الديوان » سعد الشديدي » وَصَايَا اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ

أَمَامَ الْمَرَايَا وَقَارُورَةُ الْعِطْرِ تَسْأَلُنِي:

تَأَخَّرَتِ الْيَوْمَ،

أَلَمْ تَتَّصِلْ بَعْدُ؟

أَمَا كَتَبَتْ أَنَّهَا الْيَوْمَ مَشْغُولَةٌ؟

أَوْ أَنَّ الزِّحَامَ يُؤَخِّرُهَا؟

أَوْ رُبَّمَا نَزَلَتْ مِنْ بَيْتِهَا وَالْتَقَتْ –مَثَلًا– بِصَدِيقَتِهَا

وَدَارَتْ عَلَيْهَا فُصُولُ الْحِكَايَاتِ وَالذِّكْرَيَاتِ

وَلَمْ تَنْتَبِهْ لِقِطَارِ الْمَسَاءِ الَّذِي فَاتَهَا؟

لَيْسَ عَادَتَهَا أَنْ تُؤَجِّلَ مَوْعِدَهَا فَجْأَةً وَتَغِيبُ!

وَمَا أَخْلَفَتْ وَعْدَهَا مُنْذُ رَأَيْتُكَ تُوقِدُ بُرْكَانَهَا

وَتُسِرُّ لَهَا،

بِأَنَّكَ تَعْشِقُ رَائِحَةَ اللَّيْلِ فِي جِسْمِهَا.

وَأَهْدَيْتَهَا نَجْمَةً فَارَقَتْ سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى

لِتَنَامَ عَلَى صَدْرِهَا

بَيْنَ تُفَّاحَتَيْنِ مِنَ الذَّهَبِ الْمُشْتَهَى.

* * *

قَالَ الْبَابُ:

إِذَا أَقْبَلَتْ وَهِي مُتْعَبَةٌ فَاحْتَرِسْ

وَلَا تُكَلِّمْهَا عَنِ الْحُبِّ وَالطَّقْسِ.

وَتَأْخُذُ فِي لَهْفَةٍ يَدَهَا

وَتُحَدِّثُهَا حَدِيثَ صَدِيقَيْنِ مُنْسَجِمَيْنِ.

قُلْ لَهَا مَا تَشَاءْ

وَلَا تَخْتَصِرْ فِي الْكَلَامِ

لِأَنَّ النِّسَاءْ

يُفَضِّلْنَ سَرْدَ التَّفَاصِيلِ..

حَتَّى الصَّغِيرَةَ مِنْهَا.

وَاقْطِفْ لَهَا بَاقَةً مِنْ زُهُورِ الْبَرَارِيِّ:

النَّرْجِسُ الْمَشْرِقِيُّ يُبَارِكُ سِرَّ أُنُوثَتِهَا

وَالْمَغْنُولِيَّا لِتَمْنَحَهَا لَحْظَةً مِنْ هُدُوءِ السَّمَاءِ

وَالْيَاسْمِينُ لِيَقُولَ لَهَا أَنْتِ عِطْرُ الْعُطُورِ وَشَمْسُ النِّسَاءِ.

وَالْأُقْحُوَانُ لِكَيْلَا تَمُوتَ إِذَا أَجْهَشَتْ بِالْبُكَاءِ.

ثُمَّ تَدُورَانِ عَلَى مِحْوَرِ اللَّيْلِ

مِثْلَ غَرِيبَيْنِ يَرْتَدِيَانِ الضَّبَابَ

وَيَفْتَرِشَانِ الْحَدَائِقَ فِي أَوْجِ خُضْرَتِهَا.

* * *

حَلَّ النَّهَارُ ثَقِيلًا...

وَمَا اتَّصَلَتْ وَلَا سَأَلَتْ وَلَا أَرْسَلَتْ وَلَا أَخْبَرَتْ وَلَا فَكَّرَتْ أَنْ تَقُولَ أَيْنَ هِيَ الْآنَ!

قَالَ لِي هَاجِسٌ إِنَّهَا نَسِيَتْ..

قَالَ لِي هَاجِسٌ أَعْمَقُ إِنَّهَا قَرَّرَتْ أَنْ تُصَفِّي حِسَابَاتَهَا

وَتَبْحَثُ عِنْ شَاطِئٍ آخرَ

تُرْسِي عَلَيْهِ سَفِينَتَهَا...

رُبَّمَا!

* * *

خَبَّأْتُ قَارُورَةَ الْعِطْرِ

أَوْصَدْتُ بَابِي...

ذَهَبْتُ إِلَى غُرْفَةِ النَّوْمِ،

وَكَانَتْ هُنَاكَ...

تَنَامُ بِكُلِّ هُدُوءٍ

وَعَلَى صَدْرِهَا نَجْمَةٌ فَارَقَتْ سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى

لِتُوقِظَ تُفَّاحَتَيْنِ مِنَ الذَّهَبِ الْمُشْتَهَى.

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن سعد الشديدي

سعد الشديدي

24

قصيدة

شاعر عراقي

المزيد عن سعد الشديدي

أضف شرح او معلومة