الديوان » احمد علي سليمان عبد الرحيم » بُردة عائشة رضي الله عنها

عدد الابيات : 104

طباعة

الشعرُ يا أم في حُبوره التممِ

يُرَجّعُ السيرة العصماءَ بالنغمِ

والوزنُ ينتخب التفعيلَ مؤتلقاً

وللقوافي أهازيجٌ من الرنم

وفي سَريّ المعاني رونقٌ عطِرٌ

وفي التراكيب زخاتٌ من الديم

وللتعابير ألفاظ تُجَملها

وللتصاوير سمتٌ جد مُعتلم

وللبديع مَقامٌ في قصيدتنا

فالسجعُ أشهرُ من نار على علم

وللبيان أفانينٌ مُزركشة

فالاستعارة والمَجاز كاليُتُم

وللبلاغة فحواها وبَصْمتها

حتى يكونَ قصيداً بالغ العِظم

وللفصاحة دَورٌ سوف نلمسُه

في النص تُدركُه بصيرة الفهم

لأننا سوف نُطري الأم عائشة

مَن يتبعْ هديها يَرشُدْ ويَستقم

بعد (الخديجة) هذي لا تُضارعُها

بين النسا حُرمة في العُرب والعجم

مكية ما رأتْ عينٌ مثيلتها

وهل فريدٌ له في العالمين سمي؟

تيمية من قريش طاب سُؤدَدُها

وأصلها في البرايا غيرُ منبهم

وأم من آمنوا بالله واتبعوا

هديَ البشير النذير المصطفى الهشِم

وليس في الفقه من فضلى تُعادلها

فتلك في الفقه حازتْ ذِرْوة القِمم

وليس في ديننا امرأة تُناظرها

ومَن تُناظِرْ تبُؤْ بالمَرتع الوَخِم

وليس بين النسا مَن حَاز مَحْتدَها

أباً وأماً وقوماً ، أو ذوي رحم

فمن يُباري أبا بكر وعِتْرته

في سِيرةٍ في الورى جلتْ عن التهم

كان الرفيقَ ، ولم يبخلْ بثروته

وثانيَ اثنين في البلواء والقحَم

وأم رومان والإسلامُ يرفعُها

هل رِفعة في الدنا كرفعة السلم؟

وعائشُ الخير تحيا في بُلهنية

فالعيشُ سَعدٌ إذا لم يُبْلَ بالسَدَم

كان النبي رآها في الحَرير أتتْ

كالشمس إن أشرقتْ بنورها التمم

وقال جبريلُ هذي زوجة ، فإذا

بالمصطفى فرحاً يقول في نهم

إن كان ذلك فالرحمن مُنجزه

والحمدُ والشكرُ للمُهيمن الحَكَم

وهْي ابنة التسع إذ دخل النبي بها

أحلى بناءٍ بشرع الله مُتسم

بنى النبي بها قبيلَ هجرتها

 في مكةٍ قضيا عامين في إزم

وهاجرتْ في سبيل الله عائشة

معْ والديها ، فقد غالى ذوو الغشم

إذ أصبحتْ مكة للكفر مُنتجعاً

والكفرُ أس البلا والمرتع الوخم

دعا النبي لها دوماً بمغفرةٍ

فعاشتِ الدهرَ في عز وفي شمم

أحبها الحبَ لا ألفاظ تنعتُه

والحبُ من أشرف العاداتِ والسِيَم

ولم يُحِبَ سواها مثلها أبداً

 مِن بين أزواجه العقائل العُصُم

على النسا فضلها يزيدُ مرحلة

مثل الثريد علا عن سائر الطعُم

هل بعد ذلك تشبيهٌ لذي نظر؟

أو بعد ذلك توضيحٌ لذي فهُم؟

وكان جبريلُ بالسلام يُتحفها

في بيتها ، أو على درب لدى إضِم

كانت تصومُ من الأيام أغلبها

بلا انقطاع ولا كَلٍ ولا مَلل

وقيلَ كانت تصومُ الدهرَ عن رغب

أكرمْ بصوم مدى الأيام مُنتظم

لم تُغرها مُتعُ الدنيا صباحَ مسا

كانت ترى حُسنها سَيلاً مِن العَرِم

عُقودها الست عاشت خيرَ زاهدةٍ

 والزهدُ من أنبل الخِلال والقِيم

قيامُها الليل أضناها وأضعفها

 لولا الإرادة والتصميمُ لم تقم

كذلك الصومُ صومُ الدهر أنهكها

لولا عبادة رب الناس لم تصم

ويوم أجزلَ في العطا مُعاوية

أبو يزيدٍ عظيمُ الجُود والكَرم

في ألف مائةٍ لها سِيقتْ لتنفقها

على الأمات والحَشَم

نِعمَ القلادة طالت كل ذي عَوَز

وفرّجتْ كُرَباً أودتْ بذي قحَم

وقسمتْ ألف سبعين تريدُ بها

وجه المليك لمحو الذنب واللمم

وترقعُ الثوبَ والأموالُ في يدها

تقولُ للنفس: ذوقي الفقرَ عن رغم

وتخصِفُ النعلَ ، هذا ما بهِ عُرفتْ

فالأمرُ ليس عن الدنيا بمُنكتم

ألفي حديثٍ روتْ ، ما كان أحفظها

لصادق الفعل والأعمال والكلم

وطببتْ من وِجاع لا علاجَ لها

بالشيح والزعتر البري والعَنَم

من الوفود أتت بيت النبي وَعَت

طباً يُزيل أذى الأسقام والورم

وفي القريض لها باعٌ ومدرسة

منها تعلمَ من يَخط بالقلم

والشعرُ يفخرُ إذ تُلقيه عائشة

أبياته مثل عقدٍ غير منفصم

وفي الخطابة قل: سحبانُ يغبطها

على الحديث بلفظٍ غيرِ مُنعجم

فصيحة قولها له إبانته

يُشِعُ نوراً كمثل البدر والنجُم

كانت تصوّبُ للشُعرا قصائدَهم

بمَنطق طيّب الألفاظ مُحترم

وجاءها الابتلا ، فاستسلمتْ وَبكتْ

حتى أصيبتْ من البلاء بالسقم

والعينُ من كثرة البلاء قد ذبلتْ

وَيحَ الدموع غدتْ كالوَبْل والدِيَم

واحلولك الجوُ في سِلم وفي حَضَر

والإفكُ خالجَ عِرضَ المصطفى الهشم

وللمدينة إرعادٌ بشائعةٍ

تؤذي النبي سرتْ في البيت والحرم

والناسُ حِزبان: موزونٌ يُبرئها

ما غره خائنو العهود والذمم

وآخرٌ دون برهان يُجَرّمُها

إذ غاله قولُ أفاكٍ ومُجترم

أما النبي فما أتى له خبرٌ

يُنبيهِ بالفصل يُردي كل مُختصم

والكل مُنتظرٌ قرآنَ خالقه

كي يُطفئ الوحيُ ما قد شَبّ مِن ضَرم

وعائشُ الخير تدعو الله ضارعة

في حالةٍ صُبغتْ بالبؤس والوصم

لكنْ لها أملٌ في الله مبتشرٌ

ولم يَزُرْ قلبَها شيءٌ مِن السأم

على يقين بأن الله ناصرُها

مَن يُحسنِ الظن بالرحمن يغتنم

تدعو وتأمل أن يُزيل كُربتها 

مُفرّجُ الكُرَب القعساءِ والنقم

وللرجاء نصيبٌ في تبتلها 

من قرب نصر مليك الناس ذي النعم

في كل يوم دعاءٌ دمعُه حَدِرٌ 

وبالفؤاد يقينٌ زينَ بالعشم

قال النبي لها إما برئتِ فإن الله مُظهرُها

بالنص يُتلى مَدى الإصباح والغسم

أو جئتِ معصية دعوتُ مُبتهلاً

مُستغفراً خالقَ الأكوان والنسم

قالت: أجب يا أبي عني بلا تِرةٍ

فلم يُجبْها لِمَا عانى من الألم

وأم رومان لم تدفعْ مُبررَها 

أضحى اللسانُ يُقاسي وطأة البكم؟

أما سمعتِ أيا أمي بمظلمتي

هل سمعُكِ الآن يشكو شدة الصمم؟

وعائشُ الطهر قالتْها مُدوية

في موقفٍ بالغ الإيلام مُحتدم

إن قلتُ أذنبتُ جاء الوحي كذبني

برغم صدق بأمر الله ملتزم

أو قلتُ جئتُ أيا أقوامُ معصية

كذبتموني ، وجرحي غيرُ ملتئم

أقول ما قال (يعقوبٌ) بمحنته

بلفظ مصطبر ومنطق شبم

صبرٌ جميلٌ ، وربي أستعينُ به

على البلاء أصاب القلبَ بالغمم

حتى إذا بلغ البلاءُ ذِروته

والفتنة اشتعلتْ بساعر الأيُم

جاء الأمينُ بقرآن يُبرئني

ومَن تلاهُ بدرك الحق يَعتصم

يُبين الحق بين الناس قاطبة 

ومَن يبينْ مُرادَ الله يُحترم

والله برّأ في القرآن عائشة

يا جوقة الإفك من كهل ومُحتلم

سليلة الطهر ما جاءتْ بمعصية

بل استقامت على منهاجها اللقم

قيلَ اشكري لرسول الله تبرئة

جاءتكِ من خالق الإنسان من عدم

قالت: سأحمد ربي دائماً أبداً

فالحمدُ لله ربي الواحد الحكم

والوحي ينزل في لحاف عائشة

ويغمرُ البيت بالآيات والرُحُم

وتسألين نبيَ الله أسئلة

تنمُ عن فهمكِ العميق للسَلَم

والعلمُ بين سؤال والجواب له

فحُزتِ بالعلم آماداً من الفهُم

ونال منكِ أناسٌ لا خلاق لهم

أجدادهم عمدوا يوماً لسفك دم

والله عاقبهم بخيبة جثمتْ

إن الهزيمة عقبى الظالم الغلم

ويَشرقون بحقد في القلوب بدا

على الوجوه بهالاتٍ من الأضم

والله حارقُ أكبادَ الألى ظلموا

ومن يُشاققْ مليكَ الناس ينهزم

وعائشُ الخير في الخيار قد نجحتْ

وأشْهرَ الأمرُ في الخصوص والعَمَم

اخترتِ ربك والأخرى وأحمدَنا

نعم الخيارُ علا بالمَطمح السنم

لذا وُعِدتِ عظيمَ الأجر يسبقه

رضا مليك الورى المهيمن الحكم

وكم سُئلتِ عن الإسلام أسئلة

يضيقُ صدراً بها جداً ذوو العِمَم

وكم وَأدتِ بدنيا الناس من بدع

في الشرع نافحَ عنها عابدو الصنم

وكم تفردتِ بالأحكام يجهلها

ذوو البصائر والعلوم والقيم

وكم تعلم منكِ العلمَ جاهله

حتى غدا داعياً لله ذا حِكَم

ونلتِ مَكرُمة الجهاد في أحدٍ

تسقين من عطشوا في ساحة الجَحَم

وتحملين جرارَ الماء ما حملت

أشباهَهن ظهورُ الأينُق الرُسُم

وكم نصحتِ ولاة الأمر في أدب

في أضنكِ الحال والمشاكل الدُهُم

نِعمَ النصيحة إن كانت مُهذبة

وأنت مَدرسة في العلم والقِيم

بوركتِ يا أم في دنيا وآخرةٍ

وبُردتي ذيلتْ بخير مُختتم

أبي وأمي فدا العصماء عائشةٍ

ما أومضَ النجمُ في محلولك الظلم

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن احمد علي سليمان عبد الرحيم

احمد علي سليمان عبد الرحيم

1954

قصيدة

احمد علي سليمان عبد الرحيم ولد سنة 1963 في بورسعيد لاسانس اداب لغة انجليزية يقوم بتدريس اللغة الانجليزيه لجيمع المراحل هاوي للشعر العربي من 40 سنة له دواوين 24

المزيد عن احمد علي سليمان عبد الرحيم

أضف شرح او معلومة