الديوان » العصر المملوكي » شهاب الدين الخلوف » لشاهد الدمع بالتجريح تعديل

عدد الابيات : 335

طباعة

لشاهد الدمع بالتجريح تعديل

وما لجفني يحلو النوم تعسيل

وللهوى حاكم قاض علي قضى

وما به قد قضى والله مقبول

قضى بسفك دمي في الحب محتكما

أما درى أنه عن ذاك مسؤول

يا ليت لو صانه كيما اشاهده

وهل يصان دم في الحب مطلول

يا نفس ديني بدين الحب واجتنبي

ما زخرفته على السمع الأقاويل

ولازمي الصدق والإخلاص فيه تري

هديا به سفهت تلك الأباطيل

فالحب بالصب أولى والغرام له

أهل تحاشيهم فيه التضالل

رضوا وراضوا نفوسا لم تمل لسوى

معنى لإجماله في الحسن تفصيل

هي النفوس النفيسات التي شرفت

أن تستنيب لما تدعو التخابيل

وارحمتاه لصب جسمه دنف

ودمعه مطلق والقلب مكبول

لا يستطيع اصطبارا وهو في قلق

ولا يطيق سلواً وهو متبول

مشتّت البال لا يأوي لذي سكن

ولا يميل لرسم فيه تعطيل

كأنما قلبه بالنار منبعث

ودمعه الصب بالطوفان موصول

ما تمسك الدمع جفناه التي انبجست

إلا كما يمسك الماء الغرابيل

دمع شكوت له ناري فقال وما

أغني وأمري كما عاينت مهمول

يا أهل ودّي وأحبابي ومن بهم

طاب السماع ولذا القال والقيل

أنتم حياتي وإيناسي ومطلبي

وأنتم القصد والمأمول والسول

غبتم فغابت تماثيل الجمال ولو

لحتم لقمات بكم تلك التماثيل

وكيف أكحل جفني بالمنام وما

مسافة البعد فيما بيننا ميل

ميلوا بعطف على مضناكم وصلوا

حبل آتصالي فأنتم أغصن ميلوا

يا بارقا من ثنيات العقيق أضا

كيما يحاكي ثغورا حشوها كول

لا تطمعن بأمر ليس تدركه

إن الثغور إليها ينتهي القيل

حتام أكتم والأشواق تحبر عن

مطوبي سر له بالعقل تعقيل

شربت كاس الهوى صرفا فأسكرني

وكيف يصحو مع الإسكار مثمول

وعاذل جاء يلحاني فقلت له

دعني وشأني فإني عنك مشغول

عذبت قلبي بسجيل الملام فقل

وأحر قلب تلظت فيه سجيل

بالله أقصر إذا ما رمت تعذلني

ولا تطل فحديث العذل مملول

خفض فما دمعك المنهل من مقلي

ولا حشاك بنار الوجد مشعول

ولا تشبب بألحان الحجاز فما

حبل آدكارك بالمحبوب موصول

وكيف أصغي لعذل والفؤاد شج

والسمع في صمم والعقل مذهول

فلا تثقل بلوم في الحبيب فلي

باللوم والحب تخفيف وتثقيل

وليت عذلي فدعني وانعزل أبدا

فكل وال كما وليت معزول

يا من يخرب قلبي وهو ساكنه

من ذا يخرب ربعا وهو مأهول

هل عندنا ناضرك القتال معرفة

بأنني فيه بالأحياء مقتول

وهل لعنبر ذياك اللمى خبر

إن الدموع التي أجريتها لول

أم للشغور شعور إنني دنف

أرعى الدياجي التي في عرضها طول

لا تنصبن بإغراء العدا كبدي

واكسر جناح عذولي فهو معذول

ناشدتك الله يا بدر على فنن

له من الحسن تفريع وتأصيل

أأنت باق على الميثاق أم نقضت

عهودنا وأمحت تلك العهود

موضوع سهدي ودمعي إن أمرت به

يا ناظري فعلى عيني محمول

علل بوعد ولا تبخل بطيف كرى

وخل عمري تقضيه التعاليل

ويلاه من ساحر الأجفان وجنته

في العين عدل والأحتناء سجيل

إستخدمت عينيه الأرواح حين بدا

في منزل الجفن للأهداب تنزيل

أقسمت بالسحر من عينه حين رنا

أن المهند في جفنيه مسلول

وبالضحى من محياه أو كدقي

إن القتيل بسيف اللحظ مقبول

فهل لجرحي آس عند نظرته

وهل لميت الهوى في الخد تقبيل

غصن تمنطق بالسر البديع وقد

علته من ورد خديه أكاليل

إمام حسن وفي محراب حاجبه

يا ما أضت من محياه قناديل

للآم سالفه في لوح وجنته

خط سعيد به للصب تعليل

وللعذار حروف بالبهار سمت

في وجنتيه فمنقوط ومشكول

لا غروا إن سلب الألباب ناضره

فإنه ناضره بالسحر مكحول

شيب ثغر وفي ورديّ وجنته

تخطيط ىس وفي عينيه تكحيل

بديع شكل لصدغيه وعارضيه

توليد حسن وتتميم وتكميل

تجانس الحسن في تكوين صورته

فقده عاسل والثغر معسول

وطابق الوصف فيه كنت هيأته

بالفرق مرتفع والفرع مسبول

مبلبل الصدغ قد فاحت عوارضه

لأن ريحانها المخضر مبلول

ورق ماء الحيا في نار وجنته

لنه الورد بالشيم مجبول

بدر عن الطرف ناء وهو منزله

لكن قلبي به واله مأهول

عي رشادا إذ ما همت فيه كما

رشدي إذ أرمت أن أسلوه تضليل

عذلت فيه وعذل الصب متضح

وعاشق الحب معذور ومعذول

يا عاذلي إن مر العدل فيه حلا

لما أعيد وللتكرير تعسيل

كرر على مسمعي ذكر الحبيب قلي

على العويل لفقد الذكر تعويل

ولا تقصر فإن القول أطيبه

عن الحبيب حديث فيه تطويل

بحق عينيه إلا عدت مبتدرا

لمعهد فيه للمحبول تمثيل

ولا تخف صدّه إن عدت ثانية

فالعود أحمد والإقبال مأمول

فإن رأيت حبيبي واجتمعت به

فسله عن مستهام عاله الغول

وإن رايت انيساطا فاستلم يدهُ

عني وسلم سلاما فيه تبجيل

وإن رأيت انقباضا فاعد عن خبري

ولا تعرض ففي التعريض تنكيل

واضرب عن الذكر صفحا وارجيه فعسى

يرثي لمن جسمه بالسقم مهزول

ولا تكن آيسا من روح رحمته

فربما أعقب التعسير تسهيل

أفديه من شاذن في طي ناظره

صيد ضوار لها من هديه غيل

لا أختشي فيه من عذل يفنذني

فلحشا بعليل الشوق تعليل

وكيف أخشى صروف الحادثات ولي

بمدح أحمد تنويه وتنويل

شخص هو الجوهر الفرد الذي جمعت

فيه المعاني فمفعول ومنقول

أزج أبلج ساجي اللحظ مبتسم

عن سلسبيل وعن مسك وعو لول

أغر أزهر أقنى الأنف قامته

فيها انعطاف وفي خديه تسهيل

مبرؤ القول صافي القلب طاهره

لأنه بزلال الخلد مغسول

مكمل الذات رحب الراحتين فتى

له فؤاد على الخيرات مجبول

أنشأه مولاه من نور وقدمه

كأنه غرة والخلق تحجيل

متوج بلال المجد متشح

مؤزر بردا الفخر مشمول

أوفى النبيين مبدا الرسل خاتمهم

أليس منه لهم بدء وتكميل

إن كان عيسى أعاد الميت منتعشا

فكم لطه حي ميت ومقتول

أو كان موسى أري الطوفان منغلقا

فقد أري البدر طه وهو مفصول

أو قد جرى النيل في مصر ليوسف كم

بين الأصابع منه قد جرى نيل

أو كان داوود قد لان الحديد له

لكي تكون لنا منه سرابيل

فالجلد عاد بكف المصطفى كرما

عضبا حديدا به للمهام تجويل

أو عادت النار برد للخليل فكم

طفي بطه لهيب فيه تشعيل

أو في السفين علا نوح فأحمد قد

علا على مرتقى عنه تنزيل

لم يؤت منهم رسول معجز أبدا

إلا أتاه بأزكى منه جبريل

وكلهم أصبحوا في بحره نقطا

أو زهر أفق له بالشمس تهليل

وعنه يرون ما نالوه من شرف

بمجمل فيه للأرى تفاصيل

فبالبراق له والحوض تقدمة

وباللواء له والتاج تفضيل

وبالشفاعة في المخلوق قاطبة

له مقام له بالحمد تأثيل

علا ارتفاعا على كل العباد علا

وهل ترى فاضلا يعلوه مفضول

به لآدم هب العفو وانتسبت

لشيته في سما العليا الأراجيل

ونال إدريس في العليا به رتبا

كما لنوح به في الفلك تحويل

وفاز هود به من عاده وبدت

لصالح من صميم الصخر شمليل

وصين لوط به من قومه وطفى

جمرا أعد لإبراهيم مشعول

وللذبيح به فوز وتكرمة

كما لإسحاق من جدوال تحصيل

وقد شفي باسمه يعقول من ضرر

كما ليوسف من أيديه تنويل

ونال الأسباط منه كل منقبة

بها لموسى كليم الله تكميل

وامتاز هارون بالقربان منه كما

به للقمان في القرآن تعديل

وللفتى يوشع في الأفق قد وقفت

شمس النهار لأمر فيه تعجيل

وملك الأرض ذو القرنين ثم به

للخضر إجمال ما تبدي التفاصيل

وقد أنال شعيبا ما أراد كما

به لداود انطاعت سرابيل

وسخرت لسليمان الرياح به

والإنس والجن والعنقاء والفيل

وقد أجيب به ذو الكفل حين دعا

لأنه بحلى معناه مكفول

وباسمه فاز ذو النون التقي ونجا

من بطن حوت له في البحر توغيل

وباسمه طار إلياس وصار من ال

أملاك حيث جناح العز مسدول

وباسمه لاذ أيوب الرضا فشفى

من ضر جسم له في العظم تنخيل

وباسمه اليسع البر التجى فنجا

وللعزيز بذاك الإسم تمثيل

وباسمه زكريا استغاث فلم

يرهب لنشر له في العضو تفصيل

وكم ليحيى به في جنة صلة

وكم لعيسى به نسك وتبتيل

بسره افتتح العلياء خالقه

والكون في ظلم الإعدام مقفول

وكل ما صاغ من كون فعنه نشا

لأنه علة والكون معلول

وباسمه قرن الله اسمه فزكا

فضلا على كل خلق فيه تفضيل

وخصّه بمعان ليس يحصرها

قول ولو كثرت فيه الأقاويل

ضروب أوصافه جلت دوائرها

عن بسط قول ترويه الأفاعيل

أقام للملة السمحاء سماء علا

لشهبها في بروج السعد تنقيل

وشاد للدين أركانا فطاق بها

وفد له في يمين الله تقبيل

عزت به ملة الإسلام حين حمى

عصابة الدين أن يغثا لها غول

فأضحت السنة البيضاء ساحبة

ذيل أزدهاء له بالفخر تذبيل

يا كم به بشر الكهان وارتقبوا

ظهور شكل له بالحسن تشكيل

وكم بأوصافه الأصنام قد نطقت

كما به أنبأ الحر البهاليل

نارت بمولده الأكوان إذ خمدت

نارٌ لكسرى به الإشراك مشعول

وانشق من خوفه الإيوان وارعظدت

فرائص الفرس إذ ناداهم زولوا

وغاص إذ فاض ليل الرجس وانبجست

عين لها بشعاع النور تكحيل

وماء ساوة لم ينضب سوى جزع

إذ لم يسل منه في بطائحه نيل

وعاينت أمه بصرى ولاح لها

حليّ حق به للزور تعطيل

لولاه لم تخلق الدنيا وسكانها

ولا المعاد ولا عدن وسجيل

بالعلم متزر بالحلم متشح

للحق مرتقب بالحق مشغول

لو لم تصن حرم البطاح حرمته

ما رد أبرهة عنها ولا الفيل

جاءوا بكيد لهدم البيت افنقلوا

على الوجوه كعصف وهو مأكول

ترميهم صم أحجار مسومة

بالنار ترسلها طير أبابيل

كلا ولو لم تمس الزاد راحته

لم يوف بالجيش مشروب ومأكول

نعم ولو لم يحز خصل السباق لما

حدا بمسراه ميكال وجبريل

نعم ولو لم ينر في الأفق طالعه

ما كان بالزهر للأفاق إكليل

على البراق إلى السبع الطباق علا

لمستوى فيه للمحبوب تحويل

وأم بالرسل والأملاك قاطبة

في مشهد فيه تكريم وتبجيل

ونال سهم علا في المجد قرطسه

عن قاب قوسين ترحيب وتاهيل

دنا له فتدلى ثم خصصّه

برؤة لم ينلها قبل مقبول

وفي مقام الهنا والبسط دلله

وللحبيب كما قد قيل تدليل

وشاهد الله جهرا واصطفاه بما

لم يحوه قال أو يوفي به قيل

حيث الحمى مرتع والورد منهمر

والشمل مجتمع الشمس تخييل

أحيا الظلام بتنزيل يرتله

وللتهجد ترتيب وتنزيل

وشد للصم كشحا ناعما وطوى

تحت الصفا باطنا ما فيه تحويل

ولو أراد كنوز الأرض لتفتحت

ولم يغيب منها عنه محصول

لكنه جل قدرا أن يميل لما في

ه عن الحق تسويف وتسويل

مستيقظ القلب إن نامت محاجره

لم يعتريه إذا ما قام تغفيل

بلمسه الشاة درت وهي حائلة

فبالله من حليب فيه ترسيل

والضب خاطبه بالصدق معترفا

وكان في نقطه لله تبتيل

والفحل ذل له طوعا وكلمه

وكان فحلا له بالباس تفحيل

ورد لحظ فديك كيف كان كما

أعاد شق خبيب وهو مفصول

ورد كف ابن عفرا بعدما قطعت

بتفل ريق به للملح تعسيل

وأوقف الشمس يوم الأربعاء إلى

أن وفت العير ما قد صرف القيل

وأنقذ الجمل الشاكي عناه لما

أضر به جوع وتنقيل

والظل مال إليه حين غودر في السر

مضا وقد حاز عند القوم تقبيل

والشمس أرجعها بعد المغيب كما

لبته لما دعا البيض البعاليل

والغدق لباه ما أن دعاه كما

لبته لما دعا البيض البعاليل

والجذع حن له إذ غاب عنه كما

حنت لتلحين شاديها المثاكيل

في الصحف والكتب والألواح بان له

دينٌ قويم به الزيغ تبطيل

وفي الذراع ودر العنز معتبر

لمبصر لم تشككه التماحيل

وفي الحصى والعصا والدب مستند

لناقل رويت عنه الأقاويل

وفي الصبا والحيا والانشقاق له

وجه بديع وترفيه وترفيل

وفي الحمار وفي العضبا ودلدله

أدلة لن توهيها التعالل

وفي الوليدة والوادي وغار حرا

سر خفيّ به الإظهار موصول

وفي الحفير وفي مد الكثيثب له

دليل صدق لو أن الصدق مدلول

وفي قتادة والعرجون كم ظهرت

مظاهر ليس تخفيها التحاييل

وفي الغزالة والصياد معتمد

لمهتد لم تجاذبه التضليل

وقصة الفتح والأصنام دامغة

لرأس كل كفور فيه تمحيل

وفي ثبير وفي ثور وغار حرا

نصر وفتح وتأييد وتاثيل

باض الحمام وحاك العنكبوت على

غار عليه لستر الله تجليل

وفيه قد قال تأنيبا لصاحبه

لا تحزنن فوعد الله مفعول

كفالة الله صانته كفايتها

وهل يناوي فتى بالله مكفول

وفي سواقة إذ ساح الجواد به

هدي لباغي نجاة وهو موصول

وحالة الذئب والراعي كم ابتهرت

بها عقول لها بالشرك تخييل

وفي انقلاب العصا سيفا براحته

خذلان باغ وباغي البغي مخذول

في سفينة والضرغام أيّ نبا

لم يعترض متنهُ نسخ وتأويل

وفي الموالي وفي أزواجه خبر

به الأقاويل صحن والأفاعيل

وفي الصحابة والأتباع أيّ هدى

لتائه شأنه حلّ وترحيل

وف اللعين أبي جهل وشيعته

أمر عجاب به قد جاء جبريل

وفي حنين وفي بدر وفي أحد

غبطال ما موّهت تلك الأباطيل

وفي قريظة والأحزاب كم ظهرت

وفي هوازن للهادي أفاعيل

وفي مر يسيع كم ألقت صوارمه

من مفصل فيه للطغيان تأصيل

وفي تبوك وما أدراك كم رسمت

في صفحة النقع للقاضي تساجيل

ما زال يملأ من عين ومن أثر

عين الزمان التي ما شقها ميل

حتى أقام لأهل الدين رسم هدى

عليه للحكم بإيجاب تسجيل

يا أمة المصطفى طه أبشروا فلكم

من مشرب الإصطفاري وتنهيل

وليكفيكم شرفا ما في الدهر إن لكم

بأشرف المرسلين العز و الطول

طولوا وصولوا فأنتم أمة رجحت

عن غيرها شرفا فليهنكم طول

ألستم خير من لبى لا رسول هدى

وافى على يده للحق تنزيل

وافاكم بكتاب معجز عجزت

عن وصفه العرب السن المقاويل

ذكر من الله في مكنونه حكم

محكمات وتحريم وتحليل

في ضمنه علم ما قد كان قبل وما

يكون بعد وهل في الحق تخييل

وفيه جمع وتفريق وتسوية

وبسط عذر وتهويل وتسهيل

لا يخلق الدهر من جلباب معجزه

ولن تفي بمعانيه الأقاويل

به دعا للهدى هاد فأنقذنا

من قعر بحر له بالزيغ تهويل

بالنصر رأيته السوداء قد عقدت

والفتح في البيض منقوط ومشكول

فبالدماء وجنة الهندي في ضرج

وبالسويد لطرف الرمح تكحيل

هذا يقبل منه وجنة خجلت

وذا يغازل طرفا منه مكحول

يا كم شفى سقما أعيا الطيب وكم

داوى نكاية جرح فيه تدميل

وكم كفى صائلا حد النصال وكم

أغنى فقيراً له في الأرض تجويل

وكم وقته هجير الشمس سائرة

لها حنوّ وإتحاف وتضليل

يندى حياء إذا تهمي يداه ندى

كأنها روضة يجري بها نيل

وافى فروض أرض الشرق نائله

واخصر منه بأرض الغرب ممحول

يمم علاه ففيه الشمل مجتمع

والوقف مفترق والجمع مشمول

فللأعادي وللأصحاب من يده

يومي ندى وردى وتنكيل

فسيله للندى في الربع مبتذل

وسيفه للعدا في النقع مسلول

ومن قلوب العدا عن قوس فكرته

بسهم رأي له بالنجح تنصيل

وأعمل السيف في أعناقهم فلذا

بادوا وفاعل فعل البغي مفعول

لما أحسّوه فروا جافلين نعم

وللنعام إمام الأسد تجفيل

يقود خيلا كأمثال الرياح لها

سير ووخد وأسراع وتنقيل

كأنما بالثريا ألجمت ولها

من الأهلة أسراج وتنعيل

فأدهم برداء الليل مشتمل

له الضحى غرة والفحر تحجيل

نهد عريض طويل الجيد مجتمع

ضافي التليل حديد القرن ذهلول

رحب اللبان غليظ الساق مرتقع

طلق العنان بعدي الشأو معدول

يقصر البرق عنه والرياح إذا

ما قالت الخيل يا حرب الوغى جولوا

وأشهب في غدير الصبح منغمس

وأصفر بمذاب التبر مغسول

وأحضر بحلى الريحان متشح

وأحمر برداء الورد مشمول

وكل حرف صلخدات لها عنق

مهما تسير وإرفال وتدميل

عوجاء جسرا في أخفاقها سعة

في ظهرها قصر في جيدها طول

قوداء كرماء في عرنيها شمم

كم خلفت أمما إذ أمها ميل

غير أنه مبلغ حرفاء عانسة

كأنها عندما تنساب عسقول

عيناء وجناء شملال شمرذلة

عصباء ورقاء رأس النوق شمليل

تفلي بمشط الخطا فود الفلاة وكن

لها على الأرض إن نوخت أكاليل

لا تعرف الأين مهما أزمعت سفرا

ولا تدق الحصى منها الخلاخيل

كأنها سهم رام مطلقا حنقا

أو صارم في يد الرعديد مسلول

أو قطر غيم ترامى أو شهاب دجى

أو لمع برق أو الطوفان مهطول

تسنّموها رجال بويعوا فشروا

ما أمّلوه فتعجيل وتأجيل

ليوث حرب إذا هاج الوغى ورغا

غيوث سلم إذا قال الوغى قيلوا

مسددون إذا اعوج القنا ورأوا

رأيَ التطاعين لا عزل ولا ميل

الطاعمون لما أبدى اليسار لهم

الطاعنون لما أخفى السرابيل

بكل أسمر لدن القد فيه على

لدونة القد للهيجاء تحميل

كأنه لاضطراب العطف مبتهل

من الدماء مداما فهو مثمول

قد ثقفت غمرات الحرب أكعبه

فطعنه بالكلا النحر موصول

وكل أبيض بسام الفرقد له

أن عبّس القرن في الأوصال تفصيل

جرى الفرقد به دارا فزّينه

فلم يكن لحلاه فيه تعطيل

كسته رونقها شمس الضحى فزها

كأنه جدول في الروض مصقول

مهنّد ناحل الجثمان يبرئه

من علة السل في الأعناق تنقيل

هم معشر كلما حفوا بمعترك

ترى أسودا لها من سمرها غيل

ألخاذلون بنصر الله كل غو

من الطغاة فمنصور ومخذول

الجازمون برفع الدين إذ نصبوا

بيض الصفاح فموصول ومفصول

المهملون بنقط السمر كل كم

من الغواة فمنقوط ومهمول

ألمنصفون إذا ما الخصم ما طلهم

نقد الجلاد فمنصوب وممطول

ألمانعون ببذل النفس حوزتهم

من سرح عاد فممنوع ومبذول

ألمقبلون على الأخرى بتركهم

دار الفنا فمتروك ومقبول

ألعاقدون إذا حلوا الحبا علما

يلجى إليه فمعقود ومحلول

تلقى الرؤوس مواضيهم فترفعها

سمر الغوالي فمطروح ومحمول

ألجاعلون لخط البغي إن عضلت

أدواؤه حد السيف فيه تحليل

كأنما احتملت أسيافهم فلها

يوم الوغى بدم الأبطال تعسيل

هم أنجم أوقد الرحمن نورهم

فكيف يطفئه بهت مخاذيل

تفتر منهم ثغور المجد عن درر

لكونها في بحار الفضل تاصيل

أنباء أم العلا لو لم يجيء بهم

لم تزك أصلا ولم يذكر لها جيل

هم الضراغم شد الله وطأتهم

فما بهم عن مقام الحرب تهليل

من ذا يقاومهم أو من يناظرهم

وهم هم الشم والبض البهاليل

أم كيف يحكون والرحمن فضلهم

بالمصطفى ولهم بالفتح تفضيل

فهم على مركز الافاق ألوية

ولهم على مفرق العلياء إكليل

هداهم للهدى هاد به أنصحت

سبل الهدى واجلت عنها المخابيل

ذو المعجزات التي عنها الورى عجزت

وليس يحصرها قال ولا قيل

فهي النجوم لصب فيه متبع

وهي الرجوم لخب فيه تمحيل

هو الحبيب الذي لا بد منه وقل

هو الشفيع الذي ما عنه تحويل

وهو الشهيد الرؤوف البر من شهدت

بصدق مبعثه الغر الأناجيل

وهو الكريم على الله الكريم فما

شئتم فقولوا إذا أطنبتم قولوا

فمبدأ القول فيه لا انتهاء له

وغاية العلم فيه أنه السلول

عز المثيل فلا ند يماثله

وهل يماثل بدر التم قنديل

أو هل يشابه راس الطير طائره

أو يعادل عنقا مغرب الفيل

قد تم خلقا وأخلاقا فقل قمر

على قضيب له بالزهر تكليل

لا حسن إلا ومنه يستمد ولا

جمال إلا وعن معناه منقول

ما فوق الدهر لي سهما ولذت به

إلا وقتني من الباري سرابيل

ولا تنكبت دهري واستغث به

إلا وأقبل ما لي فيه تأميل

فهو الكريم الذي يممت ساحته

فأمّني منه إقبال وتنويل

ومن يلذ يحمى طه يعزّ وإن

يعدو عليه عدو فهو مخذول

حسبي به جنة للدهر أرصدها

مهما سطا وأشحى عن نابه غول

حاشاه أن يمنع الراجي مواهبه

وفرده للذي يرجوه مبذول

أو لا يكون شفيعا في آمرئي وجل

له على فضله في الحشر تعويل

أو يخزني بعدما في النوم رحب بي

وهو الذي بشره بالبر موصول

أم كيف أظمأ وأسقاني على ظمإ

ماء به ظمأ الأحشاء مبلول

أم كيف أقصى وللجنات أدخلني

مع صحبه وهم الغر الأفاضيل

فهي المرائي التي ما وصفها كذب

وأنني في غد عنها لسؤول

لقوله من رآني كأن ما شهدت

عيناه حقا وقول الحق مقبول

فهو الشفيع إذا طال الوقوف ولم

ينفع مقال ولم تنجع أفاعيل

حيث الحجال طائر والشمس دانية

والنار صائلة والصبر مفلول

تؤمه الخلق يرجون الشفاعة من

هول لمعظمه في القلب تهويل

من بعدما ييأسوا من غيره ولهم

بالدمع والحزن ترسيل وتشكيل

وكل شخص يرجى مخلصا حسنا

من الحساب الذي في عرضه طول

فيصرخون جميعا يا محمد قم

واشفع لنا فلك الإقبال مبذول

فعند ذاك يقول الهاشمي نعم

أنا لها وفي لي والحق معمول

ويغتدي نحو ساق العرش مبتدرا

ويبتدي بسجود فيه تبتيل

ويسأل الرب في فصل القضا وله

حمد وشكر وتكبير وتهليل

فيجتبي وينادي يا محمد قم

فاليوم فيه إليك الأمر موكول

أنت الحبيب فقل أسمع وسل لتنل

واشفع تشفع فعندي أنت مقبول

من ذا يضاهيه أو من ذا يساجله

وهو الرجاء والمنى والقصد والسول

وحق عينيه والذكر الحكيم وما

حوى زبور وتوراة وإنجيل

له أن الأفلاك والأرضين قاطبة

درج عريض له بالمد تطويل

وكل ما جرى أوسح من أفق

حبر له في بياض الدرج تكحيل

والنبت أقلام والمخلوق تكتب ما

لم يحو محمله سر وتفصيل

لما حووا عشر معناه الذي نطقت

به عقود وإسراء وتنزيل

وكيف يحوي الحيا حسبان ذي نظر

أم كيف يحصى الحصى عد وتجميل

أو هل يوفى بذرع الكون ذراعه

أم تضبط البحر بالكيل المكاييل

أم يحصر الحرف سر الكون أجمعه

أم هل يفي بجميع القول تفعيل

الأمر أعظم من عقل يكيفه

وكيف يعقل من بالعجز معقول

فحسب مملوكه جهد استطاعته

وأن يكون له في مدحه قيل

وما يفي مدح مثلي في علاه وقد

حباه بالمدح قرآن وإنجيل

لكن تطفلت بالأمداح مفتقرا

وللفقير على الأبواب تطفيل

وقد حنيت على الأعتاب ألثمها

وللحقير على الأعتاب تقبيل

وبان عجزي ولا بدع فقد سفرت

لنا سعاد فقلبي اليوم متبول

ولاح لي من معاني كعب صورتها

كعب سعيد على الأعناق محمول

وكم لكعب يد بيضاء سابقة

لنا بها في بيوت المدح تنقيل

فيهن كعبا بما قد نال منزلة

في الخلد مربعها بالفضل مأهول

وليغن حسان بالتأييد أنّ له

ما ليس يعلوه تغيير وتبديل

يا صفوة الله ما مدحي بمبتدع

كلا ولا وصفك المعلوم مجهول

أليس مدحك وافى في النساء وفي

ىي القتال وفي حم تنزيل

يا أكرم العرب يا أزكى الورى حسبا

يا أشرف الرسل يا من قاله القيل

حسبي انقطاعي وأمداحي وتسميتي

يا خير من أمه النوق المراسيل

أنت الشفيع فكن لي حين ينزل بي

من عالم الغيب أمر فيه تنكيل

وانظر إلي بعين البر تكرمة

وامنن علي فمنك المن مأمول

وجد علي بما أوتيت من كرم

إن الكريم على الإكرام مجبول

يا رب وانصر لوا الإسلام واحم حماي

رسم الهداية أن يعروه تبطيل

وارفع منار مقامات التقى فيه

للزيغ والبغي تنكيس وتعطيل

واحرس مقام أمير المؤمنين فكم

لنا بنعماه تنويل وتمويل

واحفظ به الدين والدنيا ووق به

مسارح الملك أن يغتالها غول

وامحق بأسيافه أعناق حسده

وانصره نصرا به للفتح تكميل

وألبسه درعا حصينا واحم حوزته

من كل عاد له بالكيد تمحيل

وصن حمى عبدك المسعود وأوف له

ولاية العهد إن الوعد مفعول

والطف به واعف عنه واوله مننا

لا من فيها لا نقص وتبديل

وجازه بجميل يوم يكشف عن

ساق لهول به للعقل تعقيل

وانصر حماة الهدى من كل طائفة

واخذل بهم كل باغ فيه تختيل

واغفر لأشياخي الزهر الهداة وجد

بالصفح عنهم فإن الصفح مأمول

وعامل المسلمين المؤمنين بما

يرجونه من نعيم فيه تخويل

واختم بخير وسامح والدي وكن

لابن الخلوف فما لي عنك تحويل

واحسن خلاصي فإني يا منى أملي

باللهو والزهو موثوق وموصول

وصن بني وإخواني وعج كرما

بالعفو عني فلي في العفو تأويل

ووف ديني وعامل بالرضا فعسى

أعطى بنيل الرضا في العرض توصيل

وصل تترى على طه وشيعته

ما حررت في معانيه الأقاويل

ووال سحب الرضا للآل تكرمة

ما لذ في السمع للقرآن ترتيل

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن شهاب الدين الخلوف

avatar

شهاب الدين الخلوف حساب موثق

العصر المملوكي

poet-Shehab-Al-Din-Al-Khalouf@

401

قصيدة

64

متابعين

أحمد بن محمد بن عبد الرحمن شهاب الدين. شاعر تونسي، أصله من فاس، ومولده بقسنطينة، وشهرته ووفاته بتونس اتصل بالسلطان عثمان الحفصي، وأكثر من مدحه. زار القاهرة أكثر من مرة. ...

المزيد عن شهاب الدين الخلوف

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة