عدد الابيات : 98
طباعةيا عابدَ الرحمن أخلص واصمدِ
وبهدْي ربك والرشادِ استرشدِ
إن المنايا شاهراتٌ سيفها
ليست تحب سماع رأي مُحصِد
من يزرع الخيراتِ يجن رطيبها
من يبذل الطاعات دوماً يُحمد
أمسكْ لسانكَ عن وشاية عابثٍ
يُلقي الوشاية كالبعير الجُرهُد
إياكَ أن تمننْ بخير سُقتهُ
لمُريدهِ عارٌ على المسترشد
وكن المغيثَ لمن أراد إغاثة
وأعن عباد الله لا تستَعبد
وأحب كل المسلمين وكن لهم
عوناً وردءَا يا له من سُؤدَد
عذراً بُنيَّ فمذ أتيت وأمرُ ربـ
ـك قد أتى وأراك فذ المَحْتِد
لمّا تكن تعنى بخذل معربدٍ
أو تستسيغ الوهمَ من متهود
يا عابد الرحمن دينك فالتمسـ
ـه تعش به ودِّعْ سقيمَ الحَرمَد
يا عابد الرحمن جناتُ المليـ
ـك فسيحة فيها رطيب الخُرَّد
فاعمل لمرضاة الرحيم ولا عليـ
ـك مذمة أجمل بطفل أمجد
نعم الغلامُ أراك إنْ وحدت ربّـ
ـك مسلماً أنعم بشهم أرشد
شاء المليك لنا امتحاناً يوم مو
لد جهبذٍ في الحق صَلب سَمهَد
والله ربي لا يكلف أنفساً
فوق احتمال من هنا فليُحمد
والعصر عصرك يا بنيَّ تعددتْ
فيه الخيانة ديدنُ المُترصد
ابني الكريمَ أراك فوق رؤوسهم
دوماً تذود عن الهُدى بتجلد
أنا أكره الشيطان عمريَ كله
وكتاب ربي مِن أذاهُ مُنجدي
وكذاك أكره في الورى أعوانه
كُرهاً يُرى بين الورى كالصيخَد
فاكرهه إن الله مولانا أحـ
ـق بخشية المتوضيء المتهجد
واجهر بكرهك نزغهُ وجنودهُ
في ذات ربك صاح فلتستشهد
إياك أن تأسى على شيء مضى
واحذر من العيش الرغيد الأغيد
إذ ليس أخطأك الذي هو قد أصا
بك يا فتى فاصبر لأمر السيد
يا عابد الرحمن أمّك فارعها
فلأنت بعد الله ذخرٌ للغد
وأخوك صنهُ ولا تخنه لحيظة
عبدان صدقاً للمليك الأوحد
قلبان في جسدٍ يعاني محنة
ويكبدان الخصم كل تفؤد
وأبوكما قد أحرقتْ نارُ التخا
ذل قلبه من زمرة المستأسد
خذلوه في كل المواقف لم يرا
عوا ضعفه فغدا كمثل العُرجُد
هو لم يعارضْهم بُنيَ دقيقة
بل كان سِلماً وسْط شتى الأفهُد
هو كان سالمَهم على طول المدى
ولأمرهم أغضى ولم يتفقد
هو كان خادمهم ولمّا يعصهم
كانوا له نوراً يُرى كالفرقد
واليوم خانوا الدرب قد غدروا به
وصغيرُهم في الغدر مثلُ الفُرهُد
لم يذكروا إخلاصه دوماً لهم
أشئم برهط واجف كالصِّفرد
لم يرحموا طفلين لمّا يكبرا
أبئس بجمع جعظري عَنكَد
لم يرحموا زوجاً تراهم قدوة
جُرحتْ ومن يُجرحْ يُغَث ويُضمّد
لم يذكروا حلو الليالي في دجى
أيامهم زينتْ بسُنة (أحمدٍ)
ثاو أنا أبكي سوالف أنسنا
زمن تولى مثل وادٍ مُرصِد
قد كنتُ في أفيائها متحفزاً
أصف الطريق بها لماء المَدمَد
ذهب الجمال بفرحه وبترحه
وبقيتُ أبكي ما جرى للأكبُد
أنا ما جرحتُ أخاً بأي تنقص
كلا وما بارزته بالمِصْيَد
أنا ما دفعتُ أخاً لأي كريهةٍ
إن التخاذل في الورى كالأسعد
أنا قد بذلتُ النفس في ذات المليـ
ـك أحبكم والشوق لم يتفصد
فشويتموني في جحيم ريائكم
وشربتمُ دم عبقري أمجد
وأكلتمُ لحمي بكل شراهة
متفحماً في النار غير مُقدد
وتفطر القلبُ الجموحُ عليكمُ
ويح الفؤاد الواجم المتفصد
يا عابدَ الرحمن دينك فانتهجـ
ـه ولا تسلْ في أي رأي أرمد
وتعلم القرآن تنجُ من الهوى
واعمل به والزمْ رياض المسجد
وأمامك الفِرق الكثيرة في الورى
لا تمش في وادي الهوى المُعْلندَد
واحذر مداهنة التحزب إنها
تودي بعقل المرء مثل الصرخد
وامش الهُوينى فوق هذي الأرض لسـ
ـت بمُحدثٍ فيها خروقاً فاهتد
وكذاك لستَ ببالغ فوق الكثيـ
ـب الصلد هذا اليوم طول الحُنجُد
يا عابد الرحمن قصِّرْ في الأما
ني ، إنها بلوى الفؤاد المهتدي
انا لا أعقِّد فيك نظرة مسلم
حبي إليك أيا فتى لم ينفد
ووصيتي من كل قلبي فامتثل
هذي النصيحة يا فتى لم تعهد
لكنما هي همسة من والدٍ
قد عاش يشكو من جفاءٍ سَرمَد
سببُ الجفاء إطالة الأحلام في
هذي الدنا والمرءُ غير مخلد
يا عابد الرحمن صدقتُ الأما
نيَ فانزويتُ بآهة المتغلد
فأطع أباك وكن لنفسك حازماً
كن كالجُمان على التراب الأمرد
هو واقعيٌّ ليس يحلم مثلنا
ويهيم في طير هناك مغرد
وكذا الصقور فكم لها من عزةٍ
وكذاك كم في سيرها من مشهد
فالصقر كم في الصقر من عجب لذا
آثرته أكرم بطير أصيد
هو جرّب الأحلام دهراً فاكتوى
وحصائدُ الأحلام مثل العُجلَد
هو طائر عذب الشكاة مزركشٌ
يختال في هندامه كالأصيد
هو ليس كالطاوس يملأه الغرو
ر وليس كالمتبذل المتردد
لكنما هو واقعيٌ في عقيـ
ـدته يذكرنا بقول الهدهد
شاهدتها مع قومها للشمس قد
سجدوا سجوداً يا لكفر السّجد؟
أولى بذلك ربنا هو مُخرجٌ
للخَبء في أكوانه بتفرد
يا عابد الرحمن حدد بُغية
من هذه الدنيا ولا تتردد
ولدي الحبيبَ فإنني جربتها
فوجدتها كالأرقم المستحصد
إياك أن تهوى متاع غرورها
أبئس بشر تخبطٍ وتأود
هي تشبه الأمل الضحوك بطيبها
فترُوح أو تغدو بثوب مُجسَد
ابني الحبيبَ: لك الفضائل جمة
ولأنت نبتٌ من فئام سُجَّد
فاربأ بنفسك أن تكون مذللاً
واربأ بقلبك عن غموم الحُسَّد
واجعل إجابة من يعيبك إفكه
واشمخ بأنفك عن تطاول قمهَد
وارج الهداية في إطاعة ربنا
وذرَى التعفف في العبادة فانشد
ما خاب عبدٌ قد أطاع إلهه
إن العبادة طاعة للسيد
واحذر مصاحبة الوشاة فإنهم
سبب الشقاء على الدوام السرمدي
إنى أريدك أن تعيش العمر حـ
ـراً لا يهمك من متاع أجرد
إني أريدك أن تعيش على الكفـ
ـاف فلست تحلم بالرياش العسجدي
فأبوك قد برت الوشاية عزمه
ويح الوشاة من الجُموع الحُسد
أعْلمتهم في الناس سري فاستبا
حوا كل خير يا صغيري فاشهد
فطويت صفحتهم ، ولم أعبأ بهم
قد بات أمر القوم غيرَ مُعقد
بل هم يريدون الوصول على حسا
ب صحابهم هم كالعَجاج الأربَد
وإذا أتاك من الخلائق فاسق
يُنبيك عن قوم بغوا أو مشهد
فعليك بالتبيان لا يغررك تنـ
ـميقُ العبارة بالخيال العسجدي
وتحر في طلب الحلال وكن لما
لك واعياً أنعم بكل حَفندَد
وتجنب الجهلاء عمرك كلهُ
فالجهل داعية الفنا المتوقد
ولأمر ربك فاصطبر كن راضياً
عند المصيبة فالقديرَ استنجد
وابذل على الأيام معروفاً ولا
تمنُن به فالمَن داءُ الألكد
عيناك فلتحفظهما عن كل خا
ئن نظرة فالغض سَمتُ المهتدي
إلحادُ عينك في الحرام جريمة
حاذر ترديَ كل غِر مُلحد
والخاطر الحيران فاكظم غيظهُ
كيف الحياة بخاطر متغلد؟
واعلم بأن هديتي هذي إليـ
ـك أزفها (دالية) لم تسرد
ما كنت أنوي أن أسطر شطرة
لكنما قدرُ المليك المُوجد
لي موعدٌ مع عابد الرحمن في
أخرى تكون عظيمة كالعَسجَد
وختام دعوانا أن الحمد الكثيـ
ـر لربنا المُحيي المميت السيد
1954
قصيدة