في الجُنوب مَكانُ

لَكِ في المَشارِقِ مَطلَعٌ مِن نورِهِ

أَجدِ الهُدى وَبِهِ الضَليل يُعانُ

ها نَحنُ في عَصرٍ بَهيجٍ رائِقٍ

في الشَرقِ لا ظُلمٌ وَلا عُدوانُ

فَتَرَفُقي لُطفاً بِمغرمك الَّذي خَلَع

العزار وَهَزَّهُ الهَيمانُ

طالَ الدَلالُ فجارَ في إِحكامِهِ

فَهِبي الوِصالَ لِتَنقَضي الأَحزانُ

ماذا عَلَيكَ إِذا سَمحت بِزورةٍ

وَبِرَشفَةٍ يَحيي بِها الوَلهانُ

لا تَختَشي مِن قُرب خلك وَاِربعي

فَالوَقت صافٍ وَالمَكانُ جِنانُ

لِمَ ذا التَباعُد وَالنفار مَع الجَفا

جُوراً وَنَحنُ عَلى الصَفا إِخوانُ

هَذا دَمي فَأَروي الثَرى مِن سَفكِهِ

فَعَسى تَخف بِسكبِهِ النيرانُ

أَو بَردي مِن ماء ثَغرِكَ غلَّتي

فَعَلى رِضا بِكِ أَنزل الرُضوانُ

لا تَرفُضي قَلبي الذَبيح فَإِنَّهُ

لالهِ حُسنِكِ في المَلا قُربانُ

هَذي يَدي فتقي بِعَهدي دايِماً

قسماً بِلُطفِكَ ما أَنا خوانُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن خليل الخوري

avatar

خليل الخوري حساب موثق

لبنان

poet-Khalil-Khoury@

94

قصيدة

61

متابعين

خليل بن جبرائيل بن يوحنا بن ميخائيل. شاعر، كاتب وأديب ولد في الشويفات بلبنان وتعلم في بيروت وأنشأ بها جريدة (حديقة الأخبار) سنة 1858م، ثم جعل مديراً للجريدة الرسمية ومطبعتها ...

المزيد عن خليل الخوري

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة