عدد الابيات : 60
في الندامى فلتُشهر الترتيلا
ربما أيقظت الرؤى والمُيولا
ربما ألبابٌ تُعيرُ انتباهاً
لكلام يُزْكي النُّهى والعقولا
ربما آنست الرشادَ لديهم
فالتمست عند الغُفاة قًبولا
أو وجدت الآذان تُصغي فتهدي
للمعالي جيلاً تلا التنزيلا
أو دعوت لله قوماً تمادَوْا
في الدنايا ، واستعذبوا التضليلا
أو حملت القنديلَ تمحو الدياجي
واللبيبُ مَن يحملُ القنديلا
أو أبنت السبيلَ حتى يجوزوا
قد يسوقُ مُرَّ القضاء الرحيلا
فيُلاقون الموت في البحر غرقى
ثم يغدو معلومُهم مجهولا
وحدك الشهمُ ، والجميعُ تردّوا
في انحطاطٍ يستوجب التنكيلا
وحدك الحقُ في قطيع تدنى
والتدني يستعذبُ المرذولا
وحدك النورُ ، والغُثا في ظلام
لم يُطيقوا عن الدجى تحويلا
وحدك الخيرُ ، والرفاقُ شرورٌ
بالمليك كم يعدلون عدولا
وحدك الجودُ ، فابذل النصحَ طوْعاً
قد غدوت عن غيّهم مسؤولا
وحدك العطفُ في قُساة قلوب
فافعل الخير ، ثم أسدِ الجميلا
وحدك البَرُ فاحتسبْ كل بذل
إن ربي يُجزي الثوابَ الجزيلا
وحدك الرشدُ ، فاهد جيلاً عطيباً
بات صدقاً يستروحُ التجهيلا
وحدك النبعُ ، فاسق قوماً عِطاشاً
ثم غسّلْ ألبابهم تغسيلا
وحدك الدربُ ، والمجاهيلُ شتى
صاح بيّنْ – للتائهين السبيلا
وحدك الظلُ ، والهجيرُ كواهم
كن لأهل الإعراض ظلاً ظليلا
وحدك الرأسُ ، والندامى ذيولٌ
عادة الرأس أن يقود الذيولا
وحدك النجمُ ، والدياجي سرابٌ
لا تخفْ يا نجماً تسامى أفولا
شيخك الفذ قد أباد الأغاني
في النزال ، إذ حبّر الترتيلا
واسأل البحر ، والسفينة تجري
واللحونُ قد ذُللتْ تذليلا
وجبالُ الأمواج أمستْ تغني
والعُبابُ فيها يَذرّ السيولا
والطيورُ فوق السفين تمطتْ
ثم أزجتْ تغريدَها المعسولا
والتلالُ عند الشواطئ غنتْ
والهضابُ قد هللتْ تهليلا
والحقولُ فيها الزروع تهادتْ
ثم أهدتْ إعجابها المذهولا
وظلامُ الليل البهيم تثنى
ثم ساق الإعزاز والتبجيلا
والسماءُ فيها النجومُ تلالتْ
عندما نورُ القراْن تلالا
والأغاني أمست ضجيجاً تلاشى
إذ غدت آي الذكر عنها بديلا
شيخُنا بالقرآن أمتعَ قوماً
وأمام الصرعى أقام الدليلا
إن هذا القرآن يُحيي قلوباً
ثم يُقصي عن غيه الضِليلا
ولهذا بالذكر شيخي تغنى
وأعاد الإجمال والتفصيلا
فالتمستُ الفؤادَ يبكي دموعاً
والضميرُ يستقرئ التأويلا
والشعورُ في عالم مُخملي
بات فيما يخلو به مشغولا
والأحاسيسُ بالأداء استعزتْ
تستزيدُ استماعها المأمولا
والجمالُ يُهدي العواطفَ شوقاً
كي يزيد أسماعنا تبتيلا
إن شيخي تجويدُه لا يُبارى
قل أن نلقى – للهُمام مثيلا
إن هذا القرآن صدقاً جليلٌ
وأرى مَن يتلوه يغدو جليلا
ويَميل مَن يستطيب الأغاني
والذي يهوى الذكر لا لن يميلا
وقتيلُ الأنغام بئس قتيلاً
وقتيلُ القرآن ليس قتيلا
والحياة – بالوحي أحلى حياة
والمعالي تستأهل التفضيلا
رجّع الآي شيخنا في انكسار
ليس شيء مِن شدْوكم مملولا
كم سمعتُ الآياتِ تُشجي فؤادي
وكأن الآياتِ تُزجي الهديلا
أطربتْ سمعاً يستطيب صداها
وبها يشدو بُكرةً واصيلا
مِنة هذي الحياة ، ودربٌ
كم تسوق للمعضلات حلولا
وتُزيلُ الدجواءَ في كل حين
وتخصّ – بالبُشريات الجيلا
ثم تهدي هذي الحياة سناها
وتعز من عاش فيها ذليلا
وتجل مَن يهتدي بهداها
ويُقيم في ذي الحياة الأصولا
كم تساوي الحياة من غير دين؟
سوف يغدو المعاشُ فيها وبيلا
والضياعُ عُقبى ركوب المعاصي
خاب عبدٌ أمسى بها مشغولا
والدنايا تجرّ للنار عبداً
سعيه قطعاً لم يكن مقبولا
والمخازي تُشين كل شريفٍ
فيَصير مستهجناً مَخبولا
ينصر المولى كلَ عبدٍ منيب
عاش للدين ، ليس يعصى الرسولا
والشقي من أفسد العمر عمداً
ثم عاش مستقبحاً مخذولا
ليس شيء مثل الأغاني مُبيداً
فهْي دوماً تُزجي الخنا والسُّفولا
والمتابُ من كل ذنب يُنجّي
والنجاحُ أمسى بذا مكفولا
ربِ سلمْ من ظلم أهل التدني
ليس مثلُ الرحمن قط وكيلا
غرّهم حِلمُ الله ربي عليهم
وهْو أقوى في حربهم تنكيلا
1954
قصيدة