الديوان » احمد علي سليمان عبد الرحيم » بنو أمية بين الزيف والحقيقة

عدد الابيات : 108

طباعة

صحّحْ تصورَك البليدَ الألودا

واهجرْ أباطيلاً يُزخرفها العِدا

ودع التخرّص للذين تخرّصوا

فالحق مُنتصرٌ ، وإن طال المدى

وادحضْ أكاذيبَ الجُفاة وإفكَهم

واهجُ العُتاة الكاذبين العُنّدا

واكشفْ زيوفَ المُغرضين وزورَهم

واسلكْ سبيلاً في التثبّت أرشدا

واستقرئْ التاريخ واسبرْ غوره

واسأله عن زيفٍ طغى وتمردا

وافتحْ مَراجعَهُ ، وطالعْ ما حوتْ

مِن عِبرة الماضي لتُدركَها غدا

واستخلص الأخبارَ ، وادرسْ نصها

واستصفِ طارفَ نصها والمُتْلدا

يا صاح غربلْ كل نص وادّكرْ

وأقم على صدق الرواية شُهّدا

واسْرُدْ أدلتك التي هي حُجّة

حتى تُناصرَ ما تُقدّمُ مِن هُدى

لا تطعن الأبطال مِن أهل الحِجا

فالناسُ قد خبَروا لديك المَقصدا

جرّحتهم حتى تُجرّح عِلمهم

وتصد عنهم مَن برُشدِهمُ اهتدى

ولعنتهم حتى تشتت جُهدهم

ويَضيعَ ما بذلوا لدينهمُ سُدى

هوّنْ عليك الأمرُ متضحٌ لدى

مَن دان في الدنيا بمِلة أحمدا

وبنو أمية مِن زيوفك بُرّئوا

وسبيلهم في العيش كان الأقصدا

جلوا عن الإفك الذي وُصِفوا به

وبرغم مَن كالوا التحايلَ والعَدا

هم سطروا الأمجاد واضحة الصُوى

وبرغم أفاكٍ بغى وتزيدا

هم شرّفوا عبداً لحَيّهمُ انتمى

فغدا بنسبتهم أعز وأمجدا

هم حققوا الآمالَ عَزتْ واستمتْ

فإذا بها في الدار سامرة الصدى

هم جاهدوا الدنيا بما ملكتْ يدٌ

واللهُ سلم مَن تفضلَ واليدا

وسَعَوا لنشر الدين أعظمَ سَعيهم

وتحمّلوا في السعي غائلة الردى

فتحوا البلادَ ، ولم يُذِلوا أهلها

حتى يَبيتوا للدهاقن أعبُدا

و(دمشقُ) عاصمة تُعضّدُ مُلكَهم

والمُلكُ عَز بشامِهم وتأيّدا

تسعون عاماً في الخلافة أسفرتْ

عن مَجد أعلام يُناجي الفرقدا

ولهم (بقرطبةٍ) مَعالمُ دولةٍ

كانت لمَن يرجو الشرافة مَوردا

فتحوا لدين الله (أندلسَ) التقى

وبنوا على الأرض العزيزة مسجدا

وبأول الخلفاء غرّدَ مجدُهم

وبآخر الخلفاء أيضاً غردا

ولهم فتوحاتٌ يُرفرفُ بَندُها

ما اسطاع مُنتقدٌ لهم أن يجحدا

فتحوا الدنا غرباً إلى (أسبانيا)

وسل الرُبا عن فتحهم والأوهُدا

وإلى تُخوم الصين شرقاً واصلوا

ما قاتلوا إلا محارباً اعتدى

 (آسيا وأوروبا) بفتح شادتا

والأمرُ مُشتهرٌ ، وليس مُفندا

وغزوا ديارَ الروم يَهدُرُ جيشهم

حتى يُذلوا الكافرين الحُسّدا

وسل الفرنجة عن أشاوسَ ناضلوا

ليُجندلوا ليلاً طويلاً سرمدا

واسأل عن (البرغند واللومبارد) هل

شهدوا وقد نزل الغزاة المشهدا؟

قامت بهم سُوقُ الجهاد ، وأشرقتْ

وروتْ بقاعَ الأرض رياً مُرفِدا

ونحَوا إلى (القسطنطنية) في مَضا

ليبددوا ظلماً مُريعاً ألودا

واذكرْ (يزيداً) فاتحَ الشام الذي

في كفه ما كان سيفٌ مُغمَدا

 (لبنانُ) قد فتحتْ بفضل جهاده

إذ كان في الإثخان فذا مُفردا

وعلى خيولهمُ الفتوحُ تلألأتْ

وجهادُهم في الخافقين توقدا

ضبحتْ خيولُ الفتح يسطعُ دربُها

وطوتْ ظلاماً حالكاً متلبدا

أسمِعت (أرمنيا) تشيدُ بفتحهم

و(بأذربيجانٍ) تُناولك الصدى

و(بجُورجيا) الأفراحُ تُبهجُ سالياً

وسل الألى زاروا ، وحَيّ الرُوّدا

سل (تركيا) و(الهند) عن فرساننا

وهبوا الديار فخارَها والسؤدَدا

و(بأفغنستانٍ) و(باكستانَ) سلْ

عن خير جُندٍ فيهما نشروا الهُدى

و(بأوزبكستانٍ) طيوفُ جهادهم

وسل الهضابَ عن القنا والأنجدا

و(التركمانستانَ) سل عن فتحها

مَن بالكرامة خصّها وتعهدا

و(الكازخستان) ازدهتْ أصقاعُها

ببني أمية عندما اختصروا المدى

جاؤوا غزاة فاتحين ليُنقذوا

شعباً يُقاسي الظلمَ لمّا استأسدا

هم عرّبوا كل الدواوين التي

تعريبُها كادَ الأباطرة العِدا

هم نقطوا – بعد المشورة مُصحفاً

كي لا يُغيّر أيُ لحن مَقصِدا

هم نظموا الحُكمَ الذي نهضوا به

والقرنَ قد حكموه كان مُجدِّدا

هم شيدوا دُور العلوم بدارهم

وبنوا بها المستشفياتِ تعبدا

وبنوا مدارسَهم لينهض جيلهم

والفقهُ في عصر الأماجد جُدِّدا

وتفردوا بالمكتبات تزينُها

كتب الثقاتِ غدتْ لتال مَوردا

وكذاك صَكّوا للورى دينارَهم

في صَكه ورسومه مُتفردا

فعليه توحيدُ الإله مُسطرٌ

أرأيت ديناراً يروجُ مُوحدا؟

هم أتقنوا فن العمارة ، واستموا

فيهِ ، فأدهشَ مَن رأى وتفقدا

والمسجدُ الأمويُ بعضُ تُراثهم

يَستقطبُ المتبتلين الهُجدا

هو آية وحضارة وعمارة

وسل التقاة الراكعين السجدا

وبنوا على المعراج (قبة صخرة)

يُهدون بنيتها النبي محمدا

هم قد أحبوه ، وتُرجمَ حبهم

إذ طبقوا شرع النبي المُفتدى

واستحدثوا نظمَ البريد ليربطوا

أمصارهم ، والأمرُ كان ممهدا

هم أمّنوا البحرَ الخِضمَ بحيلةٍ

و(أبو يزيدٍ) كان في الأمر ابتدا

هو أنشأ الأسطولَ يحمي دولة

والبحرُ كان المُلتقى والمَوعدا

ببني أمية كم ظفرنا واستمتْ

راياتنا ، وببأسهم شهدَ العِدا

فلقد قرأتُ (للورافيشيا) حصة

عن مجدهم فيها الصراحة والهدى

ولقد قرأتُ لباسكويهٍ فقرة

مِن أن للأفذاذ في الحسنى يدا

وسألت (موريسَ البوكايَ) ، فدلني

ورمى إليّ دليله ، وتشهدا

وسألتُ (آنا بنتَ ماري) عنهمُ

فأجابتِ الفضلى بردٍ كالندى

من أن مجد بني أمية خالدٌ

رغم التجني ، بل رأتْه أرشدا

وسألتُ (سيجريداً) فأدلتْ دلوها

بمقال باحثةٍ أجلّ وأقصدا

هم أدخلوا في الدين هذا بربراً

وبنوا لهم فوق القضيض المسجدا

وعلى جبال (الهيمالايا) جاهروا

بأذانهم ، والكونُ سُر ورددا

وهناك في أدغال (أفريقا) دعَوا

حتى غدتْ خبراً ، وكانوا المبتدا

والبرتغال تهيأتْ لقدومهم

أسروا قلوبَ الناس ، بل والأكبُدا

والفلك ترسو عند ساحل (قبرص)

والخيلُ فوق الفلك تقتحمُ المدى

واللهِ تاريخ الأباة مُشَرّفٌ

ويسُر أحراراً تلوه وأعبدا

ليس (ابنُ تيميةٍ) توسع وحده

في مدحهم دهراً ، فكال وأزبدا

و(ابن الأثير) الفذ لم يكُ أولاً

و(الحافظ الذهبي) لم يكُ أوحدا

بل مدحُهم خطتْه أيدٍ أهلها

نسخوا الكلامَ منقحاً ومُسددا

تالله ما غصبوا خلافة قومنا

بل سعيُهم في الجمع كان مرشّدا

هم واجهوا فتناً تروحُ وتغتدي

وغدتْ حياة الناس ليلاً أسودا

هم ما أذلوا آل بيت نبينا

كذب الألى قالوا الهراءَ الموقدا

بل أكرموهم ، واعتنوا بشؤونهم

والبابُ لم يكُ عن رؤاهم مُوصدا

لم يقتلوا عُمَراً ، فهذي فرية

فضحتْ لئيماً جعظرياً ألكدا

ما أخرسوا الأصوات ينطقُ أهلها

بالحق ، بل رأوُا الحقيقة عسجدا

لم ينشروا شِركاً ولا وَثنية

بل جاهدوا ليسود في الدنيا الهُدى

لم ينهبوا الأموالَ ، أو يتصرفوا

فيها بلا حق ، لذا ضاعت سُدى

لم يسرقوا من بيت مال المسلمين دُريهماً

هذا العزيفُ غدا هلاكاً مُرْصِدا

كلا ، وما وضعوا الأحاديث افترا

أنصدقُ المستهزئين الحُسّدا؟

يا قوم عودوا للمصادر حُققتْ

لا تقبلوا ممن غلا وتزيدا

وخذوا الحقائق من صدوق صادق

حتى وإن لفظ الهُدى وتهودا

وأنا ذكرتُ البعض ممن أنصفوا

فلقد يكون كلامُهم لي مُنجدا

وبنو أمية لم تمتْ أنباؤهم

بل دونتْ ولها لدى التالي صدى

في (الويكيبيديا) سُطرتْ أخبارُهم

وكلامُها أمسى يقيناً مُسندا

و(اليوتيوبُ) قد احتوى أمجادهم

علماؤه تهدي السبيل الأرشدا

ولديه أفلام تجسّدُ عِزهم

ومسلسلاتٌ تُسعدُ المتوجدا

حتى المتاحف ضمنتْ آثارهم

ولباسهم ، كم زائر كان ارتدى

ولهم خطايا لستُ أنكرُ وصفها

لا يَكفرون بها لنلعن من عدا

بل لا يزالون التقاة ، وإن عصَوا

لم يذكر التاريخ منهم مُفسدا

هم في مشيئة ربهم سبحانه

هو مَن أضل عن الصراط ومَن هدى

إن شاء عذبهم ببعض ذنوبهم

أو شاء سامحَ مَن تراجعَ واهتدى

يا رب ألحقنا بهم يوم الجزا

إنا نخافُ مَصيرَنا والمشهدا

إنا تقرّبنا إليك بحُبهم

والصالحون غدَوْا علينا شُهّدا

مَن كان أسعده المليك بقربهم

هيهات يُشقِي اللهُ مَن قد أسعدا

ومَن استطالَ بعِرضهم مُتنقصاً

أو بات يلعنهم سيُمسي مُفسدا

والنارُ مَوعدُ مَن تطاول وافترى

ساءتْ له عُقبى ، وساءتْ موعدا

للهم سلمْ مِن فظاعة كيدهِ

أنت المُعينُ على الظلوم إذا اعتدى

 

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن احمد علي سليمان عبد الرحيم

احمد علي سليمان عبد الرحيم

1954

قصيدة

احمد علي سليمان عبد الرحيم ولد سنة 1963 في بورسعيد لاسانس اداب لغة انجليزية يقوم بتدريس اللغة الانجليزيه لجيمع المراحل هاوي للشعر العربي من 40 سنة له دواوين 24

المزيد عن احمد علي سليمان عبد الرحيم

أضف شرح او معلومة