الديوان » العصر المملوكي » شهاب الدين الخلوف » تبسم ثغر للصباح شنيب

عدد الابيات : 118

طباعة

تبسم ثغر للصباح شنيب

فلاح بغرد الليل منه مشيب

وفرّت ظباء الزهر من قائص الضيا

كما نفرت خوف الغضنفر نيب

وراع نجيب الغيم واجر رعده

كما ارتاع من صوت الجلاجل ذيب

وأذرت جفون السحب عبرة مزنها

وقد حان من تلك النجوم غروب

وفضّ ختام الروض عن نشر طيبه

فهبّ نسيم للنسيب نسيب

وأومض برق من ثنايا عذيبه

فسح سحاب للدموع سكوب

ولاح جبين للغزالة نير

فماس قوام للقضب وطيب

وأشبه غصن البان في الدوح منبرا

فقام عليه للحمام وخطيب

وللطفل في فهد الأزاهر لهجة

وللريح من حجر الرياض هبوب وللزه

في هام الأراكة وقفة

وللنهر ما بين الغصون دبيب

سقى الدمع أكناف العقيق وإن غدا

يشابهه في الحد حين يصوب

وحي الحيا وادي الغضا وأهيله

وإن شب منه في الفؤاد لهيب

فيا أربعا مذ رضت نجم رياضها

تلاعب فيها شمال وجنوب

بعيشك هل تدرين أن مدامعي

تشيع جوى الفؤاد يذوب

فللحسن منكن النضارة والبها

وللحزن منا أعين وقلوب

ويا ليلة قد شب عمرو وصالها

عن الطوق لما إن دعاه مشيب

كأنّ دجاها دوحة بين أيكها

فؤادي وحبي طائر وقضيب

رشفت بها كأس الهوى ومنادمي

مهاة بألباب الأسود لعوب

كحيلة مجرى الطرف أما جبينها

فراء وأما ثغرها فشنيب

أيا علمي نجد أما من مسامر

يسامره حتى الصباح غريب

غريب إذا ما سودّ وجه الدجى وإن

تبسم ثغر الصبح فهو كئيب

كئيب حزين نازح الدار شفه

سقام كما شاء الغرام مذيب

ينوح على ما فات من عيشه وهل

يريح نواح أوفيد نديب

وما هاجني إلا حمام لشدويه

أنين إذا جن الظلام يطيب

عليم بطرف السجع أما أنينه

فوجل وأما نوحه فنسيب

يظن حزينا نائحا فوق أيكه

وما هو إلا صادح وطروب

أسائله عن حاله فيجيبني

وسيان منا سائل ومجيب

فيا قلب والأحشاء غير جواذع

أما حان بعد البين منك وجيب

ويا دمع والأجفان غير موانع

أما آن من صوب العهاد صبيب

ويا صب والأيام غير رواجع

أما لك من داء الفراق طبيب

فكل صباحي لوعة وتاسف

وكل مسائي أنة ونحيب

أراعي أفقول النجم وهو مسامر

وأرعى بزوغ الفجر وهو رقيب

ويكفيني لهف البعاد وطالما

رتعت بروض القرب وهو خصيب

ويحزنني شخص المزار قلما

يسر محب قد جفاه حبيب

ولما دعا داعي الوادع وفجعت

غرابيب بين نعيهن نعيب

تعرّض لي بالأبرقين بوارق

يشوقك منها صادق وكذوب

فغادوتها الأشواق وهي روائح

وهل يتساوى ناوح وقريب

يمينا لأطوى شقة البيد مسرعا

بحرف لها مثل الرياح هبوب

غدا فرة كرماء عوجاء جسرة

جموع علنداة قلوص ركوب

شمردلة قوداء عنس شملة

أمون صلخداة صموت لعوب

مكلثمة العشون مهصومة الكلا

تخب كأيم في الفلاة بسيب

دميلة سير لا أزال لوخدها

أحول بأعناق الصبا وأجوب

لشهد في بطحاء مكة غادة

بها الحسن خال والجمال نسيب

وأسمع في أطيارها من سجعه

تشق قلوب لا تشق جيوب

وأنشق من أرجائها كل عاطر

يضوع عند التنشق طيب

وألثم من نورها كل مبسم

تمازج فيه سكر وحليب

فيا غاديا يطوي الفلا بعزائم

لها في غرامي سابق ونجيب

لئن طوحت أيدي النوى بك غيلة

فيمم محل الأمن فهو قريب

وإن ضقت ذرعا فأعمل العيس قاصدا

حمى المصطفى المختار فهو رحيب

نبئ شريف صادق القول مرسل

عزيز وكي مجتبى وحبيب

جليل عظيم خاتم الرسل فاتح

خليل شفيع أرحي وهوب

بشير نذير حاشر الخلق عاقب

سراج منير طاهر وحسيب

مطاع مكين صفوة الله مرتضى

نقي تقي خاشع ومنيب

غمام الندى شمس الهدى واضح

السنا جميل الثنا خير الأنام مجيب

مصيب لأعراض العلا قبل رميه

ولا عجب أن اللبيب مصيب

أعم الورى جودا وألمع واضحا

وحسبك غيث ملمع وسكوب

ففي كل غيث ما سواه تجهم

وفي كل شمس ما عداه شحوب

عليه لسيما المعجزات أدلة

وفيه لبذل المكرمات ضروب

تسنم أعلى ذروة العز مجده

وألبس ثوب الفخر وهو قشيب

وسار إلى المعراج في حفظ ربه

وجبريل حاد والبراق نجيب

وما زال حتى جاوز الحجب وارتقى

محلا عليه للجمال ندوب

وشاهد وجه الحق والحق ناظر

إليه بعين الاصطفا ومثيب

وقال له سل تعط واشفع بعزة

تشفع وقل تسمع فأنت حبيب

ولا تخش بعد القرب بيتا ووحشة

فأنت مكين عندنا وقريب

وعاد قرير العين بالفوز والرضا

إلى بيته والصدر منه رحيب

وأصبح ينبي عن عظيم مقامه

بصادع حق لم تشبه عيوب

وقام يدعوى الحق للخلق فاهتدى

منيب إلى الدعوى وضل مريب

وطابق بين البذل والمنع في الورى

فحبب منه مشهد ومغيب

ومر على نبت الحمى وهو مجذب

فاصبح بعد الجذب وهو خصيب

وبدر الدجى قد شق شوقا لقربه

كما حن خوف البعد منه عسيب

وشمس الضحى ردت له وبكفه

جرى وتثنى سلسل وقضيب

وأبدى ببدر سعد لصبحه

ونجم شقاء للعداة يصيب

وفي أحد قد وحد النصر دينه

فعززا إسلام وذل صيلب

دعا الدين من أقطاره فأجابه

فيا حبذا داع له ومجيب

وجلل أرض الكفر جيشين واحدا

يجول وجيشا في السماء يجوب

إذا شخصت في ذلك الجيش أعين

تمزّق من هذا حشا وقلوب

وإن شكت الهيجا والهيج أذاقها

زعافا عن السم الزعاف بنوب

وإن صال خطب كف شعراء كفه

ولم تثنه عما أراد خطوب

فكم قد سبى من ضيغم لا تهوله

نوائب تغتال الحجا وحروب

وكم قد علا بالغضب قرما فتله

صريعا ولم ينقذه منه هروب

وللسمو إشراق يزيح دجى الوغى

وللبيض في هام العداة غروب

وللجو طرف بالعجاج مكحل

وللأرض خدّ بالنجيع خصيب

سجية وضاح يضاعف بشره

إذا ما اغتدى وجه الكماة قطوب

وصبح نجاح إن دجى ليل فتنه

وصدر ارتياح إن أضر لغوب

وليث كفاح إن تراكم حارث

وغيث سماح إن تكاثر حوب

همام لهامات المصائب قارع

هزبر لأعناق الهياج ركوب

بكل شجاع لا يهاب فؤاده

حوادث خطب هو لهنّ مهيب

تؤيده في الحرب نفسه أبية

وقلب على كل الحروب عصيب

ورمح للبات الصناديد طاعن

وسيف لأعناق الطغاة ضروب

وطرف نجيب طامح الطرف سابق

مروح إذا هاج الهياج طروب

عتيل عربض مرهف القرن أجرد

أسيل سيوح أعوجيّ جنوب

طمر على سبق العتاق محافظ

جواد على السير الشريد دؤوب

يفوت وميض البرق والريح ذاهبا

ويختطف الأبصار حين يؤوب

له كفل كالترس محدودب الضلا

ومتن عظيم المنكبين نحوب

وساق ظليم زانه دور حافر

وجيد غزال طال فيه سبيب

وأذنا خذور كالسنان ومقلتا

طلى راعه القناص فهو هيوب

طويل الخطا عبل القوائم ضامر

قصير المطا رحب اللبان لعوب

بعيد المدى عالي الذرا

سالم الشطا تروقك منه غرة وعسيب

مكر مفر مقبل مدير معا

كبرق سحاب أنشأته جنوب

بنقع به سمر الرياح قبائل

وجوّ به بيض الصفاح شعوب

فيا لك منها عامل ومثقّف

وحسبك منها مخرم ورسوب

حراد ظبا تستتبع النصر يا لها

نجوما بآفاق الرقاب تغيب

قضت يوم بدر باكتمال مصدق

ومحق عدو قد حواه قليب

يجردهها في النقع ليث كسا العدا

ثياب هوان حشوهن شعوب

ترفع قدرا في العلا عن مشابه

فليس له في العالمين ضروب

نبئ كريم قد قصدت جنابه

ومن يقصد المختار كيف يخيب

طويل نجاد فيه مدحي مقصر

رفيع عماد إن نحته ركوب

محبب أوصاف ألم تر مدحه

يلد إذا كررته ويطيب

تسلسل مدحي في غريب حديثه

فصح به أن الحديث غريب

وكم مدحة لي فيه عالجها الغنا

وحطّت بها عنّي لديه ذنوب

فيا ربّ لا تكشف عيوبا سترتها

فأنت عليها شاهد ورقيب

ويا رب لا تكشف عيوبا سترتها

فأنت عليها شاهد ورقيب

ويا رب المختار فرج بليتي

فأنت عليها شاهد ورقيب

ويا رب لا تردد دعائي خائبا

ومن لم توفقه فكيف يتوب

دعوتك مضطرا وجئتك تائبا

فأنت لقولي سامع ومجيب

فوفق وسامح واعف واغفر خطيئتي

فأنت سميع للدعاء قريب

وصل على المختار ما لاح بارق

وأرعد وسميّ وهبّ جنوب

وبارك على آل النبي وصحبه

متى ما انثنى غصن وما كثيب

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن شهاب الدين الخلوف

avatar

شهاب الدين الخلوف حساب موثق

العصر المملوكي

poet-Shehab-Al-Din-Al-Khalouf@

401

قصيدة

64

متابعين

أحمد بن محمد بن عبد الرحمن شهاب الدين. شاعر تونسي، أصله من فاس، ومولده بقسنطينة، وشهرته ووفاته بتونس اتصل بالسلطان عثمان الحفصي، وأكثر من مدحه. زار القاهرة أكثر من مرة. ...

المزيد عن شهاب الدين الخلوف

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة