عدد الابيات : 68
طباعةلآلئُ الشعر فيها الدُرُّ مُرتَصِفُ
والحقُّ موردُها ، والقُدوةُ السَّلَفُ
قلائدُ الماس فوق النَّجم باسقةُ
وشاعرُ العصر ، والأعداءُ تَعْتَرِف
قَصَائدٌ ما لها في الجيل مِنْ مَثَلٍ
طِبُّ العليل ، وسَلْوَى مَنْ بِهِ كَلَف
سَبَائِكُ النُّور تُجْلِي كل غاشِيَةٍ
وسُنْدُسٌ ألِقٌ يَسْمُو ويَرْتَصِف
سَمَاءُ شِعْرٍ بها الأقمَارُ ضاحكةٌ
ومَوكبٌ بضياء الأفْقُ يَلْتَحِف
فرائدُ العِطْرِ في أعطاف غانيةٍ
وشِرْعَة المَاءِ تَروي مَنْ بِهِ شَظَف
ضُحَى الأصِيلِ ، ودِفءٌ ثمَّ مَسْرَجَةٌ
الضوءُ والدفِّء ، لا حَرٌ ولا شَفَف
وقوةٌ فِي بَيَانِ الحق ما عُهِدُتْ
فِي غيره ، نِعْمَ تِبيانٌ ومُرْتَشَف
وعَبْقَرِيَّة عَرْضٍ ليس يُحْسِنُهَا
سِواهُ ، لا مُثلة فيها ولا صَلَف
كذاك ربط بأشعار لواقعنا
مِنَ الحياة ، وعيْشُ القوم يَعترف
لا يَنسجُ الوهْمَ جلبابَّاً وأمنيهَّ
يقول حقَّاً ، ولو في عَرْضِه ذُعُفُ
هو الأديبُ ، له في الشعر مدرسةٌ
يُزْكِي المشاعرَ ، هذا جِدُّ مُحْتَرٍف
هو البلاغة في أسمى معالمها
هو الفصاحة ، والتَّبْيانُ والثَّقَف
وفوق ذلك إخلاصٌ وتَزْكيةٌ
وطُهْرُ قلبٍ ، وتوحيدٌ بهِ حَنَف
هو المشاعِرُ جلَّتْ عَنْ حقيقتها
هو العواطفٌ يُزْكِي عَزْمَها الهَدَف
هو الأحاسِيسُ نَشْوَى في تأثُرها
عمادُها الحِلْمَ ، لا شَكْوَى ولا أَفَف
هو الغَضَنْفَرُ مَزْهُوٌ بما كتبَتْ
رأسُ اليَرَاع ، وهذا حَبَّذا الّشَرَف
يُجَنٌدُ الشَّعْرَ للتَّوحيد مَلحَمَةً
فالأمسيَاتُ لهُ ، والسُّوحُ والصُّحُف
هو الحُسَامُ بَدا في كل أمسيةٍ
يَسْتَأصِلُ الزورَ جَهرًا ، ثم يَنْصَرِف
تراهُ فارسَ صَوْتِ الحق مُمْتطيًا
جوادَه الشهمَ ، نِعْمَ المَرْكَبُ الأَلُف
يُعطَّر الجوَّ بالأشعار مادحةً
كأنها الدُّرُّ ، والترنيمةُ الصَّدَف
إلْقَاوْهُ مثلُ مَرّ الطيف موْتلقًا
على المَعاني سنا الإحساس يَنْعَطِف
أَجَاد كلَّ فُنُونِ الشَعر يكتبُها
حازَ البيانَ ، وأثرى شِعْرَهُ الشَّفَف
إذا تفاخَرَ لا سُوآى ولا كذِبٌ
كذاك يَصْدُقُ فِي الأشعار إذ يَصِف
وإنْ تَغَزَّلَ لا فَحْشَا ، ولا شُبَهاً
ولا قَوَامَ ولا مَعْشُوقَ يَأْتَلِف
وإنْ رَثَا فَذُرى التصبير دَيدنهُ
لِيَذْهَبِ الحُزنُ والآلامُ والأَسَف
وليْسَ يُسْرِفُ في مَدْح بأخيلةٍ
مثل السراب على البيداءِ ينْحَسِف
وإنْ هَجَا فَعُرَى الأخلاق مَرْكَبُه
بالحق يَهْجو وبالحَسْنَى ، فلا جَنَف
وإنْ يُعَارِضْ فسبكُ النظْم منهجُهُ
شِعْرٌ أصيلُ الرؤى ، وليس يَنْقعِف
وإنْ يُدافِعْ عَنِ الإسَلام كاَن لهُ
سِهامُ صَدْع بَدَتْ كأنها نُجُفُ
يُعَظَّمُ الحَقَّ يُبْدِي جُرْم غَاصِبِهِ
ويَقذف النُّورَ ، نِعْمَ العَونُ والنَّصَف
ونِعمَ مُستبِقٌ في نَصْر مَن ظُلِمُوا
ونِعمَ مُقتصِدٌ ، لم يُعْرِهِ الغَطَفُ
يا ابن الجزيرة: أنْتَ اليوم فارسُنَا
في مَوردِ الشَّعر ، انَّ الشَّعرَ يَرْتَجِف
إنّ القَرِيضَ يَعِيشُ الآن مَهزلةً
وشَمسُ شِعر الهُدَى فِي التَّيهِ تَنْكَسِف
يَعيش غُمَّةَ جِيلٍ هَازلٍ أشِرٍ
مَتَي تزولُ مِنَ الدنيا ، وتَنْكَشِف؟
يُتَاجِرُ اليَوُمَ بالأشعار مَنْ فسقُوا
واستأسرت قومَنَا الأرجَاسُ والجِيَف
حتَّي أتيْتَ فَهَاجَ الشَّعرُ تَكْرِمَةً
لفارس الشِعر ، مَنْ بالجُود مُتَّصِف
سَخَّرْتَ شِعْرَكَ للخيرات مُحْتَسِبًا
فلَمْ تُداهِنْ ، ولم يَلْعَبْ بِكَ التَّرف
أتَتْكَ دنيا الورى تسْعى فقلتَ لها
لن تَسْلُبي مُهجتي لُوذِي بمَن ضَعُفُوا
غُرَّي عَبيدَكِ مَنْ ضَلُّوا وَمَنْ رَتَعُوا
ومَنْ سَبَاهُ الهَوَى والمَالُ والوُظُف
دَعِي يَرَاعِيَ فِي يُمْنايَ يُمْتِعُنِي
عِشتُ الكثيرَ ، وإنْ العُمْرَ يَنْتَصِف
لَنْ أْنشِدَ الشَّعرَ في أطيافِ دَاعرةٍ
يقولُ هذا الهُرا المَأجُورُ والخَرِف
كَلاَّ ، ولن تَمْدَحَ الأشعَارُ من هزلوا
عَارٌ عَلَيَّ ، وصِدْقاً لَسْتُ أقْتَرِف
مَوْتُ اليَرَاعِ ولا تَمْجيدُ من سفلوا
وفَقْرُ دهْرٍ ولا تعظيمُ مَنْ وَكَفُوا
وظُلْمَةُ الكُوخِ اَسْمَى للموحّد مِنْ
إكبَار مَنْ فِي طريق الحَقَّ قَدْ وَقَفُوا
خَيْرٌ لَنَا المَوْتُ مِنْ تقدير مُنْحَرِفٍ
والفقرُ أفضلُ ، والأجداثُ والشغف
نفْدِي العقيدةَ بالأرواحٍ نرفعُها
إنا لأسلافنا في دِينِهم خَلَف
زِينَتْ (عَرارُ) ، فذرّ الشَّعْرَ ، واروِ بِهِ
قُلوبَ صِيدٍ مِنَ الأخْلاَقِ تَرْتَشِف
لا فُض فُوكَ ، ولا الأقلامُ تَكْسِرُها
أيدي الحُفالة مَنْ للظُّلْمِ قَدْ هَتَفوا
وصان شِعرَك رَبُّ لَيْسَ يعجزه
مَنْ جاهروه بعِصيانٍ ومَنْ عَكَفُوا
وردّ كل هوىً ظلماً يُناوئُكم
وجَمّدَ اللهُ ألبابًا بِهَا وَكَفُ
وحاسبَ اللهُ مَنْ عَابُوا طريقتَكم
الحُرّ أنْتَ ، وهُم في قَيْدِهم رَصَفوا
وقَيَّضَ الحَقّ للمَظْلوم مُنْقِذه
تَهَاوتِ اليومَ فَوْقَ الظَّالِمِ – السُّقُف
هذا شُعُوري إليْكَ اليوم أكتبه
ودمعُ عَيْنِيَ فَوقَ الخَدَّ مُنْذَرِف
أشُدُّ أزرك يا نِبْرَاسَ صحوتنا
وأبْذُرُ الشعرَ فَيناناَّ لَه لُطّف
وأزرعُ الأَمَلَ المَرْجُوَّ فِي غَدِنَا
أرجو الثَمَارَ ، وإنْ أصحابُنَا قَطَفُوا
لِيَ الثَّوابُ ، ورزقُ الله ذو سَعَةٍ
دوماً ، وإنْ جَهِلَ الأقوامُ أو عَرَفُوا
فطَمْئِنِ النَّفْسَ أنَّ اللهَ نَاصِرُها
برغم مَنْ في دُجَي العصيان مُنْجرف
ووعْدُ ربَّكَ حَتْماَّ سَوف يُنْجزُهُ
شاءَ (الهلافيت) أمْ عن آيهِ عَزَفُوا
إنَّ المَلِيكَ لَه آيٌ مُفَصَّلَةُ
لكنّ مَن فسقوا عن نورها صُرِفُوا
أجْرَى القَدِيرُ علي الإنسَان سُنَّتَةُ
وحَقَّقَ العَدْلَ لا حَيْفٌ ولا جنَف
إنَّ العَزِيزَ عَلَي الضُلّال مُقْتَدرُ
فحسْبُنَا اللهُ فيمن بالهُدَى سَخِفُوا
لولا الأَباعِدُ مِنْ أبْنَاء جَلْدتنا
ما ضاعَ سُؤدَدُنَا ، ولا اكتوى طَرَف
لولا الرُّذالَةُ مِنْ أتْبَاع مِلتنا
ما نالنا الغَدرُ بالسُّوآي ولا القَرف
لولا العَمَالَةُ فِي صَفَّ الأباة بَغَتْ
لما تشمّتَ مَنْ ماتوا ومَنْ خَلَفُوا
مِن الأعادي ، ومَنْ رامُوا مُصيبتَنَا
فسَلَّمِ اللهُ مِمَّنْ باللَّوا خَسَفُوا
ونجّنا ربَنا ممَا أعَدُّ لنَا
أعْداءُ دينِكَ مَن عن هديك انحرفوا
1954
قصيدة