عدد الابيات : 53

طباعة

ءلُقيتَ عُقيى الجهدِ والأتعابِ

ونزلت خيرَ مَحلِةٍ وجَناب

ورَحلْتَ خير مُودَّع عن موطنٍ

حاميتَ عنه ، وأُبتَ خيرَ إياب

ودفعتَ للدار الحصينةِ أمةً

وقَفَتْ سياستُها على الأبواب

ولأنتَ خيرُ لسان صدقٍ ناطقٍ

عنها إذا صَمَتَتْ ، وخيرَ كتاب

غابَ الاسود جِنيفُ سوفَ يَدوسُها

أسدٌ تقدِّرُه أسودُ الغاب

رحْبُ الفؤادِ غداً تُجِلُّ مكانَهُ

أربابُ أفئدةٍ هناك رِحاب

وهناك سوفَ تَرى النواظرُ مالئاً

كرسيَّهُ قُطباً من الأقطاب

ملءَ العيون سماتُ أصيدَ طافحٍ

عزماً ، وملءَ السمع فصلُ خِطاب

ومَلامحٌ مشبوبة هي وحدَها

وكَفى ، دليلُ نجابةِ الأعراب

لله درُّك من خبير بارعٍ

يَزِنُ الأمورَ بحكِمةٍ وصَواب

يُعَني بما تَلد الليالي حيطةً

ويُعِدُّ للأيام الفَ حساب

متمكِّنٌ مما يريد يَنالهُ

موفورُ جأشٍ هادئُ الأعصاب

يلتفُّ " كالدولاب " حول كوارثٍ

حَشَدت عليه تدورُ كالدولاب

وإذا الشعوبُ تفاخَرَت بدُهاتها

في فضِّ مشكلةٍ وحَلِّ صِعاب

جاء العراقَ مباهياً بسَمَيذَعٍ

بادي المَهَابة رائعٍ جَذّاب

يُرضيك طول أناتهِ فاذا التوَى

فهو القديرُ الفذُّ في الإغضاب

أملاعبَ الأرماح يومَ كريهةٍ

في السلمِ أنتِ ملاعبُ الألباب.

أعجبِتُ منكِ بهمةٍ ورويَّةٍ

وأقلُّ إعجابِ امريءٍ إعجابي

إن الذي سوّى دِماغَك خصَّة

من كل نادرةٍ بخير نِصاب

لبّاسُ أطوار يَرىَ لتقلُّبِ الايام

مُدَّخِراً سِفاطَ ثياب

يمشي إلى السر العميقِ بحيلةٍ

أخفى وألطَ من مَدَبَّ شراب

يبدو بجِلبابٍ فانْ لم تَرضَه

يَنْزَعْه مُنسلاً إلى جِلباب

قضت الظروفُ بما تُريد وغَُلِّبتْ

آراءُ مجتمِع القُوى غلاّب

وعرفتَ كيف تَرى السياسةَ خطةً

عربيةَ الأوصاف والألقاب

مشيَّتها عشراً وئيداً مشيها

باللطفِ آونةً وبالإرهاب

وكشَفتَ كلَّ صحيفة مستورةٍ

وتركتَها عُرْياً بغير نِقاب

وقتَلتَ أصناف الرجال درايةً

من مستقيمٍ في خطاهُ وكابي

ومُعارِضٍ خَدَمَ البلادَ لغايةٍ

شَرُفت وآخرَ خائنٍ كذاب

وكأنني بك إذ تقابلُ واحداً

منهم ، تريه غفلةَ المتغابي

فاذا ادّعىَ ما ليس فيه أتيَتَه

فيما تُريد، بمَحضَرٍ وكِتاب

لم تبقَ لولا فرطُ عزمِك ريبةٌ

أن العراق يسير نحو تَباب

حتى وَقفْتَ به يمدُّ لهاتهُ

تَعَباً من الأثقال والأوصاب

لا أدَّعي أنْ قد أتمَّ نموَّه

من كان أمسِ بشكلِ طِفل حاب

فلَتِلك لبستْ بالبعيد منالُها

عن كلِّ شَعب طامحٍ وثّاب

لكن أقولُ اريتَهُ مستقبَلا

لا بالعَديم سَناً ولا الخلاّب

كالشُهد أوّلَ ما تذوَّقَه فمٌ

ما زالَ بين لُهاه طعمُ الصاب

فاليوم هاهو ذا بظلِّك يحتَمِي

مثلَ احتماءِ العَين بالأهداب

ان تشكُ ما قاسيتَ من إجهادةٍ

أو تَلقَ ما لاقيت من أتعاب

فلقد طَلَبَتَ منالَ أمرٍ لم يكُنْ

ليُنالَ إلا من رؤوس حِراب

اليومُ يومُ تَفاهمٍ بالرَغم مِن

أني أحِبُّ تَطاحُنَ الأحزاب

وسياسةٍ سلبيةٍ لو أثمَرَتْ

فيها نجحُ رغائبٍ وطِلاب

وخيانةٌ ان لا يقدِّرَ مخلِصٌ

تدعو سياستُهُ إلى الإِضراب

لكن إذا لم تَبقَ إلا مِيتة

أو أختُها فسياسةُ الإِيجاب

ما يأخذُ المصنوعُ حبلَ وريده

ما بينَ ظُفْْرِ عدوِّهِ والناب

أني هززتُكَ بالقوافي قاصداً

بكَ خدمةَ التاريخِ والآداب

لولا محيطٌ بِتُّ من نَزَعاته

وتضارب الآراءِ كالمرتاب

أطنَبتُ في غصَصٍ لديَّ كثيرةٍ

تبيانُها يدعو الى الإِطناب

لي حقُّ تمحيص الأمورِ كواحدٍ

من سائر الشعراء والكُتاب

فاذا أصبَتُ فخَصْلةٌ محمودةٌ

واذا زَلِلتُ فلستُ فاقدَ عاب

فلطالما حابَيتُ غير مصارحٍ

ولطالما صارحتُ غير مُحابي

ولكم سَكَتُ فلا مصارحةٌ ولا

تمويهةٌ ، وقبَعْتُ في أثوابي

أبغي المسائلَ محضةً ويعوُقني

عن ذلكم ، سببٌ من الأسباب

وبلاءُ كلِّ مفكِّرٍ حزبيةٌ

تُلقي على الآراء ألفَ حِجاب

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن محمد مهدي الجواهري

avatar

محمد مهدي الجواهري حساب موثق

العراق

poet-jawahiri@

216

قصيدة

2

الاقتباسات

2341

متابعين

محمد مهدي الجواهري (26 يوليو 1903 – 27 يوليو 1997): شاعر عربي عراقي، يعتبر من بين أهم شعراء العرب في العصر الحديث. تميزت قصائده بالتزام عمود الشعر التقليدي، على جمال ...

المزيد عن محمد مهدي الجواهري

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة