يا حاملَ المِسك عنا مِسكك ارتحلا

والجسمُ حَنّ له ، والثوبُ عنه خلا

وحِرتُ بين حوانيتٍ به امتلأتْ

فلم أجدْه ، فهل عافَ الحِمى وقلا؟

أم أن صانعه أولاك بالبيع لم

يقصدْ سواك ، وعن عطا الهُواة سلا؟

الجودُ بالعطر يُغري أنفَ عاشقه

وللشذى عَبقٌ – للمُشتهين حَلا

مازلت تُتحفنا بالأعطيات سَمتْ

وذِكرُها يبعث التوقيرَ والأملا

سَننت سُنة النفوسُ تعشقها

وسوف تُصبحُ في حياتنا مثلا

واخترت قِنينة تختالُ مائسة

ويحَ الدلال قلا المَلالَ والخزلا

والغلقُ أحكِمَ ، والأناقة اجتمعتْ

والشكلُ يسبي النهى يُودي بمن عقلا

لولا الحياءُ طلبنا منك ثالثة

لكنّ عِزة نفسي تعشقُ الخجلا

والعطرُ فاق عطورَ الأرض قاطبة

هي النفافُ ، وهذا أصبحَ الهَللا

وكنتُ أعطِيتُ مَن حولي ليدّهنوا

والكل أثنى ، وفي أمداحه ارتجلا

يا ليت كل ذوي الطلاب يتخذو

ن الجُودَ قاعدة ، إني اكتفيتُ بلا

متى يُحسّون بالمجهود نبذله

حتى يكفوا الأذى والشحّ والجَدلا

يؤخرون عن الأستاذ أجْرته

كأنه لم يكن يوماً بها عملا

والبعضُ ينكرُها عمداً ليأكلها

لا طابَ للسارق المُحتال ما أكلا

أيستحل حراماً نهبُهُ جُرُمٌ؟

هل ابتغى بالحلال الطيّب البَدَلا؟

أمسى المعلم مهضومَ الحقوق بما

يأتون مِن حِيَل تستوجب الزعلا

ألم يُدَرّسْ – بإخلاص مناهجه

من بعد ما استبعد الخمولَ والكسلا؟

ألم يُنقّ مِن الإرجاف حِصّته

كي يمحوَ العجز والتهويلَ والفشلا؟

ألم يقدّم إلى الأولاد ما جهلوا؟

أكان يفعل هذا الشيء إن جهلا؟

ألم يُعِنهم على عويص مسألةٍ

حتى رأوْا حَلها في لحظةٍ سَهُلا؟

ألم يكن ناصحاً طابت نصائحُه

بها أزاحَ الأذى ، والشيْن ، والخللا؟

ألم يكن ناشراً أحلى بضاعته

بالعلم عن زهرة الحياة قد شُغلا؟

ألم يواظبْ على الدروس مُحتسباً؟

أم كان باللهو عبرَ الدرس مُحتفلا؟

ألم يُفدْهم بما أملاه مِن زبدٍ

والعَرض أذهبَ ضيقَ النفس والمَللا؟

ألم يُعِرْهم من العلوم أشرفها

حتى غدا جمعُهم بالعِلم مُشتملا؟

ولم يضنّ على شِبل بعارفةٍ

وإن يكن خطأ ، واللهِ ما انفعلا

بل عالجَ الأمرَ مُنصاعاً لحِكمته

والرُشدُ عما ارتأى الأستاذ ما ارتحلا

أبعد هذا تعوقون انطلاقته

بهضْم حق على أيديكمُ سُحِلا؟

مِن حامل المِسك هيا استلهموا عِبراً

ولا تحيكوا لنا الأسبابَ والعِللا

أعطاكمُ الله رزقاً واسعاً غدِقاً

وذا المعلم بالتعليم ما بخلا

فناولوه حُقوقاً تُستحَقّ له

سيُخلف الله ديناراً له بُذِلا