الديوان » لبنان » جبران خليل جبران » قبس بدا من جانب الصحراء

عدد الابيات : 119

طباعة

قَبَسٌ بَدَا مِنْ جَانِبِ الصَّحرَاءِ

هَلْ عَادَ عَهْدُ الْوَحْيِ فِي سِيناءِ

أَرْنُو إِلى الطُّورِ الأَشَمِّ فَأَجْتَلِي

إيماضَ بَرْقٍ وَاضِحَ الإِيمَاءِ

حَيْثُ الْغَمَامَةُ وَالْكَلِيمُ مَرَوَّعٌ

أَرْسَتْ وَقُوراً أَيَّما إِرْسَاءِ

دَكْنَاءُ مُثْقَلَةُ الْجَوَانِبِ رَهْبَةً

مَكْظُومَةُ النِّيرَانِ فِي الأَحْشَاءِ

حَتَّى تَكَلَّمَ رَبُّها فَتَمَزَّقَتْ

بَيْنَ الصَّوَاعِبِ فِي سَنىً وَسَنَاءِ

وَتَنَزَّلَتْ أَحْكَامُهُ فِي لَوْحِهَا

مَكْتُوبَةً آيَاتُهَا بِضِيَاءِ

أَتْرَى الْعِنَايَةَ بَعْدَ لأْيٍ هَيَّأتْ

للشَّرْقِ مَنْجَاةً مِنَ الْغَمَّاءِ

فَأُتِيحَ فِي لَوْحِ الْوَصَايَا جَانِبٌ

خَالٍ لَمُؤْتَنَفِ مِنَ الإِيصَاءِ

وَتَخَلَّفَتْ بَيْنَ الرِّمَالِ مَظِنَّةٌ

لِتَفَجُّرٍ فِي الصَّخرَةِ الصَّماءِ

قَدْ آنَ لِلْعَاشِينَ فِي ظَلْمَائِهِمْ

حِقْباً خُرُوجُهُمُ مِنَ الظَّلمَاءِ

إِنَّي لِمَيْمُونُ النَّقيبَةِ مُلْهَمٌ

إِبْرَاءُ زَمْنَاهُمْ وَرِيُّ ظِمَاءِ

إِنْ لَمْ يَقُدْهُمْ قَائِدٌ ذُو مِرَّةٍ

وَالبَأْسُ قَدْ يُنْجِي مِنَ البْأْسَاءِ

هَلْ مِنْ بَشِيرٍ أَوْ نَذِيرٍ قادِرٍ

مُتَبَيِّن مِنْهُمْ مَكَانَ الدَّاءِ

يَهْدِيهُمُ سُبُلَ الرُّقِيِّ مُلاَئِماً

لِزَمانِهِمْ وَطَرائِقَ الْعَلْيَاء

أَلشَّاعِرِيَّة لاَ تَزَالُ كَعَهْدِها

بَعْدَ النُّبوَّةِ مَهْبِطَ الإِيحَاءِ

وَالصَّوْتُ إِنْ تَدْعُ الْحَقِيقَةُ صَوْتُهَا

وَالنُّورُ نُورُ خَيَالِهَا الْوَضَّاء

يَا شَيْخَ سِينَاءَ الَّتي بُعِثَ الْهُدَى

مِنْ تِيهِهَا فِي آيَةٍ غَرَّاءِ

سَنَرَى وَأَنْتَ مُعَرِّبٌ عَنْ حَقِّها

كَيْفَ الموَاتُ يَفُوزُ بِالأَحْيَاءِ

هَذِي النِّيابَةُ شَرَّفَتْكَ وَشَرَّفَتْ

بِكَ فِي الْبِلاَدِ مكَانَةَ الأُدَبَاءِ

قَأَهْنَأْ بِمَنْصِبِهَا الرَّفِيعِ وَإِنْ تَكُنْ

أَعْبَاؤُهَا مِنْ أَفْدَحِ الأَعْبَاءِ

حَسْبُ القَرِيضِ زِرَايَةً فَاثْأَرْ لَهُ

وَارْفَعْ بِنَاءَكَ فَوْقَ كُلِّ بِنَاءِ

وَأَرِ الأُلى جَارُوا عَلَى أَرْبَابِهِ

آفَاتِ تِلْكَ الخُطَّة العَوْجَاءِ

إِنَّ التَّوَاكُلَ وَالتَّخاذُلَ وَالقِلَى

لأَقَلُّ مَا جَلَبَتْ مِنَ الأَرْزَاءِ

وَتَنَزُّلِ الأَقْوَامِ عَنْ أَخْطَارِهَا

وَتَعَسُّف الحُكِّامِ وَالكُبَرَاءِ

أَبْنَاءُ يَعْرُبَ فِي أَسىً مِنْ حِقْبَةٍ

شَقِيتَ بِهَا الآدابُ جِدَّ شَقَاءِ

جَنَفَ البُغَاةُ بِهَا عَلَى أَهْلِ النُّهَى

وَاسْتُعْبِدَ العُلَمَاءُ لِلْجُهَلاَءِ

وَتَخَيَّل السَّادَاتُ فِي أَقْوَامِهِمْ

شُعَرَاءَهَا ضَرْباً مِنَ الأُجرَاءِ

وَهُمُ الَّذِينَ تَنَاشَدُوا أَقْوَالَهُمْ

لِلْفَخْرِ آوِنَةً وَلِلتَّأسَاءِ

وَبِفَضْلِهِمْ غُذِيَتْ غِرَاثُ عُقُولِهِمْ

مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ أَلَذَّ غِذَاءِ

وَبِنفحَةٍ مِنْهُمْ غَدَتْ أَسْمَاؤُهُمْ

مِنْ خَالِدَاتِ الذِّكْرِ فِي الأَسْمَاءِ

أصْلِحْ بِهِمْ رَأْيَ الأُولَى خَالُوهُمُ

آلاتِ تَهْنِئَةٍ لَهُمْ وَعَزَاءِ

وَلْتَشْهَدِ الأَوْطَانُ مَا حَسَنَاتُهُمْ

فِي المَنَصِبِ الْعَالِي وَفِي الإِثْرَاءِ

وَلْتَعْلَمِ الأَيَّامُ مَا هُوَ شأْنُهُمْ

فِي كُلِّ مَوْقِفِ عِزَّةٍ وَإِبَاءِ

يَا بَاعِثَ المَجْدِ الْقَدِيمِ بِشِعْرِه

وَمُجَدِّدَ الْعَرَبِيَّة الْعَربَاء

أَنْتَ الأَمِيرُ وَمَنْ يَكُنْهُ بِالْحِجَى

فَلَهُ بِهِ تِيهٌ عَلَى الأُمَرَاءِ

أَلْيَوْمَ عِيدُكَ وَهْوَ عِيدٌ شَامِلٌ

لِلضَّادِ فِي مُتَبَايَنِ الأَرْجَاءِ

فِي مِصْرَ يُنْشِدُ مِنْ بَنِيها مُنْشِدٌ

وَصَدَاهُ فِي الْبَحْرَيْنِ وَالزَّوْرَاءِ

عِيدٌ بِهِ اتَّحدَتْ قُلُوبُ شُعُوبِهَا

وَلَقَدْ تَكُونُ كَثِيرَةُ الأَهْواءِ

كَمْ رِيمَ تَجْدِيدٌ لِغَابِرِ مَجْدِهَا

فَجَنَى عَلَيْهَ تَشَعُّب الآرَاءِ

مَا أَبْهَجَ الشَّمسَ الَّتِي لاَحَتْ لَهَا

بَعْدَ الْقُنُوطِ وَطَالَعَتْ بِرجَاءِ

أَلشِّعرُ أَدْنَى غَايَةً لَمْ يَسْتَطِعْ

إِدْنَاءَهَا عَزْمٌ وَحُسْنُ بَلاَءِ

مَا السِّحرُ إِلاَّ شِعْرُ أَحْمَدَ مَالِكاً

مِنْهَا الْقِيَادَ بِلُطْفِ الاسْتِهْوَاءِ

قَدْ هَيَّأتْ آيَاتُهُ لِوُفُودِهَا

فِي مِصْرَ عَنْ أُمَمٍ أَحَبَّ لِقَاءِ

لاَ يُوقِظَ الأَقْوَامَ إِلاَّ مُنْشِدٌ

غَردٌ يُنَبِّه نَائِمَ الأَصْدَاءِ

كَلاًّ وَلَيْسَ لَهَا فَخَارٌ خَالِصٌ

كَفَخَارِهَا بِنَوَابِغِ الشُّعرَاءِ

يا مِصْرُ بَاهِي كُلَّ مِصْرٍ بِالأولَى

أَنْجَبْتِ مِنْ أَبْنَائِكِ الْعُظَمَاءِ

حَفَلُوا لأَحْمَدَ حَفْلَةً مَيْمُونَةً

لَمْ تَأْتِ في نَبَإٍ مِنَ الأَنْبَاءِ

مَا أَحْمَدٌ إلاَّ لِوَاءُ بِلاَدِهِ

فِي الشَّرْقِ يَخْفُقُ فَوْقَ كُلِّ لِوَاءِ

عَلَمٌ بِهِ الوَادِي أَنَافَ عَلَى ذُرىً

شُمِّ الْجِبَالِ بِذُرْوَةٍ شَمَّاءِ

بَسَمَتْ ذُؤَابَتُهُ وَمَا زَانَ الرُّبَى

فِي هَامَهَا كَالحِلْيَةِ الْبَيْضَاءِ

هَلْ فِي لِدَاتٍ أَبِي عَلِيٍّ نِدُّهُ

إِنْ يَصْدُرَا عَنْ هِمَّة وَمَضَاءِ

أَوْ شَاعِرٍ كَأَبِي حُسَيْنٍ آخِذٍ

مِنْ كُلِّ حَالٍ مَأْخَذَ الْحُكَمَاءِ

فَهِمَ الحَيَاةَ عَلَى حَقِيقَةِ أَمْرِهَا

فأَحَبَّها مَوْفُورَةَ النَّعمَاءِ

يَجْنِي دَوَانِيهَا وَلاَ يَثْنِيهِ مَا

دُونَ القَواصِي مِنْ شَدِيدِ عَنَاءِ

يقْضِي مُنَاهُ أَنَاقَةً فِي عيْشِهِ

وَيَفِيَ بِحَقِّ المَجْدِ أَيَّ وَفَاءِ

عَظُمَتْ مَوَاهِبُهُ وَأَحْرَزَ مَا اشْتَهَى

مِنْ فِطْنَةٍ خَلاَّبَةٍ وَذَكَاءِ

إِنْ تَلْقَهُ تَلْقَ النُّبوغَ مُمَثَّلاً

فِي صُورَةِ لَمَّاحَةِ اللَّأْلاَءِ

طُبِعَتْ مِنَ الحُسْنِ العَتِيقِ بِطَابَعٍ

وَضَّاحِ آيَاتٍ بَدِيعِ رُوَاءِ

زَانَ الخَيَالُ جَمَالَهَا بِسِمَاتِهِ

وَأَعَارَهَا قَسَمَاتِهِ لِبَقَاءِ

واليَوْمَ إِذْ وَلَّى الصَّبَا لَمْ يَبْقَ مِنْ

أَثَرٍ عَلَيْهَا عَالِقٍ بَفَنَاءِ

لاَ شَيءَ أَرْوَعُ إِذْ تَكُونُ جَلِيسَهُ

مِنْ ذلِكَ الرَّجُلِ القَرِيبِ النَّائِي

أَبَداً يُقَلَّبُ نَاظِرَيْهِ وَفِيهِمَا

تَقْلِيبُ أَمْوَاجٍ مِنَ الأَضْوَاءِ

يرَنْو إِلى العَلْيا بِسَامي طَرْفِهِ

وَيُلاَحِظُ الدُّنْيَا بِلاَ إِزْرَاءِ

يُغْضِي سَمَاحاً عنْ كَثِيرٍ جَفْنُهُ

وَضَمِيرُهُ أَدْنَى إِلى الإِغْضَاءِ

فَإِذَا تُحَدِّثُهُ فَإِنَّ لَصَوْتَهَ

لَحْناً رَخِيمَ الْوَقْعِ في الْحَوْبَاءِ

فِي نُطْقِهِ الدُّرُّ النَفِيسُ وَإِنَّما

تَصْطَادُهُ الأَسْمَاعُ بِالإِصْغَاءِ

لَكِنَّ ذَاكَ الصَّوْتَ مِنْ خَفْضٍ بِهِ

يَسْمُو الْحِفَاظُ بِهِ إِلى الْجَوْزَاءِ

أَعْظِمْ بِشَوْقِي ذَائِداً عَنْ قَوْمِهِ

وَبِلاَدِهِ فِي الأَزْمَةِ النَّكرَاءِ

لَتَكَادُ تَسْمَعُ مِنْ صَريرِ يَرَاعِهِ

زأْراً كَزَأْرِ الأُسْدِ فِي الْهَيْجَاءِ

وَتَرَى كَأّزْنِدَةٍ يَطِيرُ شَرَارُهَا

مُتَدَارِكاً فِي الأَحْرُفِ السَّوْدَاءِ

وَتُحِسُّ نَزْفَ حُشَاشَةٍ مَكْلُومَةٍ

بِمَقَاطِرِ الْياقُوتَةِ الحُمْرَاءِ

فِي كُلِّ فَنٍ مِنْ فُنُونِ قَرِيضِهِ

مَا زَالَ فَوْقَ مَطَامِعِ النُّظرَاءِ

أَمَّا جَزَالَتُهُ فَغَايَةُ مَا انْتَهَتْ

شَرَفاً إِليْهِ جَزَالَةُ الفُصَحَاءِ

وَتَكَادُ رِقَّتهُ تَسِيلُ بِلَفْظِهِ

فِي المُهْجَةِ الظَّمأَى مَسِيلَ المَاءِ

لَوْلاَ الْجَديدُ مِنَ الْحَلَى فِي نَظْمِهِ

لَمْ تَعْزُهُ إِلاَّ إِلى الْقُدَمَاءِ

نَاهِيكَ بِالْوَشْيِ الأَنِيقِ وَقَدْ زَهَا

مَا شَاءَ فِي الدِّيبَاجَةِ الْحَسْنَاءِ

يَسْرِي نَسِمُ اللُّطْفِ فِي زِينَاتِهَا

مَسْرَى الصِّبا فِي الرَّوْضَةِ الْغَنَّاءِ

هَتَكَتْ قَريحَتُهُ السُّجوفَ وَأَقْبَلَتْ

تَسْبِي خَبَايَا النَّفسِ كلَّ سِبَاءِ

فَإِذَا النَّوَاظِرُ بَيْنَ مُبْتَكرَاتِهِ

تُغْزَى بِكُلِّ حَيِية عَذْرَاءِ

فِي شدْوِهِ وَنُوَاحِهِ رَجْعٌ لِمَا

طَوِيَتْ عَلَيْهِ سَرَائِرُ الأَحْيَاءِ

هَلْ فِي السَّماعِ لِبَث آلامِ الْجَوَى

كَنُوَاحِهِ وَكَشَدْوِهِ بِغِنَاءِ

يشْجِي قَدِيمُ كَلاَمِهِ كَجَدِيدهِ

وَأَرَى الْقَدِيمَ يَزِيدُ فِي الإِشْجَاءِ

فَمِنَ الْكَلاَمِ مُعَتَّق إِنْ ذُقْتَهُ

ألْفَيْتَهُ كَمُعَتَّق الصَّهبَاءِ

مَلأَتْ شَوَارِدُهُ الْحَوَاضِرَ حِكْمَةً

وَغَزَتْ نُجُوعَ الْجَهْلِ فِي البَيْدَاءِ

وَتُرَى الدَّرَارِي فِي بُحُورِ عَرُوضَهِ

وَكَأّنَّهنَّ دَنَتْ بِهِنَّ مَرَائِي

كَمْ فِي مَوَاقِفِهِ وَفِي نَزَعَاتِهِ

مِنْ مُرْقِصَاتِ الْفَنِّ وَالإِنْشَاءِ

كَمْ فِي سَوَانِحِهِ وَفِي خَطَرَاتِهِ

مِنْ مُعْجِزَاتِ الْخَلْقِ وَالإِبْدَاءِ

رَسَمَ النُّبوغُ لَهُ بِمُخْتَلِفَاتِهَا

صُوَراً جَلاَئِلَ فِي عُيُون الرَّائِي

أَلمَمْتُ مِنْ شَوْقِي بِنَحُوٍ وَاحِدٍ

وَجَلاَلُهُ مُتَعَدِّدُ الأَنْحَاءِ

مَلأَتْ مَحَاسِنُهَا قُلُوبَ وَلاَتِهِ

وَتَثَبَّتتْ فِي أَنْفْسِ الأَعْدَاءِ

لِلهِ شَوْقِي سَاجِياً أَوْ ثَائِراً

كَاللَّيْثِ وَالْبُرْكَانِ وَالدَّأْمَاءِ

لِلهِ شَوْقِي فِي طَرَائِقِ أَخْذِهِ

بِطَرَائِفِ الأَحْوَالِ وَالأَشْيَاءِ

فِي لَهْوِهِ وَسُرُورِهِ فِي زُهْوِهِ

وَغُرُورِهِ فِي الْبَثِّ وَالإِشْكَاءِ

فِي حُبِّه للِنِّيلِ وَهْوَ عِبَادَةٌ

للِرَازِقِ الْعُوَّادِ بِالآلاَءِ

فِي بِرِّهِ بِبِلاَدِهِ وَهِيَامِهِ

بِجَمَالِ تَلْكَ الْجَنَّة الْفَيْحَاءِ

فِي وَصْفَهِ النْعَمَ التِي خصت بِهَا

مِن حُسْنِ مُرْتَبُعٍ وَطِيبِ هَوَاءِ

فِي ذِكْرِهِ مُتَبَاهِياً آثَارَهَا

وَمَآثِرَ الأَجْدَادِ وَالآباءِ

فِي فَخْرِهِ بِنُهُوضِهَا حَيْثُ الرَّدَى

يَهْوِي بِهَامِ شَبَابِهَا النُّبهَاءِ

فِي شُكْرِهِ لِلْمَانِعِينَ حِياَضَهَا

وَحُمَاةِ بَيْضَتِهَا مِنَ الشُّهدَاءِ

فِي حَثَّه أَعْوَانَ وَحْدَتِهَا عَلَى

وُدٍّ يُؤَلِّفُ شَمْلَهُمْ وَإِخَاءِ

مَتَثَبِّتينَ مِنَ الْبِنَاءِ برُكْنِهِ

لِتَمَاسُكِ الأَعْضَادِ وَالأَجْزَاءِ

فِي نُصْحِهِ بِالعِلْمِ وَهْوَ لأَهْلِهِ

حِرْزٌ مِنَ الإِيهَانِ وَالإِيهَاءِ

فِي وَصْفِهِ الآيَاتِ مِمَّا أبْدَعَتْ

أُممٌ يَقِظْنَ وَنَحْنُ فِي إِغْفَاءِ

وَصْفٌ تَفَنَّن فِيهِ يُغْرِي قَوْمَهُ

بِالأَخْذِ عَنْهَا أشْرَفَ الإِغْراءِ

لَمْ يُبْقِ مِنْ عَجَبٍ عُجَابٍ خَافِياً

فِي بَطْنِ أَرْضٍ أَوْ بِظَهْرِ سَمَاءِ

هَذَا إِلى مَا لاَ يُحِيطُ بِوَصْفِهِ

فِكْرِي وَدُونَ أَقَلَّهِ إِطْرَائِي

بَلَغتْ خِلاَلُ الْعَبْقَرِيَّة تِمَّها

فِيهِ وَجَازَتْ شَأْوَ كُلِّ ثَنَاءِ

فَإذَا عَيِيتُ وَلَمْ أَقُمْ بِحُقُوقِهَا

فَلَقَدْ يَقُومُ الْعُذْرُ بالإِبْلاءِ

مَاذَا عَلَى مُتَنَكِّب عَنْ غَايَةٍ

وَالشَّوْطُ لِلأَنْدادِ والأَكْفَاءِ

أًعَلِمْتَ مَا مِنّي هَوَاهُ وَإِنَّهُ

لَنَسِيجُ عُمْرٍ صَدَاقَةٍ وَفِدَاءِ

أَيْ حَافِظَ الْعَهْدِ الَّذِي أَدْعُو وَمَا

أَخْشَى لَدَيْهِ أَنْ يَخِيبَ دُعَائِي

أَدْرِكْ أَخاكَ وَأَوْلِهِ نَصْراً بِمَا

يَنْبُو بِهِ إِلاَّكَ فِي الْبُلَغَاءِ

جل المَقَامُ وقَدْ كَبَتْ بِي هِمَّتي

فَأَقِلْ جَزَاكَ اللهُ خَيْرَ جَزَاءِ

يَأْبَى عَلَيْكَ النُّبلُ إِلاَّ أَنْ تُرَى

فِي أَوَّلِ الْوَافِينَ لِلزُّمَلاَءِ

وَالشَّرْقُ عَالِي الرَّأْسِ مَوْفُوُرُ الرِّضَى

بِرِعَايَةِ النُّبغَاءِ لِلنُّبغَاءِ

يَا مَنْ صَفَا لِي وُدُّهُ وَصَفَا لَهُ

وُدِّي عَلَى السَّرَّاءِ والضَّرَّاءِ

فَأَعَزَّنِي يَوْمَ الْحِفَاظِ وَلاَؤُه

وَأَعَزَّهُ يَوْمَ الْحِفَاظِ وَلاَئِي

وَعَرَفْتُ فِي نَادِي الْبَيَانِ مَكَانَهُ

وَمَكَانُهُ الأَسْنَى بِغَيْرِ مِرَاءِ

يَهْنِيكَ هَذَا الْعِيدُ دُمْ مُسْتَقْبِلاً

أَمْثَالَهُ فِي صِحَّة وَصَفَاءِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن جبران خليل جبران

avatar

جبران خليل جبران حساب موثق

لبنان

poet-khalil-gibran@

1075

قصيدة

838

متابعين

جبران خليل جبران فيلسوف وشاعر وكاتب ورسام لبناني أمريكي، ولد في 6 يناير 1883 في بلدة بشري شمال لبنان حين كانت تابعة لمتصرفية جبل لبنان العثمانية. توفي في نيويورك 10 ...

المزيد عن جبران خليل جبران

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة