عدد الابيات : 26
رأيتُ الفقر في الدنيا يُدمِّرْ
وأمرُ الله فوق الفقر أكبرْ
وإملاق بُليتُ به عسيرٌ
وعزة همتي أعتى ، وأعسر
ومَن تلقاه في الدنيا فقيراً
فلا تبخلْ عليه ، ولا تقتِّر
ومن يدري ، لقد تغدو مَعوذاً
وتصبح في الورى أدنى وأفقر؟
وليس الفقر منقصة لشهم
ولكن الخنا أنكى وأحقر
وكم أعطى الإلهُ المالَ نذلاً
فما شكر السفيهُ ، وبات أنكر
وعاش يُذِل خلق الله دهراً
له في الكيد ترياقٌ مُعصفر
ألا إن الغنى داءٌ وَبيل
وإن الخير عُقبى مَن تصبّر
وإن المال ذو سحر رهيب
وعشقُ المال فحوى كل منكر
يقول الناس: لو أوتيتَ مالاً
لمَا جاهرتَ بالقول المكرر
وما أنذرتَ صحباً ، أو عشيراً
وما ذكرّتَ بالأمر المقدر
ولم تنصح بتركٍ للخطايا
ولم تزجر عَصِياً ، أو تحَذر
ولم تعطِ الفقير ، ولم تزكِ
وإن الشيء بالشيء ليُذكر
وأخبرْنا: لماذا الفقر دوماً
يُلازمُ مَن تحنف أو تفكر
ويصحب كل مخلوق أبيٍّ؟
تريثْ في جوابك يا مفكر
أينصر حقكم بالفقر يوماً؟
أيصنعُ فقرُك الفوز المظفر؟
أيعلو الهَديُ بالإفلاس؟ قلها
وأفصح عن أسىً بالبال يخطر
هي الأموال تبني كل مجدٍ
وتجمع في الورى الشمل المبعثر
وتمنح مَن يريد العز عيشاً
وتنثر فوقه الشهد المعطر
ويأتي بالجمال المالُ أيضاً
يُطرِّزه بياقوتٍ وعنبر
وإن الناس بالأموال تشرى
رويدكَ ، لا تجادل أو تخبِّر
حمدتُ الله أن عُوفيتُ حقاً
لأن المال شيطان مدمر
حُرمتُ المال ، ثم حُبيتُ دِيناً
ففاضَ الدين بالتقوى ، وأثمر
قوارينُ الورى بالله حمقى
وليس لهم سوى مُتعٌ ومَيْسر
دواءٌ ذلك الإملاقُ صِدقاً
ويجعلني أعيش بخير منظر
وإنكَ في نعيم يا فؤادي
ورغم خصاصتي في الناس أصبر
1954
قصيدة