عدد الابيات : 101

طباعة

متى يُدرك الأعرابُ مُعجزة الإسرا؟

ويَحيَوْن في آمال عزتها الكبرى؟

متى يُعمِلون الفكر في كُنه رحلةٍ

لَكَم مَحّصتْ قلباً ، وكم حيّرتْ فكرا؟

متى يعلمون القصد منه حقيقة

ويستقرئون الفهم والزاد والخُبْرا؟

متى يَعرفون الحق في غير شُبهةٍ

ويَستلهمون الدرسَ والهَدْيَ والخَيرا؟

متى يفهمون الكيد يُودي بعيشهم

ويستأنفون الجدّ والعزم والسيرا؟

متى يَحْطمون الجهلَ يُزري بشأنهم

ويستنبطون النَّهي في الشرع والأمرا؟

وكيف ، ونارُ الفسق تشوي ديارهم

وأصقاعهم تستعذب القُبح والشرا؟

وكيف يُفيق اليومَ جيلٌ مُضلَّلٌ

أضاع على اللذات فيما أرى العُمرا؟

وكيف لعقل أن يفكر لحظة

وإن على أبوابه الحَوْب والوِزرا؟

وكيف لكسلانٍ تحققُ مأربٍ

وأمسى خُواء مِن عزائمه صِفرا؟

وكيف لدار قد تمرّق مجدُها

بأن تدعيْ الأمجادَ والعِز والفخرا؟

ألا إن شرع الله في الدار مُهدرٌ

ومعظم أهل الدار يَستهجنُ الذِّكرا

وما حرّم الرحمنُ في الدار مُعلنٌ

أحلوا الزنا والنهب والقتلَ والخَمرا

ويُهجرُ قرآنُ المليك ودينه

لنسترضيَ الظلمَ المُعاديَ والكُفرا

ويُسجَن مَن يدعو لخير وقيمةٍ

ويُعفى الذي يُعلن الدعارة والعُهرا

فيا ليت شعري ، هل نتوق لنهضةٍ؟

وهل نرتجي يوماً على المُعتدي نصرا؟

ويا ليت شعري هل سنعلو لقمةٍ؟

وهل يا ترى يبقى لنا الشأنُ والذكرى؟

تعالت هتافاتُ الدعاة ألا انهضوا

وسيروا وراء الحق والصحوة الكبرى

وعمّتْ كتاباتُ الأماجد أرضنا

ولكنّ جيلاً ضائعاً جِدّ لا يقرا

وفي كل صُقع صرخة ونصائحٌ

ولكنها لم تلق سمعاً ولا فكرا

وفي كل نادٍ شاعرٌ وقصيدة

وأعرابُنا قد خاصموا العلم والشعرا

وفي كل وادٍ قصة ورواية

وأعرابُنا مَلوا الحِكاية والنثرا

وقد يُعذر الجهالُ إذ لم يعلموا

ولكنّ أهل العلم قد عِدموا العُذرا

وكم من نذير في الأنام يَردّهم

ولكنّ ميّتَ القلب يحتقر النُّذرا

وكم من بشير رجّع الدهرُ جهره

ولكنْ خبيث النفس يستثقل البُشرى

حنانيكَ يا هذا القطيعُ ، ولا تثرْ

ولا تحتقرْ يا عبدُ في دارنا الحُرا

خَدَعتَ الورى في كل حفل منمّق

بإسراء مولانا ، وضمّخته عطرا

ويبرأ من تغريركم ذاك (أحمدٌ)

وهل بالأغاني تلك يُفتكر الإسرا؟

ففي كل عيدٍ للحنيفة محفلٌ

ورقصٌ وتمثيلٌ يزيد الورى دُعرا

ومَسرى النبي اليوم في قبضة العدا

متى يا ديار العُرب ينطلق المَسرى؟

لقد طال ليلُ القدس في غيهب الدجى

وأحبابُنا في دارهم أصبحوا أسرى

يُذبّح أطفالُ الغطاريف عُنوة

وتُسبى نساءُ الصِّيد: كارثةٌ كبرى

وتُهدم دُورُ الشُّم في كل مَعقل

مُسلسلُ هُودٍ يملأ المنتدى غَدرا

وإفسادُهم في الأرض عاتٍ مدمرٌ

تمادى ، فلم يترك بلا مسرح شبرا

ففي كل صُقع مَسبحٌ وشواطئ

وإن لهُودٍ في حياة الورى مَكرا

وفي كل دار لليهود مصارفٌ

ومالٌ وفيرٌ يُتقنون به الدوْرا

وفيها ملاهٍ لليهود وحانةٌ

ومن ذا الذي يدري لها في الدنا حَصرا؟

تعددتِ الأسماءُ ، والكيدُ مُشهرٌ

وباطلُ هودٍ في مرابعنا استشرى

فهم سرقوا المَسرى بعلم رجالنا

وكم ذبّحوا الأبطال واستشهِدوا (صبرا)

وننسى المآسيْ في مناسبة الإسرا

ومسجدُنا الأقصى بأيدي العِدا دهرا

حنانيكَ يا مسرى الحبيب ، فإنني

أناقش تاريخاً بالذي قلتُه أدرى

فبالأمس كانت للديار مكانة

وكل تَقي كان يستسهل العُسرا

وكنا نجوب المُدْلهمّاتِ في تُقىً

وكل شجاع كان يستعذب الصَّدرا

ولم نخش ما يخشى الورى في كريهةٍ

ولكنْ جِلادٌ يحتوي في الوغى الصَّبرا

فإما انتصارٌ يرفع الدين عالياً

وإما مماتٌ ، نحن نلتحفُ القبرا

وكانت جيوشُ الفاتحين منيعةً

تصول كبحر صارعَ المَدّ والجَزرا

تَدكُّ حصون الكفر لم تخش بأسهـــا

وتُمسي تُذيق المعتدى الأسر والنحرا

تَكِرُّ على الأعداء في كل موقع

وحقَّ لها أن تُتقن الضَّرب والكرا

وتَفتح باسم الله دُوراً بأهلها

وأجنادنا بالعدل في حربهم أحرى

سلامٌ على مَن مات منهم موحّداً

فكم نوّروا الدنيا ، وكم جبَروا الكسرا

ويَشهد (قسطنطينُ) بالعدل شِيمة

ويَشهد بالأخلاق في جندنا (كِسرى)

وتاريخُنا غضُ الصحائف شاهدٌ

وبالبغي دون الحق لم يشتمل سطرا

عففنا عن الدنيا وأغراض أهلها

وللجنة الزهرا جعلنا التُّقى مَهرا

وجُدْنا لأهل الأرض بالخير فائضاً

ولم نخش إقلالاً يُذل ولا فقرا

وفي الحرب لم نقتل صغاراً بها ولا

نساءً ، وأحسنّا معاملةَ الأسرى

وفي السلم لم نهدم صوامعهم ولا

كنائسهم ، كلا ، ولم نُسقهم قهرا

ولم نحرق الزرع البهيج بأرضهم

دُحوراً ، ولم نردمْ مُحيطاً ولا بحرا

ولم نشترع في الحرب شرعاً مخالفاً

هُدانا ، ولم نهدمْ بناءً ولا جسرا

ولم نتسورْ حائطاً لجماعةٍ

ولم نكو بالنيران بطناً ولا ظهرا

وكنا نُداوي كل جُرح وطعنةٍ

ونبذل ما بالوسع ، نشقى لكي يبرا

ونحمِل عن أعدائنا ما يُضيرُهم

إذا سالمونا ، بل ونغدو لهم ذُخرا

ونردعُ مَن يسعى لفوضى وفتنةٍ

ونُعمِل في أعوانه سيفنا دحرا

ونقمع مَن يحيا لتوطيد شُبهةٍ

ونشبعه دحضاً ، ونُلقِمُه الصَّخرا

ونَكبتُ مَن أبدى على الناس بدعةً

ونغمُر بالإقناع بدعته جَمرا

ونضربُ مَن يسعى لإيجاد منكر

ولا نمهل الباغين عاماً ولا شهرا

ونُرخص في الله الجليل نفوسنا

وإن فُقدتْ في الله ، لا لم تكن خُسرا

ونجعل قرآن المليك دليلنا

ويجعل هذا في البرايا لنا قَدرا

وسُنة خير الخلق أيضاً مَعينُنا

ويقصدها في الناس مَن ينشد الخيرا

ولا نبتغي غير الحنيفة منهجاً

ويَنهجُه في الأرض مَن ينشر البِّرا

ومَن يلتمسْ في الكون ديناً خِلافه

يَضِل الهُدى عمداً ، ويَتبع الكُفرا

وربُّ البرايا أنزل الذكر هادياً

وفصَّل للإنسان آياته الغُرا

فقومٌ هدى اللهُ القديرُ نفوسَهم

قليلٌ هُمُ في الناس – ما بلغوا النَّذرا

وقومٌ أزاغ الله ربي قلوبهم

وقد مُلئت آذانهم بالهوى وقرا

ولم يشعروا أن الهوان حليفُهم

ولم يبذلوا في الكرب مِن آهةٍ حَرى

فيا ويحهم ، ضلوا وضاعتْ ديارُهم

وأمسى عذابُ المفتري منهمُ نُكرا

فهلا يُفيق الأتقياءُ لدورهم

وينتشلون الناس من طامةٍ كُبرى

وهل ينبري كل الدعاة لغزوةٍ

يُعيدون فيها رغم ضعف القُوى بدرا؟

وهل تغمر الناس الجهولة دعوةٌ

تُبصّر أعمىً عن هُدى المصطفي غِرا؟

وهل يَلمس العُبدانُ فينا إباءنا

ويَرقبُ ضُلالُ الورى سادةً غُرا؟

وهل نقتفي آثار صحب نبينا

وأخبارهم ، يا أهلُ في الكتب الصَّفرا؟

وهل نغمر الدنيا بعدل شريعةٍ؟

وقد مُلئت مِن خذلنا للورى جَوْرا

وهل نُتحِف الآدابَ بالشرع حِسبةً

ونُوفي بإخلاص لأخلاقنا النَّذرا؟

فنسلكها درباً ، وندعو لنهجنا

ونجعلها نهجاً ، وقد أصبحتْ حِبرا

وهل نعتني باللب يوماً لنستمي؟

أمَ انا سنقضي العُمر نقتلع القِشرا؟

أما زال بعضُ الناس يُبدي عيوبنا

ويَحفر قبراً للسجايا هنا حفرا؟

ويصرعُ فكراً مستنيراً وسُمعة

ويصهر ألباباً نباهي بها صَهرا

ويزعُمُ أن الحق يعلو لأفقهِ

ذباباً غدونا ، ثم هذا غدا نسرا

ولا تفقه الناسُ الكثيرة فقهه

ولا نصفه ، كلا ، ولا فقهوا العُشرا

ويُقنع مَن يلقاه بالأمر يُمضِهِ

ويُحيي مع الهَلكى مناسبة الإسرا

ويَمقتُ إسراءُ الرسول سلوكَه

أيأتي فعال الليث مَن غدا هِرا؟

وهل بابتداع يُنصر الدينُ لحظة؟

ألا باتباع المصطفي نُرزَق النصرا

وهل يُرزقُ النصرَ المبينَ مُخادعٌ؟

وهل يُرزقُ التمكينَ مَن يَحبك الخترا؟

وهل عبقريٌ مَن يحِنّ إلى الثرى

حنيناً ، ويُلقي أسفل النعلِ الدُّرا؟

وهل طائعٌ لله عبدٌ مفتنٌ

وخمرته نشوى لتُغرقه سُكرا؟

ويُثني على نذل أعان على هوىً

ويَلقاه جَزلاً ، ثم يُوسِعُه شُكرا

وهل ألمعيٌ مَن يُحامي عن الغُثا

وقد أصبح المأفون في ساحهم– عَيرا؟

حنانيكَ يا مسرى النبي ، فإنني

أغالب في شعري الكآبة والقهرا

تساميتُ حتى قيل ذا متكبرٌ

وقصَّدتُ حتى قيل لا يُحسن الشِّعرا

مُناخ التداجي بعثرَ الآن فكرتي

فلملمتُها حتى أبَلغها النَّشرا

وعُذراً رسول الله عن أخطائها

فلو كنتَ بين الناس تَعذرني عُذرا

 

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن احمد علي سليمان عبد الرحيم

احمد علي سليمان عبد الرحيم

1954

قصيدة

احمد علي سليمان عبد الرحيم ولد سنة 1963 في بورسعيد لاسانس اداب لغة انجليزية يقوم بتدريس اللغة الانجليزيه لجيمع المراحل هاوي للشعر العربي من 40 سنة له دواوين 24

المزيد عن احمد علي سليمان عبد الرحيم

أضف شرح او معلومة