( أعيد إهداء هذه القصيدة التي رحّبتُ فيها بقدوم " لونا "حفيدتنا الأولى إليها ، وهي تحتفل اليوم بعيد ميلادها الثالث عشر ): انا في يديكِ كما كنت في ظلّ ذاك الزمانْ صبيّا يفيق على دعوة الطير فجرًا ويغدو مَشوقاً اليها بمطَّاطة الصيد بين الجِنانْ يناديه صوتانِ: صوتُ العصافير فوق القناة على غصن رمَّانة آمنةْ وصوتُ الدفاتر تدعو الى الدرس في الساعة الثامنةْ وبين النداءَيْن شيء من الوقت كيما يغافلَ كيما يصيدْ وليست تُعين على الصَّيْب عينٌ سديدةْ كما لاتعين على الرمي ايدٍ شديدةْ فيَعزو الى الحظّ ، حتى الى اليوم ، خيباتِه العاثرةْ ويمضي الى الدرس علَّ الدفاترَ تُغنيه عن هذه اللُّعبة الخاسرةْ *** اكون لديك سعيداً كما كنت في ظلّ ذاك الزمانْ وبين زماني وذاك الزمان عتاب طويل على الذاكرةْ وفي بحر عينيك ما يُغرق الذاكرةْ ويُلقي سلاماً على العمر عَبْر المشيب الى الآخرةْ ويجعل بالي خليًّا ويومي هنيًّا ولا شيء يقتات وقتي سوى وجه لونا ونظرة لونا وضحكتها العَذبة الغامرةْ *** وعيناك بحرٌ هما زرقة البحر عند الظهيرةْ ويُسْراهما ، للذي يعشق العوم ، فيها جزيرةْ وعاقبة العَوْم في بحر عينيك تبدو عسيرةْ ولا بدَّ من مأمنٍ – بقعةٍ للنجاةْ وعيناك ، يا حلوتي ، تعشقان الحياةْ . *** وعيناك بحرٌ وفي البحر ، اذْ يغطِس الغاطسون ، سِرٌّ ملوَّنْ من البدء لون ولون يخالف ممّا تكوَّنْ وفيه الغرائب فيه العجائب ما لا يُعَدُّ وفيه لمن يرقب الكون جزرٌ ومدُّ وفيه وفيها ، لمن يعشقُ الحسن ، ماء ووعدُ *** على بحر عينيك خُضْرُ الأهلَّة مِثل الزوارقْ تُحيط ببدر من المِسك طافٍ وغارقْ خريطة عينيك ميناء فوضى أساطيلُ تأتي وأخرى تفارقْ وما من رقيب على ايّ مارقْ *** وعيناك بحرٌ اذا الدمعُ يجري يُحَرِّق قلبي كقنديل بحرِ تسيل الدموعُ سلاماً عليك وتبقى عليَّ كحبَّات جمْرِ *** انا رهنُ عينيك يا حلوتي انا تحتَ امرك يا دُميتي ولكن بشرط بعيد المدى تكونين أُولى حكايا الصباح فتُلقين عني غطاء الكرى وكابوسَ ليل طويل سرى اذاالليل فتَّح بعض الجراحْ انا خاتم طيِّع في يديْك اذا الصبح من وجنتيك ابتدا *** اكون سعيدًا كما كنت في ظلِّ ذاك الزمانْ سعيداً بشعرك ينساب مثل الحكايا الغريبةْ سعيدًا بوجهك يشبه وجهي كما أدّعي ... لعلّي أعيد اليّ بهذا التشابه شيئًا من العمر والذكريات الحبيبةْ يَمُدُّ يديَّ اليك الولَعْ يَصُدُّك عنّي كثير الدَّلَعْ اقبِّل خدَّيْك حتى الأذى اعضعضُ زنديك حتى الوجعْ والعب دوْرا لكي ترجعي ، وترمين قدَّك في اضلعي وأغلق خلفك باب الجَنانْ . *** وعيناك بحرٌ وفي بحر عينيك تصفو السماءْ ارى فيهما كيف يزهو الضياءْ ارى فيهما كيف ينمو الشتاءْ ارى صورةَ اللهِ اكثرَ ما قد يكون النَّقاءْ أصلِّي لعينَيك يا حلوتي وادعو ليقبل ربي الدعاءْ... *************************
جريس دبيات شاعر فلسطيني
ولد جريس دبيات في كفركنا (قانا الجليل) – قضاء الناصرة سنة 1950.
انهى دراسته الجامعية في جامعة حيفا سنة 1970 في موضوعي الأسلام واللغة العربية .
عمل منذ ...