عدد الابيات : 35
دهاني أشقاءٌ همُ الخسفُ والقهرُ
بعقدِ انتساب بيننا ، ما له سِعرُ
كأني بهم أعداءُ ، إن جاء يومهم
وحربٌ إذا ما استُنفروا للوغى فروا
وكنتُ بذلتُ المجد ، ذللتُه لهم
فلما اغتنوْا باعوا الإخا فاعتدى الغير
وأمسوا بحق حربة تقتل الوفا
وناراً لظاها ظله الحرقُ والصهر
فذفتُ العذاب المُر مِن فرط خذلهم
وعانيت لمَّا هدّني الكيدُ والمكر
وقاسيتُ آلاماً تنوء بعُصبةٍ
ومني انحنى الإقدامُ ، لمّا انحنى الظهر
وأثر في نفسي تخلي أراذل
وخذلانُ أهل ، وصْلهم طعمُه مُر
وأمسى ضميري يذرفُ الدمع باكياً
فقد مسّني مما أتى إخوتى الضر
وأمّا فؤادي فاستبدّ به الجوى
وولى ثباتُ القلب ، واسْتُبقِيَ النذر
وعاطفتي كادتْ تموت بلوعةٍ
وآلمها قطعُ الأشقاء ، والهجر
وضاق بإحساسي التواءُ أقاربي
لأن له وسْعاً يضيق به الصدر
همومي بأشعاري نقشتُ ثقيلها
وباقي همومي صاغها النظمُ والنثر
بإخوانه الإنسانُ يختصرُ المدي
ويُدركُ آمالاً يُجَمّلها الخير
ويحيا مُهاباً ، لا يُمَسّ جنابُه
وتُدركُه الأمجادُ ، والعز ، والفخر
ويُصبح بين الناس حُراً وسيداً
وللسيد التدبيرُ ، والنهيُ ، والأمر
ويرقى رُقياً لا يُبارى ، ويَستمي
ويلحقه التمكينُ ، والجاهُ ، والنصر
ويُكبِرُه الأفذاذ حتى يُحبّهم
وكلٌّ له مِن سعيه الرزقُ والأجر
فأي الأشقاء الألي قد عنيتهم
وأي الأحباء الألي خصهمُ الشِعر؟
وأي المغاوير الألي قد ذكرتهم
ومَن هم إذا ضاق الفضا العونُ والذخر
أأعني الرعاديدَ الأخسّة ، جودُهم
على مستغيثٍ مستكين هو الخسْر
لأنفسهم عاشوا ، فمات إخاؤهم
وهل للذي جافى الوفا والإخا قدر؟
فما التزموا أخلاق خِل مصاحب
ولا التزموا الإخلاصَ يشدو به العمر
ولا احترموا بين البرايا أخاهمُ
ولا أغدقوا مالاً به يذهب الفقر
ولا احتملوا ذل الحياة يهزهُ
فقد حال بين الوَبش والطيِّب الكِبْر
تكبّر أشقاهم ، وغالى سَفيهُهم
وقيمة كلٍّ في الورى والدنا صِفر
أنا ما عنيتُ الأهل يشقى وليهم
فللمرء يعطي غيرَه الفضلُ واليُسر
ألا إنني أعني الأشقاءَ ضمّهم
إسارٌ من الدين القويم ، أو القبر
قلوبٌ على التقوى تلاقتْ ، فأخلصتْ
فطهَّرها المولى ، وهل يُعْدَل الطهر؟
مصيبة هذا كم تؤرق غيره
فما سر هذا؟ إنما الخلة السر
ودمعة (زيدٍ) عند (عمرو) بلية
إلى أن يجفّ الدمع ، يَعقبُه البشر
وليس لزيدٍ أن يُسَلم عمره
لأعدائه ، مهما طغى الظلم والجَور
أخو المرء مَن يشقى لأجل شقيقه
وسعيٌ كهذا في الأنام له الشكر
وإن الأشقاء الألى ذاك وصفهم
مودتهم تبقى ، ويحرسُها البر
لهم عِبرة في أثوُر قد تفرقوا
فضاعوا ، وفي آثارهم للورى نذر
وقد يأخذ المرء النصيحة تزدهي
من الثوْر إذ راوي المُناسبة الثور
1954
قصيدة