عدد الابيات : 26
قلتَ: ابتسمْ ، وعجزتُ أن أتبسما
وفجعتُ في نفسي وصحبي والحِمى
وبكيتُ أحلاماً ، وآمالاً خبَتْ
وغدتْ دموعُ العين في البلوى دما
وطفقتُ أجْرَعُ في البلاء تصبّري
ورفعتُ كفي ضارعاً نحو السما
ورَثيتُ نفسي ، إذ تمرّق بأسُها
وعذرتُ قلباً في المصاب تلعثما
وغبطتُ رُوحاً في الشقاء تجندلتْ
وشكوتُ ليلاً مُدْلهماً حُلكُما
ونعيتُ بين الأرذلين كرامتي
وشرعتُ أحقِرُ جعظرياً مُجرما
أمسى يُعاملنا كبعض عبيده
ويرى تعنته قضاءً مُبرَما
واعتدّ خلف غروره بوظيفةٍ
سِيقتْ إليه ، فنال منها مَغنما
واختال كالطاووس ، ماسَ بريشه
وانقضّ يَحسَبُه المُغفلُ ضيغما
وأذاقنا كأسَ الجهالة مُرّة
إذ بات يخبط في متاهات العمى
وطغى علينا مُمسكاً بوعيده
والوعدُ مِن شفتيه أصبح عَلقما
مِن أي قوم أنت يا متعجرفاً
من (مازن) أو (خزرج) أو (أسلما)؟
أو من (قريش) أو (خزاعة)؟ فلتقلْ
أو من (بني ذبيان) أو من (جُرهما)؟
لفظتْك أعرافُ العروبة كلها
وسُلومُها في كل صُقع والدما
والدّينُ يبرأ مِن فِعالك شابها
كيدٌ يُجاوز في المَرار الشبرُما
وأبوك آدمُ منك يَبرأ حِسبة
والعِلمُ يبرأ راضياً ، أو مُرْغما
أجعلت أحرار البسيطة أعبُداً
ونساؤهم أصبحن عندك كالإما؟
هذا (أبو ماضي) يذرّ تفاؤلاً
مِن أين يا (إيلياء) والكربُ استمى؟
ونعيشُ نزدردُ العذابَ ، ونشتكي
والبعضُ يبكي مَنصباً أو درهما
والبعضُ يَجترّ المصيبة راضياً
ويرى التجمّلَ للدغاول بَلسما
والبعضُ ينعِي أمّة مكلومة
وإذا استعادت مجدَها لن تُكْلما
عفواً (أبا ماضي) استمعْ مَرثيتي
أمسى الأنينُ على القصيد مُخيّما!
أنا يا أخا الأشعار قلتُ مُصرّحاً
أني لما ألقاه لن أتبسما
فلعل هذا الحزم يختصرُ المدى
ويُفِيقُ قوماً في الكريهة نوّما!
ولعلني بالجدّ أبلغ غايتي
وألقِنُ الأعداءَ درساً مُؤلما
أن ابتسام المرء إن طفحَ الجوى
أمرٌ فؤادي عنه فعلاً أحجما!
1954
قصيدة