( هل كل جارحة تتنفس في فجوة الجلد، أو فجوة الرأس مسجونة ، كل طفل تشيخ ، والنسوة ، الأمهات الصغار أرامل ). يدفعني الجند بالوخز في اسفل الظهر ، ارفع رأسي ، أدخل ، دون حضور ودون شهود يقدمني المحاكمة القصر ، أضحك ، بسم الخليفة ، تقرأ لائحة التهم الحب ، اضحك بسم الخليفة يصدر حكم الطواغيت ضدي ينفلت الضحك من كلماتي المحاطة بالجند ، يخرجني حرس القصر ، يفتح باباً الى السجن ، باباً الى القبر يا وردة الجوع ، يا وطناً يتوهج في ظلمة الإعتقالات. ماكان عندي زرع، وما كان عندي ضرع أنا رجل من صعاليك هذي المدينة أدبغ جلد الثعالب ، بين رفاقي أقتسم الزاد ، أقتسم الثوب أنشر في الصحراء ورودي ، أشرب نخب القرامطة الفقراء كؤوس الملامة أحترف السجن ، يحتضن الوجه ، يلقي يديه على كتفي ، يحدثني عن جموع الرفاق يحدثني عن مياه الخليج المراقب من جهة خاصة ، أتأبط حزني ، تسألني النفس في لثغة الطفل ، كيف تمر السنين الطويلة ، كيف تمر الليالي مشبعة بالكآبة تحضر بالنعش ، يختلط اليوم بالأمس ، يختلط النوم بالصحو ، تفقد كل الأحاديث روعتها ، والأغاني تصمت ، تصمت كل الزنازن ، يختلط الحر بالقرّ ، يختلط القرّ بالقرّ ، لا دفء ، كنت انا الدفء في الثلج ، هل يتوسد بعضي في وجع البرد بعضي وهل يتقدمني النعش مثل العصافير حين تهاجر أدخل في كهف الليل ، شيء رهيب هو الليل ، لا سكناً للصعاليك ، أعرف ، لا وطناً للطيور اسأليني لماذا الليالي تطول ؟ لماذا الفصول ؟ يعمدها الوقت بالدم ، تكبر يشتعل الرأس بالشيب ، تكبر تقصر أيام عمرك ، اكبر يقترب القبر من باب زنزانة رقمها واحد من يا ترى يدفن الصوت ، لا أحد ، فأنا نبأ من بدء الخليقة ، ينسجه البرق ، يعلنه نسغ النار ، تعلن عني كتابات من سبقوني الى وطن العشق ، يا وردة الجوع ، يا نهر يا جذر هل كنت في جسدي ؟ آية لحضور المدينة أو كنت ناراً، تحولت فيها جحيماً لذيذاً يذيب الجراحات ، يا لحظة عمرها الدهر . تواصلت ، غذيتك الجرح ، دمع الصعاليك ، دمع القرامطة المستحمين في أنهر الجوع كيف أتوا.. أخذونا معاً كيف ؟!! ما عاد شئ يقال سوى ان تكون الاجابة نوعاً جديداً سوى ان يظل السؤال لنا افقاً ، والخليج طريقاً يمر بنا العالم الطفل ، يا وردة الجوع ، يا كل شئ لدي نهاراً أراك نخيلاً تقايض شاهدة القبر بالقبر ، تكبر في رائحة الملح ، ليلاً أراك سماءً توغل فيها الدمى الخلفاء ( أيمكن أن يتباعد وجهك عني أيمكن .. كيف ؟ وانت مكانك قلبي وصوتك صوتي ) أنا البحر ، جلدي الشواطئ أسكن في قطرة الماء ، في الطلع أسكن ، في التربة المستحمة بالانتفاضات في مطلع الصيف أسكن ، يا وردة الجوع هزي جدار الازقة يطلع طفل وهزي الصدى صنماً يسقط الحقد ، في الوحل يسقط في الوحل في الوحل يا وردة الجوع ، قد يمنعون النعاس عن العين ..لكن سأبقى أنا الحلم ، كل الجهات طريقي .
علي أحمد جاسم الشرقاوي،شاعر وكاتب مسرحي بحريني. ولد في مدينة المنامة سنة 1948م، ونشأ بها
حصل على دبلوم معهد مختبر بشري.
ترجمت قصائده إلى عدة لغات، له العديد من المؤلفات ...