عدد الابيات : 80
غرّد القلبُ ، واحتواه الهناءُ
واجتباه للطيبات الحُداءُ
والأساريرُ في انبساطٍ وشوق
والحياة ضيفٌ عليها البَهاء
والفؤادُ يختالُ أنساً ودِفئاً
رغم طقس يشتط فيه الشتاء
والأماني أمنية تلو أخرى
توّجتني ! نعم المُنى والرجاء
والتحايا مِن كل خِل محَب
والمديحُ يُشجي النهى والثناء
والهدايا هدية بعد أخرى
مِن أناس في مولدِ النور جاؤوا
والديارُ الإشراقُ أضفى عليها
كل حُسن ، إذ اعتلاها الضياء
والترانيمُ في (المُحرّم) هبت
والتراتيلُ تنسابُ ، والأصداء
والتعاويذ فوق كل لسان
منذ حلتْ في دارنا (الزهراء)
ويحَ (عجمانَ) استضاءتْ بفضلى
إنها في جو السماء الذكاء
قرّبوا مني طفلتي ويراعي
واتركوني يا ناس حيث أشاء
عَلّ شعراً يُقلدُ القلبَ تاجاً
مِن قصيدٍ يشدو به الشعراء
علني بالأشعار أسعِدُ نفساً
شاقها ما يهفو له السعداء
علّ شِعري يُهدي ابنتي تاجَ عِز
كي يراهُ فوق الجبين النساء
واجعلوني مِن مَهدها قابَ شِبر
إن قربي مِن غادتي نعماء
أتملى مِن وَجهها بَوْحَ شِعري!
مَوئلُ الشعر الرمز والإيماء
حيث توحي همساً يَسُرُّ يراعى
حبذا الهمسُ زانه الإيحاء!
إيه (يا زهراء) ، انتظرناكِ دهراً
واشتكانا الإمهالُ والآناء
عللِينا ببسمةٍ منكِ خجلى
حيث يأتي بالابتسام الهناء
وامنحينا مِن السجايا نصيباً
إنما سمتُ الفضليات الوفاء
واجعلينا مِن قلبكِ الغضّ أدنى
طاب قطعاً عن جانبيْه الثواء
إن يوماً وُلدتِ فيه لغال
عَز فيه الإصباحُ والإمساء
خيرُ يوم قد أشرقتْ فيه شمسٌ!
جُمعة في فصل الشتا غراء
إنه الغيث يغمرُ الأرض رِيّاً
ولنا مِن هذي الفتاة ارتواء
وإذا – بالزهراء بَدرٌ تجلى
ليس تمحو أنوارَه الظلماء
كم دعوْنا الرحمن ، ثم ابتهلنا
في الدياجي حتى استُجيب الدعاء!
(فاطمَ الخيراتِ) ، اتق الله فينا
وارحمينا ، إن عَقنا الأبناء
وابذلي الخيرَ ، أنتِ للخير أهلٌ
واطمئني ، لا لن يضيعَ العطاء
والداكِ كم أعطيا دون مَنِّ!
إنما طبعُ الوالدين السخاء
رغم ضعفٍ وشيبةٍ واغتراب
ربياكِ ، والشاهدُ الأقرباء
لم يقولا: مِن أين نأتي بقوتٍ
مثلما يهذي بالعزيفِ الغثاء
لم يقولا: بسبعةٍ قد قنِعنا
واكتفينا ، إن العيالَ ابتلاء
بل سُرُرْنا بغادةٍ نشتهيها
إنْ مَرضنا فهْي الدوا والشفاء
أو بُلينا بين الورى بالرزايا
واعترتْنا الآلامُ والأرزاء
وانتحبنا مما نلاقي مِراراً
والعيونُ جبراً دهاها البكاء
كفكفتْ دمعَ الوالدين احتساباً
واشتكتْ إذ مستهما البأساء
(فاطمَ الأخلاق) استجيبي لنصحي
إنما النصحُ دُربة واصطفاء
حكَّمي الشرعَ تُفلحي يا فتاتي
إذ به صدقاً في الدجى يُستضاء
واعملي بالإسلام سِراً وجهراً
ليس عن دين الحق يوماً غناء
واستقيمي مهما رأيتِ انحرافاً
في البرايا ، واستشرفَ السفهاء
وارفقي بالأيتام ، لا تقهريهم
والزمي الصفحَ ، إنْ سَرَتْ شَحناء
واجنحي للسلم الذي لا يُبارى
إن تلظتْ بين الورى الهيجاء
واعرضي الرأي إذ يكونُ صواباً
فالصوابُ تزكو به الآراء
وادرسي الفقه ، إنما الفقهُ نورٌ
والطريقُ يا غادتي الفقهاء
واستعيني بالله في كل أمر
بيد الله الموتُ والإحياء
لا تخافي مِن ظالم أي بطش
بالطواغي يوماً سيُودي العَداء
واعلمي أن الحجابَ احتشامٌ
واحترامٌ وعِفة وارتقاء
ليس يُزري لبسُ الخمار بفضلى
والحَصَانُ يحمي صِباها الخباء
واستري الوجهَ ، يا حبيبة قلبي
ليس تُبدي الوجوهَ إلا الإماء
حُرة أنتِ ، واحتشامُك فرضٌ
واختياري الإسدالُ والإدناء
وأمُري بالمعروف في كل حين
وكذا انهَيْ عن منكرٍ مَن أساؤوا
واصبري في هذا السبيل وجدّي
واصمدي مهما استفحلَ الإيذاء
وانهلي مِن مُستعذب الشعر كأساً
كل يوم يسعدْ بك الشعراء
واقرئي القرآنَ الكريم تِباعاً
واستسيغي ما تحتوي الأجزاء
وارشفي قِسطاً مِن أحاديث صحّتْ
إنما أهل السنة الغرباء
واستبيني كيلا تُصيبي بريئاً
خاب عبدٌ خصومُه أبرياء!
واهجُري مَن تغتابُ دون اكتراثٍ
فاغتيابُ الأنام بئس الداء!
وانصحي مَن عن شِرعة الحق حادوا
ثم ها هم بالسوء والشر باؤوا
واصفحي عمن قد أساء وجافَى
واعظ الخير ، واعتراه الشقاء
وافعلي الخير ، وارتجي الأجرَ ممن
في السما ، في الدنيا ، له الكبرياء
إن عدمتِ عند البرايا جزاءً
إنما عند الله ربي الجزاء
واصطفي زوجاً مسلماً مستقيماً
سَمتُه البرُ والعطا والإباء
طيبَ القلب ، صالحاً مستنيراً
زينة الدنيا السادة الصلحاء
لا يبيعُ ديناً بدنيا بتاتاً
إنما يأتي ذلك البلهاء
إنْ أحب أولاكِ كل احترام
ما له في حُب ابنتي نظراء
أو قلاكِ لم يأخذِ الظلمَ نهجاً
لا يفيدُ قط القِلا والجفاء
وأطيعي إن كان في الأمر رُشدٌ
سوف تُشجيه الطاعة العمياء
واعصيْ أمراً يُخالفُ الشرعَ ، إنا
يا فتاتي على الهُدى أمناء
واذكرينا بالخير إمّا رحلنا
واشتكتْ مِن أجسادنا الغبراء
إننا يا زهراء ذبنا التياعاً
واكتوَيْنا بما أتى الأقرباء
جرّعونا خذلاً يروحُ ، ويغدو
وعليهم والله عَز الصفاء
كم بذلنا ، نرجو لهم كل خير!
وكأنا في بذلنا الدأماء
فلقِينا ردّ الجميل التعدي
وحكايات يشوبهن افتراء
والجميع سيفٌ مُبيرٌ علينا
بَلهَ والعاصفاتُ والأنواء
لا تكوني يوماً كمن خذلونا
إنما الخذلُ خيبة وازدراء
شَهمة عيشي فابذلي ، لن تراعي!
ديدنُ الفضلى في الحياة الحَباء
والمليكُ يجزي الجميلَ جميلاً
إن عُقبى الجود النما والثراء
لا أراكِ تستكثرين عطاءً
رُب جودٍ تُردَى به البلواء!
لا يخِب ظني في ابنتي ذات يوم
خيبة الظن طعنة كأداء
بل فكوني ولية ذات شأن
مثلما كانت سِتَنا الزهراء
1954
قصيدة