الديوان » العصر الاموي » هدبة بن الخشرم » أتنكر رسم الدار أم أنت عارف

عدد الابيات : 71

طباعة

أَتُنكِرُ رَسمَ الدارِ أَم أَنتَ عارِفُ

أَلا لا بَلِ العِرفانُ فالدَمعُ ذارِفُ

رَشاشاً كَما انهَلَّت شَعيبٌ أَسافَها

عَنيفٌ بِخَرزِ السَيرِ أَو مُتَعانِفُ

بِمُنخَرقِ النَقعَينِ غَيَّرَ رَسمَها

مَرابِعُ مَرَّت بَعدَنا وَمَصايفُ

كَلِفتُ بِها لا حُبَّ مَن كانَ قَبلَها

وَكلُّ مُحِبٍّ لا مَحالَةَ آلِفُ

إِذ الناسُ ناسٌ والبِلادُ بِغِرَّةٍ

وإِذ أُمُّ عَمّارٍ صَديقٌ مُساعِفُ

وإِذ نَحنُ أَمّا مَن مَشى بِمَوَدَّةٍ

فَنَرضى وأَمّا مَن وشى فنُخالِفُ

إِذا نَزاواتُ الحُبِّ أَحدثنَ بَينَنا

عِتابا تَراضَينا وَعادَ العَواطِفُ

وَكُلُّ حَديثِ النَفسِ ما لَم أُلاقِها

رَجيعٌ وَمِمَّا حَدَّثَتكَ طَرائِفُ

وإِنّي لأُخلي لِلفَتاةِ فِراشَها

وأُكثِرُ هَجرَ البَيتِ والقَلبُ آلِفُ

حِذارَ الرَدى أَو خَشيَةً أَن تَجُرَّني

إِلى موبِقٍ أُرمَى بِهِ أَو أُقاذِفُ

وَإِنّي بِما بَينَ الضُلوعِ مِن امرىءٍ

إِذا ما تَنازَعنا الحَديثَ لعارِفُ

ذَكَرتُ هَواها ذِكرَةً فَكأَنَّما

أَصابَ بِها إِنسانَ عَينيَّ طارِفُ

وَلَم تَرَ عَيني مِثلَ سِربٍ رأَيتُهُ

خَرَجنَ عَلينا مِن زُقاقِ ابنِ واقِفِ

خَرَجنَ بأَعناقِ الظباءِ وأَعيُن ال

جآذِرِ وارتَجَّت بِهنَّ الرَوادِفُ

طَلَعنَ عَلينا بَينَ بِكرٍ غَريرَةٍ

وَبَينَ عوانٍ كالغَمامَةِ ناصِفِ

خَرَجنَ عَلينا لا غُشينَ بِهوبَةٍ

وَلا وَشوشيّاتُ الحِجالِ الزَعانِفُ

تَضَمَّخنَ بِالجاديِّ حَتّى كأَنّما

الأُنوفُ إِذا استَعرَضتَهنَّ رَواعِفُ

كَشَفنَ شُنوفاً عَن شُنوفٍ وَأَعرَضَت

خُدودٌ وَمالَت بِالفُروعِ السَوالِفُ

يُدافِعنَ أفخاذاً لَهُنَّ كأَنَّها

مِنَ البُدنِ أَفخاذُ الهِجانِ العَلائِفِ

عَلَيهنَّ مِن صُنعِ المَدينَةِ حِليَةٌ

جُمانٌ كأَعناقِ الدَبا وَرَفارِفُ

إِذا خُرِقَت أَقدامُهنَّ بِمِشية

تَناهَينَ وانباعَت لَهُنَّ النَواصِفُ

يَنُؤنَ بأَكفالٍ ثِقالٍ وَأَسوقٍ

خِذالٍ وَأَعضادٍ كَسَتها المَطارِفُ

وَيَكسِرنَ أَوساطَ الأَحاديثِ بِالمُنى

كَما كَسَر البَرديَّ في الماءِ غارِفُ

وأدنَيتِني حَتّى إِذا ما جَعَلتِني

لَدى الخَصرِ أَو أَدنى استَقَلَّك راجِفُ

فإِن شِئتِ واللَهِ انصَرفتُ وإِنَّني

مِن أَن لا تَريني بَعدَ هَذا لَخائِفُ

رأَت ساعِدي غولٍ وَتَحتَ ثيابِهِ

جَناجِنُ يَدمى حَدُّها وَقَراقِفُ

وَقَد شَئِزَت أُمُ الصَبيَّينِ أَن رأَت

أَسيراً بِساقيهِ نُدوبٌ نَواسِفُ

فإِن تُنكِري صَوتَ الحَديدِ وَمِشيَةً

فإِني بِما يأَتي بِهِ اللَهُ عارِفُ

وإِن كُنتِ مِن خَوفٍ رَجَعتِ فإِنَّني

مِنَ اللَهِ والسُلطانِ والإِثمِ راجِفُ

وَقَد زَعَمَت أُمُّ الصَبيينِ أَنَّني

أَقَرَّ فؤادي وازدَهَتني المَخاوِفُ

وَقَد عَلِمَت أُمُّ الصَبيَّين أَنَّني

صَبورٌ عَلى ما جَرَّفتني الجَوارِفُ

وإِنّي لَعَطّافٌ إِذا قيلَ مَن فَتىً

وَلَم يَكُ إِلا صالِحُ القَومِ عاطِفُ

وَأُوشِكُ لَفَّ القَومِ بِالقَومِ لِلَّتي

يَخافُ المُرَجّى والحَرونُ المُخالِفُ

وإِنّي لأُرجي المَرءَ أَعرِفُ غِشَّهُ

وأُعرِضُ عَن أَشياءَ فيها مَقاذِفُ

فَلا تَعجَبي أُمَّ الصَبييَّنِ قَد تُرى

بِنا غِبطَةٌ والدَهرُ فيهِ عَجارِفُ

عَسى آمِناً في حَربِنا أَن تُصيبَهُ

عواقِبُ أَيامٍ وَيأَمَنَ خائِفُ

فيُبكينَ من أَمسى بِنا اليَومَ شامِتاً

وَيُعقِبنَنا إِنَّ الأُمورَ صَرائِفُ

وَإِن يَكُ أَمرٌ غَيرَ ذاكَ فإِنَّني

لَراضٍ بِقَدرِ اللَهِ لِلحَقِّ عارِفُ

وإِنّي إِذا أَغضى الفَتى عَن ذِمارِهِ

لَذو شَفَقٍ عَلى الذِمارِ مُشارِفُ

وَينفُخُ أَقوامٌ عَليَّ سُحورَهُم

وَعيداً كَما تَهوي الرِياحُ العَواصِفُ

وأُطرِقَ إِطراقَ الشُجاعِ وإِنَّني

شِهابٌ لَدى الهَيجا وَنابٌ مُقَاصِفُ

وَداويَّةٍ سَيرُ القَطا مِن فَلاتِها

إِلى مائِها خِمسٌ لَها مُتَقاذِفُ

بُطونٌ مِنَ المَوماةِ بَعَّدَ بَينَها

ظُهورٌ بَعيدٌ تَيهُها وأَطايفُ

يَحارُ بِها الهادي وَيَغتالُ رَكبَها

تُنائِفُ في أَطرافِهِنَّ تَنائِفُ

هَواجِرُ لَو يُشوى بِها النَيُّ أَنضَجَت

مُتونَ المَها مِن طَبخِهِنَّ شَواسِفُ

تَرى وَرَقَ الفِتيانِ فيها كأَنَّها

دَراهِمُ مِنها جائزاتٌ وَزائِفُ

يَظَلُّ بِها عَيرُ الفَلاةِ كأَنَّهُ

مِنَ الحَرِّ مَرثومُ الخَياشِمِ راعِفُ

إِذا ما أَتاها القَومُ هَوَّلَ سَيرَهُم

تَجاوبُ جِنّانٍ بِها وَعَوارِفُ

وَيَومٍ مِنَ الجَوزاءِ يَلجأُ وَحشُهُ

إِلى الظِلِّ حَتّى اللَيلَ هُنَّ حَواقِفُ

يَظَلُّ بِها الهادي يُقَلِّبُ طَرفَهُ

مِنَ الهَولِ يَدعو لَهفَهُ وَهوَ واقِفُ

قَطَعتُ بِأَطلاحٍ تَخَوَّنَها السُّرى

فَدَقَّ الهَوادي والعيونُ ذَوارِفُ

مَلَكتُ بِها الإِدلاجَ حَتّى تَخدَّدَت

عَرائِكُها وَلانَ مِنها السَوالِفُ

وَحتّى التَقَت أَحقابُها وَغُروضُها

إِذا لَم يُقَدَّم لِلغُروضِ السَنائِفُ

نَفى السَيرُ عَنها كُلَّ ذاتِ ذَمامَةٍ

فَلَم يَبقَ إِلا المُشرِفاتُ العَلائِفُ

مِنَ العَيسِ أَو جَلسٍ وَراءَ سَديسِهِ

لَهُ بازِلٌ مِثلُ الجُمانَةِ رادِفُ

مَعي صاحِبٌ لا يَشتَكي الصاحِبُ العِدى

صَحابَتُهُم وَلا الخَليطُ المؤالِفُ

سَراةٌ إِذا آبوا لُيوثٌ إِذا دُعوا

هُداةٌ إِذا أَعيى الظَنونُ المُصادِفُ

إِذا قيلَ لِلمُعيى بِهِ وَزَميلِهِ

تَروَّح فَلَم يَسطِع وَراحَ المُسالِفُ

رأَوا شِركَةً فيهِنَّ حقّاً وَكَلَّفوا

أُولاتِ البَقايا ما أَكَلَّ الضَعائِفُ

أَولاتِ المِراحِ الخَانِفاتِ عَلى الوَجى

إِذا قارَبَ الشَدَّ القِصارُ الكَواتِفُ

فَبَلَّغنَ حاجاتٍ وَقَضَّينَ حاجَةً

وَفي الحَيِّ حاجاتٌ لَنا وَتكالِفُ

وَنِعمَ الفَتى وَلا يُودّعُ هالِكاً

وَلا كَذِباً أَبو سُلَيمانَ عاطِفُ

لِجارَتِهِ الدُنيا وَلِلجانبِ العِدى

إِذا الشُولُ راحَت وَهيَ حُدبٌ شَواسِفُ

وَبادَرَها قَصرَ العَشيَّةِ قَرمُها

ذَرى البَيتِ يَغشاهُ مِنَ القُرِّ آزِفُ

يُنَفِّضُ عَن أَضيافِهِ ما يَرى بِهِم

رَحيمان ساعٍ بِالطَعامِ وَلاحِفُ

كأَن لَم يَجِد بؤساً وَلا جُوعَ لَيلَةٍ

وَفي الخَير والمَعروفِ لِلضُرِّ كاشِفُ

يَبيتُ عَن الجيرانِ مُعزِبَ جَهلِهِ

مُريحَ حَواشي الحِلمِ للخَيرِ واصِفُ

إِذا القَومُ هَشّوا لِلطِّعانِ وَأَشرَعوا

صُدورَ القَنا مِنها مُزَجُّ وَخاطِفُ

مَضى قُدُماً يُنمي الحَياةَ عَناؤهُ

وَيَدعوا الوَفاةَ الخُلدَ ثَبتٌ مواقِفُ

هوَ الطَاعِنُ النَجلاءَ مُنفِذُ نَصلِها

كَمبدَئِها مِنها مُرِشٌّ وَواكِفُ

وَما كانَ مِمّا نالَ فيها كَلالَةً

وَلا خارِجياً أَنفَذَتهُ التَكالِفُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن هدبة بن الخشرم

avatar

هدبة بن الخشرم حساب موثق

العصر الاموي

poet-Hadba-bin-al-Khashram@

54

قصيدة

73

متابعين

هدبة بن خشرم العذري، من شعراء بادية الحجاز، وهو شاعر فصيح مقدم، وكان راوية الحطيئة، وأكثر شعره ما قاله في أواخر حياته حين سجن وقبيل قتله، وكان هدبة قد قتل ...

المزيد عن هدبة بن الخشرم

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة