راحل، يا صديقي، الآن مثلك في موتنا الآخر موتنا العربي (كان لنا موتان: موت الآخرين، وموتنا. كنا نموت لأنهم ماتوا، ونبعث كي نموت ليولدوا) يا موتنا السري من يصغي إليك ومن يراك يا موتنا السري في كل الدقائق: موتنا العلني ليس سوى صداك! كنا نهضنا من سرير اليأس، نفتتح المدائن والقلوب وحولنا زمن عجيب (زمن التجارة بالكرامة والتراب) وسلاحنا جرح، يغني أو صليب كنا انفجرنا من قناني الصمت من رمانة الرعب الجميل وقد رمتها الصاعقه فتناثرت فوق الكنائس والمساجد والسهول قلنا: انتهى عصر، وها كل الخيول كل الخيول العاشقه عبرت سياج الخوف، وانتشرت على طول المسافة بين صوتك والصدى ورأيت كيف الموجة اتحدت بأشرعة المدى .. لكن و"لكن" طعنة فصحى ... وتختصر العذابا سألتك أجراس القيامة عن بلاد في أقاصي النوم لكن حين لم تجد الجواب جعلت من دمك الجوابا. سألتك أحجار الجليل عن الندى والبرتقال عن الخيام الباكيات بلا صدى ففتحت بابا وصرخت: أين هم الرجال وبكيت، وانفجرت دموعك في أقاصي الأرض وامتلأ المدى بالرعد: البعض خاف وعاد للنوم المطرز بالسلامه والبعض فر على كتاب أو خطاب، أو حمامه و .... والبعض قام، فقامت الدنيا. وقلنا: اليوم تبتدئ القيامه لكن دموعك أو قنابلك الحزينة يا صديقي لاقت بمنتصف الطريقِ سداً من الجثث التي تخشى مغادرة القبور. حقلا من الأغنام من أقصى المحيط إلى الخليج وإذن .. وإذن لمن هذا الضجيج؟ ولمن نموت وموتنا جسر .. وينتظر العبور؟!
كمال خير بك شاعر ومقاوم سوري ولد في مصياف عام 1935 تعود أصول عائلته إلى مدينة القرداحة بمحافظة اللاذقية، منتمي للحزب السوري القومي الاجتماعي،بدأ تعليمه الابتدائي في مدارس اللاذقية ونال ...