عدد الابيات : 34
أبي بخذلك لـكْتُ السوءَ والعارا
لمّا صحِبتُ صعاليكاً وأشراراً
هل الشوارع تُؤْوِي مَن يلوذ بها
متاركاً قومه والأهلَ والدارا؟
وانسقتُ طوعاً لأهل الشر ، أحسبُهم
سيُغدِقون علىَّ الخيرَ مِدرارا
وغصْتُ في لجج الأهواء عن رغب
وبعدُ أبحرتُ في الأرجاس إبحارا
مستعذباً كل ما ألقاه مِن جُرُمٍ
فكم ولجتُ دهاليزاً وأوكارا
وكم فجرتُ فجوراً لا حدود لهُ
لمّا رأيتُ جميع الصحب فجارا
مستحسناً كل ما ساقوه من شُبَهٍ
وكم حملتُ بما استحسنتُ أوزارا
إذ للمعاصى بريقٌ لا يُقاومه
عبدٌ يُجالسُ أوغاداً وأزيارا
وللسقوط سبيلٌ خاب سالكه
وذات يوم سيجني القبحَ والعارا
أبي تزوجت مَن أزرتْ بعِشرتنا
وجرّعتنا شقاء العيش مِكثارا
ودمّرتنا ، ونالت مِن كرامتنا
وأطمعتنا الشقا والرّق أمرارا
وأوقعتْ بيننا العدوان مستعراً
وأوقدت في الخلاف الدائم النارا
وأشعلتْ فتنة في الدار موقدة
وأسدلتْ فوق ما تأتيه أستارا
وسخرتني وأختي كالعبيد لها
وإن أبينا مضت تستشهد الجارا
وإن رفضنا الذي جاءته ما اعترفتْ
بل أنكرتْ كل ما قلناه إنكارا
وكذبتنا ، وحاكت ما يطيبُ لها
لمّا أصرتْ على التلفيق إصرارا
حتى إذا ضربتْ أبشارنا فرحتْ
وكم علا السوط أطرافاً وأبشارا
فتلك عند أبي الولهان صادقة
فلا تزوّرُ عند القول أخبارا
أبي انحرفتُ لأني لم أجدك أباً
يحنو عليّ ، ولكنْ كنتَ جبارا
عاملتني في الورى أخزى معاملةٍ
بشؤمها ذقتُ آلاماً وأخطارا
وأنت ترفلُ في النعماء مغتبطاً
عليك منها يرى الجميعُ آثارا
زوجٌ وبيتٌ وأولادٌ وخادمة
وخادمٌ دمعُه قد فاض أنهارا
وعشت تظلمنا ، حتى تمتعهم
وبعدُ آثرتهم – بالعطف إيثارا
أنا وأختي كرهنا العيش مذ رحلتْ
أم تذر الهنا في البيت مِغزارا
كم ناصحتك ، فلم تسمعْ نصيحتها
وأنذرتك عن الإجحاف – إنذارا
فجُرتَ ، حتى تركتُ البيت معتذراً
عن المُقام ، وما أبديت أعذارا
وفي الشوارع ألفيتُ الألى التقطوا
وزرتُ من بعدها الماخورَ والبارا
في رحلةٍ لم تكن والله هينة
وكم تقلبتُ فوق الجمر – مختارا
حتى انطلقتُ إلى (دارٍ) أتيهُ بها
وجدتُ فيها مغاويراً وأبرارا
دار الملاحظة الشهباءُ مثل سما
تهدي البرية عند القحط أمطارا
إني التمستُ بها أهلاً أبجّلهم
والنفسُ تُطري غطاريفاً وأخيارا
أبي اطمئن على مَن بعت حظوته
حتى غدا بالذي أحدثت مُنهارا
هذا نصيبي ، وفي الآلام تجربة
ولستُ أمقتُ مهما كان أقدارا
1954
قصيدة