الديوان » سعد الشديدي » هَوَامِشُ عَلَى مَلْحَمَةِ جِلْجَامِشَ

(1)

هِيَ الَّتِي رَأَتْ كُلَّ شَيْءٍ

فَأَلْهِجِي بِذِكْرِهَا يَا بِلَادِي.

هِيَ الَّتِي أَسْرَفَتْ فِي زِينَتِهَا

حَتَّى حَسَدَتْهَا الْحُرَّةُ وَالْبَغِيُّ.

وَهِيَ الَّتِي تَخَمَّرَتْ فِي جَرَّارِ الزَّمَانِ

حَتَّى صَارَتْ كَأَشْهَى مَا يَكُونُ النَّبِيذُ.

 

(2)

تَنَاسَلَتْ فِي قَطَرَاتِ الْمِيَاهِ الْعَمِيقَةِ

فِي عَرَقِ الْإِلَهِ آبُو،

الَّذِي سَالَ عَلَى جَبِينِ الْبَرَارِي.

وَرَقَصَتْ شَرَارَةٌ وَحِيدَةٌ

عَلَى دَقَّاتِ قَلْبِ الْبَقَرِةِ الْوَحْشِيَّةِ نَنْسُونَ.

تَنَاسَخَتْ شَرَارَةً وَحِيدَةً

وَدَارَتْ فِي السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ بَاحِثَةً عَنْ نُطْفَةٍ تَسْتَقِرُّ بِهَا.

فَمَا وَجَدَتْ غَيْرَ أَغْصَانِ الرُّمَّانِ... وَقَنَوَاتِ الْبَسَاتِينِ،

تِلْكَ الَّتِي تَرَنَّحَتْ عَلَى أَصَابِعِ الْحُلَفَاءِ،

وَرِيشُ طَائِرِ الشَّقْرَاقِ الْحَزِينِ.

 

(3)

عِنْدَمَا تُغَادِرُ أَزِقَّتَهَا

وَجُدْرَانَ مَعَابِدِهَا

وَعَتَبَاتِ بُيُوتِهَا

وَأَعْشَاشَ عَصَافِيرِهَا

فَهِي تَفْعَلُ ذَلِكَ عَنْ قَصْدٍ.

وَعِنْدَمَا تَنْشُرُ شَعْرَهَا لِتُلَوِّحَ بِهِ فِي الْأَعَالِي

فِي رَقْصَةٍ مِنْ رَقَصَاتِ نِسَاءِ أَرْضِ السَّوَادِ..

فَهِيَ تَعْرِفُ مَا تَصْنَعُ.

............................

............................

لَمْ تَبْرَحْ يَوْمًا أَسْوَارَهَا

وَمَا رَقَصَتْ حَتَّى لِعُشَّاقِهَا.

وَاسْأَلُوا بَوَّابَاتِهَا وَأَبْرَاجَ حُصُونِهَا،

كَيْفَ كَانَتْ تَنُوحُ بَاكِيَةً عَلَى قَطَرَاتِ الدَّمِ الَّذِي سَالَ

عَلَى أَسْفَلْتِ شَوَارِعِهَا... وَجُدْرَانِ أَسْوَاقِهَا.

 

(4)

آهٍ يَا وَلَدِي

يَا حَبِيبِي

يَا سَيِّدِي

مَا الَّذِي فَعَلْتَ لِتَقَعَ فِي الْبِئْرِ الَّذِي تَشْرَبُ مِنْهُ أَكْبَاشُ الرُّعَاةِ؟

مَا الَّذِي فَعَلْتَ لِتَغِيبَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ مُتَنِقِّلًا مِنْ ظُلْمَةٍ إِلَى ظُلْمَةٍ؟

مَا الَّذِي فَعَلْتَ لِتَجُوعَ وَتَعْرَى وَأَنْتَ سَيِّدُ هَذِهِ الْأَرْضِ..

لَكَ الْمَاءُ،

وَالذَّهَبُ،

وَلُؤْلُؤُ الْبَحْرِ وَأَطْوَاقُ الْمَرْجَانِ وَالْيَاسْمِينِ..

فَلِمَاذَا يَسُوقُونَكَ كَالْعَبْدِ مِنْ أَرْضٍ إِلَى أُخْرَى

وَمْنْ قَبْوٍ إِلَى قَبْوٍ؟

 

(5)

وَلَكِنَّهَا مَا ارْتَعَشَتْ وَلَا سَالَتْ لَهَا دُمُوعٌ.

رَمَوْا عَاشِقَهَا بِالْحَجَرِ،

وَرَمَتْهُ بِقُدَّاحِ الْبُرْتُقَالَةِ الْمُتَشَرِّدَةِ...

فَصَاحَ حَتَّى رَدَّدَتِ السُّهُولُ مَا كَانَ يَقُولُ:

الْآنَ... الْآنَ فَقَطْ... آلَمْتِنِي أَيَّتُهَا الْمَدِينَةُ.

مَا تَحَرَّكَتْ وَمَا اهْتَزَّ لَهَا جَفْنٌ.

وَمَا تَعَالَى صُرَاخُهَا،

سَاكِنَةً ظَلَّتْ.

تَشْعُرُ السَّمَاءُ بِأَنْفَاسِهَا خَارِجَةً مِنْ جَوْفِهَا،

وَاسْأَلُوا عَاشِقَهَا

فَقَدْ بَكَى عَلَيْهَا وَمَا بَكَتْ عَلَيْهِ.

وَلَكِنَّهَا خَرَجَتْ نَاثِرَةً شَعْرَهَا فِي الْأَعَالِي.

لِتُدَثِّرَ النُّجُومَ وَكَوَاكِبَ الصُّبْحِ.

وَتُدَفَّأُ بِأَنْفَاسِهَا أَوْصَالَ الْبُيُوتِ وَسَعَفَ النَّخِيلِ.

فَهِيَ تَعْرِفُ مَا تَصْنَعُ.

 

(6)

وَضَعَتِ الْكَرْخَ عَلَى ثَدْيي

وَالرَّصَافَةَ عَلَى الْآخَرِ..

وَغَنَّتْ لَهُمَا حَتَّى شَبِعَا وَنَامَا.

 

(7)

نَفَخَتْ عَلَى النَّارِ

وَضَعَتْ عَلَيْهَا قِدْرًا

وَأَغْدَقَتِ الطَّحِينَ وَالسُّكَّرَ.

رَمَتْ فِيهِ النَّهْرَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ

وَقِبَابَ مَعَابِدِ أُورُوكِ الذَّهَبِيَّةَ

وَطَيْلَسَانَ أُورُنْمُو،

وَقَصَائِدَ الطُّوفَانِ الَّذِي لَمْ يَأْتِ بَعْدُ.

وَذَابَتْ فِيهَا.

الْآنَ سَأَصْنَعُ لِحَبِيبِي طَبَقَ الْحَلْوَى الَّذِي وَعَدْتُ.

2006/01/21

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن سعد الشديدي

سعد الشديدي

24

قصيدة

شاعر عراقي

المزيد عن سعد الشديدي

أضف شرح او معلومة