لن تراعوا فاسترجعوا في المصابِ

واصبروا ، إن الصبر عونُ الصعابِ

قدرٌ هذا يا صغاري ، وحتمٌ

خط قسراً على جميع الرقاب

كل حي له لحيظة موتٍ

ورحيلٌ مسطرٌ بكتاب

آه ما أقسى أخذة الموت هذي

إن فيها للمرء فصلَ الخطاب

وأبوكم لسابق العمر أفضى

ولقاءُ الأموات يوم الحساب

ذهبتْ لذاتُ الحياة ملياً

وكأن الحياة بعضُ سراب

أكمِلوا مشوار الحياة غِلاباً

كفكفوا دمعاً في عيون المُصاب

قاوِموا عيشاً ليس يرحمُ يُتماً

واحقِروا قوماً في أتون الخراب

واضربوا في الأرض التي لا تحابي

وامخروا بالتقوى عتيّ العُباب

إنما الدنيا  شدة وبلاءٌ

ومشيبٌ يسعى وراء شباب

واخضرارٌ يطوي صداه اصفرارٌ

وأمانٍ تموت خلف الحِراب

وطموحاتٌ يجتنيها مداها

وقطيعٌ يسيرُ وفقَ الركاب

وبلاءاتٌ نرتديها ثياباً

كالحات بالرغم تحت الجباب

أنتمُ اليوم يا صغاري أسارى

وحُماة الأغلال بعضُ ذئاب

حصدوا مجهود الفقيد أبيكم

وهْو حي ، فكيف بعد الغياب؟

وشقي الأوغاد لمّا يسوفْ

بل تمادى في الكيد مثلَ العُقاب

وأراهم تقاسموا كل شيءٍ

وعليكم قد صب جام العذاب

أعلَنوها ، لم يستحوا مِن فعال

يستحي منها جدّ جيش الذباب

هكذا الأعمامُ اللئامُ استبدوا

واستكانَ الأيتامُ خلف السباب

كلما صاحوا: نبتغي عطف عمٍّ

يجتبينا ، يقودنا للصواب

وعلينا بين المخاليق يحنو

يبتغي عند الله عذبَ الثواب

ويريد المأوى رضياً هنياً

في جوار نبيّنا والصحاب

ليس يرجو سوى الجنان جزاءً

ودخولُ الجنات حسنُ مآب

ليس يرجو إرثاً زهيداً حقيراً

إن هذا يحلو لعين الغراب

ليس يرجو مِن أيم لينَ قولٍ

ورعٌ عن أفعال بعض الكلاب

ليس يسعى لمَن تمنيه ثكلى

لا يناجي في الكف نقش الخضاب

لا يمني بعشقها مقلتيهِ

ليس يسعى كلا لشهد الرضاب

إنما عفٌ ينشد الأجر دوماً

مِن مليكٍ يعطي بغير حساب

أيها الأعمام: اغربوا ، ودعونا

إننا نحيا بينكم في اغتراب

لا نريد منكم طعاماً ، فناموا

وكذا لا نرجو بعيض الشراب

سوف نحيا على الكَفاف كِراماً

ثم نلقي عمداً سعير العِتاب

وهنيئا لمَا افتريتم علينا

إنما صِدقاً كيدُكم في تباب

ولنا الله الخالقُ المتعالي

جُودُه سامٍ مستنيفُ الجَناب