عدد الابيات : 36
جلّ المليكُ المستعانُ الكافي
وإذا مرضنا فالإلهُ الشافي
كم يَبتلي قوماً ، ليبلوَ صبرهم
ويخصّهم مِن بعدُ بالألطاف
فهْو اللطيفُ لمن يشاءُ تفضلاً
ولقد يجُودُ تكرّماً ، فيعافي
ويُجيب من يدعوه يرتجلُ الدعا
متوسلاً بالمَدمع الذرّاف
أو يجعل العُقبى إلى يوم القضا
فالله يُكرمُ من دعا ، ويُوافي
يا رب أكرمْنا بنصرة ديننا
لنعيش في عز ، وفي استشراف
أنت الذي شافيت أشيب مقعداً
عند (العتيق) ، وبعد طول طواف
بك أحسن الظن الجميل مُؤمِّلاً
فيك الرجاء بوابل استعطاف
لمَّا يَزرْ يأسٌ فؤادَ مُعذب
بل كان يأملُ في عطاء الكافي
هو مدّ كف مسربل يرجو الشفا
ويكرّرُ الدعواتِ بالآلاف
هو أرسل الدمعَ الغزير تقرّباً
مثل العُباب بساحل الرّجّاف
هو قد دعاك مؤكداً بيمينه
وبحزن قلب مستكين صاف
هو لم يكن في ذا الدعاء بمعتدٍ
كلا ، ولم يكُ – فيه بالمتجافي
هو خصّ بالدعوات رباً ، حكمُه
وقضاؤه في غاية الإنصاف
هو للمهيمن قد شكا آلامه
وشكا إليه شجونَ الاستضعاف
وسعى إلى (باريس) يلتمس الدّوا
في لهفةٍ حرَّى وبعض لهاف
واستقبلتْ (مدريدُ) زائرَها الذي
حملته في سيارة الإسعاف
فلعل طِباً يستطيعُ علاجَه
سبحان مَن هو بالدواء يُشافي
وإذا أراد شفى بغير تطبُّب
بل مِنة يُبلي بها ، ويُكافي
وكذاك (روما) أشهرتْ إفلاسها
عن أن تعالج خِيرة الأضياف
ليعود يقتله الجوى مسترجعاُ
والجرحُ في قلب المُعذب خاف
هو ليس يُبدي للعيون أنينه
بل يُظهرُ التصبير في استعفاف
ويبيتُ يَخنقه النحيبُ تشفياً
فيظلّ يقرأ سورة (الأعراف)
حتى أتته من (العتيق) رسالة
قُدسية الغايات والأهداف
اهرعْ إلى (الحرمين) دون تلكؤ
واقطع قرىً ومدائناً وفيافي
وادعُ المليك بأن يُزلل رحلة ً
ستبوءُ بالخيرات والإتحاف
ودعا وجدَّ السير تسبقه خطا
أبنائِه الرئبالة الأشراف
وقضى سُويعاتٍ يكابده البُكا
والآهُ تخرجُ من كئيب شِغاف
وغدا يُكرّر دعوة ملتاعة
وكأنها شِعرٌ بعذب قواف
وأتته مِن ثِقل الدعا إغفاءة
وأتاه آتٍ في المنام يُصافي
ويقول زفّ البشرياتِ ، وقمْ وسِرْ
فلقد شفاك من السقام الشافي
وامشِ الهُوينى بين أفواج الورى
إن المقام هنا مقام (طواف)
واسعد ، فقد مضت الكآبة والشقا
وأتاك ما يدعو إلى الإيلاف
وانهضْ وقمْ بالسعي وابدأ بالصفا
مثل العروس سعتْ بفوج زفاف
ستودّع الكُرسيّ ذا العجلات ، لن
تسعى به ، فلقد كفاك الكافي
فاحمدْ مليكَ الناس واشكرْ واعتبرْ
فعلى التقى الحمدُ الدليلُ الوافي
1954
قصيدة