الديوان » لبنان » جبران خليل جبران » وداعا أيها الخدن الحبيب

عدد الابيات : 40

طباعة

وَدَاعاً أَيُّها الخِدْنُ الحَبِيبُ

غَداً مِيعَادُنَا وَغَداً قَرِيبُ

تَعَاظَمَنِي وقَدْ وَلَّيْتَ خَطْبٌ

بِجَانِبِهِ تَضَاءَلَتِ الخُطُوبُ

إِذَا ما بَانَ أَتْرَابِ فإِنِّي

لَفِي أَهْلِي وَفِي وَطَنِي غَرِيبُ

يُخَالِطُنِي الأُولَى هُمْ بَعْدُ جِيلِي

وَلَيْسَ بِثَوْبِي الثَّوْبُ القَشِيبُ

لَنَا حالٌ أَلِفْنَاهَا شَبَاباً

وَيَجْفُلُ مِنْ تَحَوِّلِهَا المَشِيبُ

تَغَشَّى وجْهَ إِبْرَاهِيمَ صَرْفٌ

يُقالُ لَهُ الرَّدَى وَهْوَ المَغِيبُ

أَلَمْ يَكُ فِي سَمَاءِ العَصْرِ نَجْماً

فَبَعْدَ شُرُوقِهِ زَمَناً غُرُوبُ

وَلَيْسَ بِحَائِنِ مَنْ لاَ نَرَاهُ

بِأَعْيُنِنَا وَتُبْصِرُهُ القُلُوبُ

فَتَىً فِيهِ تَعَدَّدَتِ المَزَايَا

فَلَمْ يَكُ فِي الرِّجَالِ لَهُ ضَرِيبُ

طَبِيبٌ لِلعُيُونِ بِهِ شِفَاءٌ

إِذَا مَا الطِّب أَعْيي وَالطَّبِيبُ

شَهِدْتُ لَهُ خَوَارِقُ نَاطِقَاتٍ

بِمَا يَسْطِيعُهُ الآسِي اللَّبِيبُ

أَدِيبٌ نَسْجُهُ مِنْ كُلِّ لُوْنٍ

كَأَرْوَعِ مَا يُدَبِّجهُ أَدِيبُ

تَسَاوَقَ شِعْرُهُ وَالنَّثرُ حُسْناً

فَمَا يَخْتَارُ بَيْنَهُمَا الطَّرُوبُ

وَفِي جِدٍّ وَفِي هَزْلٍ تَجَلَّتْ

لَهُ فَطِنٌ بِهَا بِدَعٌ ضُرُوبُ

يَفُوزُ العَقْلُ مِنْهَا بِالمُجَانِي

وَفِيهَا مَا يُفِيدُ وَمَا يَطِيبُ

صَنَاعُ يَدٍ لَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ

يُزَاوِلُهُ بِهَا سِرٌّ عَجِيبُ

فَمَا يَغْرِيهِ يُخْرِجُهُ فَريّاً

وَمَا يَرْمِيهِ مِنْ غَرَضٍ يُصِيبُ

نَدِيمٌ إِنْ تَنَادَرَ بَيْنَ صَحْبٍ

وَجَدْتَهُمُ وَمَا فِيهِمْ كَئِيبُ

سَوَانِحُهُ الحِسَانُ يَجِئْنَ عَفْواً

كَمَا تَهْوَى قَرِيحَتُهُ اللَّعُوبُ

خَفِيفَ الرُّوحِ نَقَّادٌ بِرِفْقٍ

يُبَصِّرُ بِالعُيُوبِ وَلاَ يَعِيبُ

يُحَاكِي النُّطقَ وَالحَرَكَاتِ مَمَّا

يَشِذُّ فَلَيْسَ يَفْلِتُهُ غَرِيبُ

شَآمِيٌّ وَمِصْرِيٌّ صَمِيمٌ

وَنُوبِيٌّ وَرُومِيٌّ جَنِيبُ

رُمُوزٌ فِي الظَّوَاهِرِ مُضْحِكَاتٌ

وَيُدْرِكُ لُطْفَ مَغْزَاهَا الأَرِيبُ

يَرُوعُ بِمَا يُجِيدُ يَداً وَفِكْراً

وَجَارُ أَنَاتِهِ طَبْعٌ غَضُوبُ

فَذَلِكَ أَنَّ جَوْهَرهُ سَلِيمُ

وَلَيْسَ يَضِيرُهُ عَرَضٌ يَشُوبُ

وَمِمَّا أَكْبَرَ الإِخْوَانُ فِيهِ

خلاَئِقَ لَيْسَ فِيَهَا مَا يَريِبُ

مَنَاطُ نِظَامِهَا حَزْمٌ وَعَزْمٌ

وَمَجْلَى حُسْنِهَا كَرَمٌ وَطِيبُ

فأَمَّا عَنْ شَجَاعَتِهِ فَحَدِّثْ

وَفِي الذِّكْرَى لِسَائِلِهَا مُجِيبُ

قَضَى فِي الجَيْشِ عَهْداً لَيْسَ يَنْسَى

لَهُ مِنْ فَخْرِهِ الأَوْفَى نَصِيبُ

بِهِ مَرَحٌ أَوَانَ الرَّوْعِ حُلْوٌ

يُثِيرُ شُجُونَهُ الخَطَرُ المَهِيبُ

يُدَاوِي أَوْ يُوَاسِي كُلَّ شَاكٍ

وَلاَ يَعْتَاقُهُ حَدَثٌ رَهِيبُ

وَيُؤْنِسُ فِي الفَلاَةِ مُسَامِرِيهِ

بِحَيْثُ يُنَفِّرُ الوَحْشَ اللَّهِيبُ

هُنَالِكَ أَطْرَبَ الشُّجعَانَ شِعْرٌ

بِهِ مَزَجَتْ زَمَازِمَهَا الحُرُوبُ

تَغَرَّدَ حَافِطٌ وَشَدَا الشُّدُودِي

بِمَا لَمْ يَأْلَفِ الزَّمَنُ العَصِيبُ

وَفِي صَمْتِ المَدَافِعِ وَالمَنَايَا

تُهَادِنُ قَدْ يُغَنِّي العَنْدَلِيبُ

وِدَاعاً يَا صَدِيقاً إِنْ شَجَانَا

بِهَجْرٍ فَهْوَ بِالذِّكْرَى يَؤُوبُ

حَيَاتُكَ جُزْتَهَا مَدًّا وَجَزْراً

وَمَسًّك فِي نِهَايَتِهَا اللُّغُوبُ

قَلِيلٌ مَا تَوَاتِيكَ الأَمَانِي

كَثِيرٌ مَا تَحَمِّلكَ الكُرُوبُ

وَكَمْ فَوَّتَّ فِيهَا طَيِّباتٍ

يَفُوزُ بِهَا المُدَاجِي وَالكَذُوبُ

لَئِنْ لَمْ تَجْزَ فِي دَنْيَاكَ خَيْراً

لَرَبُّك فِي السَّماءِ هُوَ المُثِيبُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن جبران خليل جبران

avatar

جبران خليل جبران حساب موثق

لبنان

poet-khalil-gibran@

1075

قصيدة

829

متابعين

جبران خليل جبران فيلسوف وشاعر وكاتب ورسام لبناني أمريكي، ولد في 6 يناير 1883 في بلدة بشري شمال لبنان حين كانت تابعة لمتصرفية جبل لبنان العثمانية. توفي في نيويورك 10 ...

المزيد عن جبران خليل جبران

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة