عدد الابيات : 57
مدامعُنا تُعرّض بالأذاةِ
وتُطفئ بالعزاء لظى الشكاةِ
تُشاطرُك الكآبة في مصاب
به انتحرتْ أساريرُ الحياة
وتحملُ عنكِ هماً كالرواسي
وكرباً فاق أعتى المُعضلات
وترثي للعذاب دهاكِ حتى
أحاط البيت مِن كل الجهات
وتنعي الابتسامة عنكِ زالتْ
مُؤججة سعير الذكريات
وتأسى للخطوب بكِ استبدتْ
مُحطِمَة أريج الأمنياتِ
وتبكي وردة فقدتْ شذاها
فلاذتْ في المصيبة بالسُّكات
وتحمل غادة ثَكِلتْ صِباها
على الصبر المُضمّخ بالأناة
ألا فلتقبلي منا التعازي
بقلب قد تسلحَ بالثبات
ونفس لا تدهدِهها الرزايا
وروح تغتذي بالمُوجعات
وعاطفةٍ تقويها البلايا
وعقل يستفيد من العِظات
وإحساس تُعضّدُه المنايا
وهِمة مَن تحب التضحيات
وخاطر فذةٍ تغدو وتمسي
يفكرُ في النصيحة والوصاة
وعزم يستهين بما يعاني
ويسبح في خِضمّ المشكلات
وتصميم على خوض التحدي
ولو أفضى النزال إلى الممات
وبأس ليس يردعُه التجني
ولا يُضنيه وخزُ الشائعات
وعزة مَن تؤازرُها الدواهي
وتُوصِلها لأسمى المَكرمات
زواجُ البعل مِن أخرى بلاءٌ
وأهونُ منه بلواءُ الوفاة
فإن مات الحليلُ حزنتِ حيناً
وبعد الحزن عزفُ الأغنيات
وتذهب لوعة الأحزان حتى
يَسر القلبَ ذِكرُ الحادثات
وتنسين الذي قد كان زوجاً
ونسيانُ الجوى أندى السمات
وأما زوجة أخرى فنارٌ
وليس مِن التلظي مِن نجاة
وكيدُ الضُّرة الموتُ المُدنى
وبعضُ الكيد في كتب الرواة
حكاياتٌ تعذب مَن تلاها
بإمعان وبعض تأملات
فكم مِن ضُرةٍ هاجت وماجت
وخلفتِ الأذى والمُنكرات
وكم مِن ضُرةٍ سفكتْ دماءً
بتحريض الرّعاديد الجُناة
وكم مِن ضُرةٍ ذبحتْ بريئاً
بظن ساقهُ بعضُ افتئات
وكم مِن ضُرةٍ ركبتْ هواها
وجاهرتِ الورى بالسيئات
وكم مِن ضُرةٍ هدمتْ بيوتاً
وشردتِ الذراريَ والبنات
وكم مِن ضُرةٍ بلغتْ مُناها
بترويج الخنا والموبقات
وكم مِن ضُرةٍ لم تألُ جهداً
بترويع النساء الآمنات
وكم مِن ضُرةٍ خانتْ فخابتْ
وسربلها مصيرُ الخائبات
فلا تهنى إذا ما خان زوجٌ
وأوغلَ في مَريع المَعصيات
وعالج بالتعدّدِ ما يلاقي
وإنّ على الخيانة بيّنات
سيوردُه تعددُه البلايا
وسوف ترين عُقبى الترّهات
وهل فُضلى التي قبلته زوجاً؟
فما هذا بسمتِ الفُضليات
ومَن ترض الزواجَ بذي عِيال
ستُشطب مِن سجل الطيبات
ألا فلتهجري بيتاً تداعى
فإن الضيم مِن أخزى الصفات
دعيه ومَن يعول ، ولا تبالي
ولا تستسلمي للنائبات
سيسجنه العيالُ بصحن بيتٍ
ليغرقَ في عميق توجعاتِ
ويندمُ أنه ضحّى ببيتٍ
وذبّحه كتلِّ الأضحيات
وينفعه التعددُ في زمان
يُعاني مِن قطيع الإمّعات
يقلد بعضهم بعضاً نفاقاً
وجُلُّ القوم أشبهُ بالعُتاه
أعادونا إلى عصر الجواري
فكلٌّ يستبيحُ المُحصَنات
وبتنا كالإماء بلا اعتبار
فلم تحو الديارُ السيدات
فإن لم تهجري فالخُلع أولى
ولا تسّمّعي للمُرجفات
فإن لم تفعلي فتتبعيهِ
وبعدُ فسلطي بعضَ الكُماة
ليُرمى بالسهام بلا احترام
ويُهدى للأوابد في الفلاة
أو انطلقي بسكين ونِطع
وأكياس تُواري العينات
وبعدُ تصدقي ليزول ذنب
ومَن في الناس كالمتصدقات؟
أو انطلقي لزوجته برهطٍ
لتُمسي في عِداد المَيتات
فيرجع للعيال أبٌ تناءى
وخلّف بالرحيل تحسرات
فإن لم تفعلى فالعشق حلٌّ
وقومي استرشدي بالعاشقات
أحبّي غيرَه ، ودعيهِ يأسى
ولا يفتنك يوماً بالتفات
نصحْنا ، والخيارُ لمن أصيبتْ
وإن النصحَ طبعُ الخيّرات
لأنكِ جِدُّ غاليةٍ علينا
نعزي اليوم خيرَ الصاحبات
1954
قصيدة