عدد الابيات : 23
ابدأ بنفسك ، إن العُمر مُرتحلُ
وجمّل الفعلَ ، لا تذهبْ بك السبلُ
وإن عيشك ساعاتٍ مُقسمة
كذاك أيامنا ، يا صاحبي دول
لا ألفينّك – بين الناس مفتخراً
صُنْ ماء وجهك ، أنت اليوم مبتذل
تعيب كل الورى ، من غير ما سبب
كأن عقلك في التقييم مختبل
الناسُ حمقى ، وأنت الشهم يا بطلاً
هوّنْ عليك ، ولا يلعبْ بك الأمل
وتنقدُ الكل مُستاءً لما اجترحوا
تخال نفسك – فوق النقد – يا عَجل
تغتابُ جمهرة من بينهم بطراً
وغِيبة الناس ليست طبعَ مَن عقلوا
وتكثِر اللوم والتأنيب مُشتهياً
أقصرْ أخيّ ، فشيْبُ الرأس يشتعل
عَوارُك اليوم في الأقوام مُفتضحٌ
مهما تواريت يحكي سوءَك الطلل
قم فاغسل النفس من سُوآى ضغينتها
واسأل فؤادك: أين العيبُ والخلل؟
يا صاح عجّلْ ، فإن الموت منتبهٌ
يهفو إليك ، وخطبُ المنتهى جلل
فابدأ بنفسك ، دع للغير عالمهم
وزيّن القول ، لا يحلو لك الجدل
وهيِّئ النفسَ لاستقبال غايتها
أنت اللبيبُ ، فجدّ السير يا بطل
هلا قرأت كتاب الله ممتثلاً؟
هلا امتثلت كذا ما قالت الرسل؟
إن الشريعة لم تتركْك دون هدىً
بل حددتْ غاية المخلوق يا رجل
يا هاديَ الناس ، أنت اليوم مفتقرٌ
إلى الهداية ، غاضت عندك العِلل
يراك كل الورى بالحق منطلِقاً
تدعو الأنام ، وبالتوحيد تنفعل
أصبحت – من حبهم – بالرغم قدوتهم
أنت الأصيلُ ، وأنت النورُ والمَثل
ابدأ بنفسك لا تغررْك قولتهم
إن الستار على الزلات منسدل
تعلّم الصدق في سر وفي علن
فالصدقُ مَنقبة بالبر تتصل
عليك بالنفس ، فاستكملْ محاسنها
إن الجمال ببذل الخير يكتمل
والله ناصرُ مَن يحيا بشرعته
كأنه بين قطعان الورى جبل
1954
قصيدة