1 ستراهُم مكتئبين به أحياناً منشغلين مساءً يفتحُ أزرار العتباتِ يكُوكب حُمّاهُ له أن يقرأ ما كتبوه على لوح الكتفين تراتيلُ الأحجارِ يُردّدها وجهٌ ينساهُ اسمٌ ينساه وحيداً بين معابر هذا الضّوء لجُبّ الأحوال لقُبّتها يهتف يا أنت سحابتي الزّرقاء تكونُ له سرّ الكلمات وترافقنا منّا اقتربت جهةٌ نتوحّدُ في ترنيمةِ عُزلتها لونٌ يحتملُ التّكوينَ رميتُ الصّوتَ كريماً ها هو يوقظُ سوسنةً لم يكترثوا لمداهُ لهُ أنحاءٌ منتصراتٌ كان صديقاً للدّهشةِ يلهُو أجمل ما يلهو ببدايات الطّرقاتِ لماذا في الهمساتِ اكتملوا تلك النّخلةُ أوّلُ من علّمهُ أشياء غوايته أوصاهُ بحوض ظلالٍ مُرتجفاتْ كان بطيئاً مرتبكاً يسعى ويخاطب كان إليها منحدراً ومسافته تتعهّد حيرتَهُ قادتهُ طفولةُ نهرٍ حين أحبّ أواني الفخّار الزّليجَ الزرابي مسكَ اللّيلِ الوشمَ بقايا النّغمةِ والنّجماتْ لم يجعلْ من أطيافِ الشّرقِ مكاناً لم يخلُقْ من شمسِ الشرقِ كتاباً كان الفجع لأقسمتُ بماء سَبُو جهتي أنقاضٌ هائمةٌ يرمونَ حنين الطّفلِ بأحجار تمائمهم وحنيناً صاحبَ أقواساً خشباً شُبّاكاً ترتيلاً نقشاً حرّض أنساماً هُنّ لهُ نقراتْ أو كنّ له غصنين سيركبُ ليلتهُ حتّى يلقاهُ ضجيج البئر تمهّلْ يا منْ أهديتَ قرنفلةَ الأسفارِ إلى خطّ سيصير خطوطاً معجبةً بمتاهِ نُخيلاتٍ ضمّته إلى أفياءِ وداعتها سمّوهُ بما شاؤوا من يأسٍ أو أشباحٍ فاجتمعت في الكفّ بِحارُ الكونِ سيدخل صرختها ينشدُ ملحونَ الجمرة فالجمرةِ هل من لطخاتِ نزيفٍ هادئةٍ يتشكّلُ حتّى يلمَسَها متوسّدةً بوّابةَ وحدتها في البرد تموت يتقدّم في أصداء النّهر ولا أعماق لغير دمي طفلٌ في غرفته يهجُرُ تاريخ بلادٍ يهجُرُ مأتم أضرحةٍ وبيوتْ وصديقي الأزرق يكشفُ لي عن نارِ سريرته شطحاتٍ راسخةً في الشّوقِ لماذا تَنزفُ تلك برودتها اختبأت في خُرصانِ الغُرفُ السّفليّةِ لا النّسيانُ يهدّدها لنهارِ الشّعرِ يفكّكُ دائرةَ الأحراشِ اللّيلةِ يبغتُ هذا الطّفل الشّرقيّ على عتباتِ الدّبّاغين العطّارين هنالك أرصدُ منخطفاً باب المحروقِ وذاك نعمْ سيّدي التوشيحَ نسيتُ على لوح الصّلصال التقينا ذات مساءٍ في أعضائي كان لوشوشةٍ مترقّبةٍ يقرأ ما لا يفهم واقرأ ما لا يفهم خاطبْ عصيانَ قرنفلةٍ جسمي ممسوسٌ ينخسفُ ستسافرُ عينُكَ بين شُقوقِ الأنهارِ يُعاشركَ الملكوت كتفاهُ على أعشابِ حصير ترتخيان وتجلّلهُ أشجارُ الماءِ كلاماً أملس في منخفضاتِ الجمرةِ ينكشفُ من أجلِ اللّيلِ صَمُوت 2 وأقولُ أنا أنتُم يعلُوني موّالٌ من سهلِ الشّاويةِ اليومَ انحبستْ أضواءُ الحُلمِ ترامت وانبسطت هَيْلي يَوَى اختطفوا جسمي عُضواً عضوا ورمونا في دهليز سرّيٍّ لم ينطق باسمِهِ إنسٌ أو جانٌ ما جاء كتابٌ أخرسُ في الوطن العربيّ بغير قبابٍ أو صلواتٍ خاشعةٍ تنحلُّ على أحباب الحقِّ مشانقَ رأسٍ حجْمُ مسافِتِه النّاسُ الفُقراءُ تعالوا يا أحبابُ هُنا العينُ اتّسعت حتّى ضاقت عنها سعة الجسمِ المجموع المُفرد وانتشروا في النّهرِ يكونُ لكُم مأوىً لا مأوىً غيرُ هبوبٍ يأتلفُ 3 يهيّئ يومَهُ لرصاصةٍ ورصاصةٍ جمعٌ رصاصٌ هل يُصالحُ موتَهُ هبّت على شفتيه لفحةُ قبرها من فأس كانت حُلكةُ البارودِ تبدأ كلّ ساريةٍ تُعايِنُ هدْمَها بيروتُ تُعلِنُ عن مداهُ ويكتفي بالعين لا خبر الحُروف تسلّلتْ بعضاً إلى بعضٍ ولم يبلغ بعيداً كان يسألُهُ تفضّل يا خراب الشّرقِ أنت ولايتي من قال سقفُ الدّمع يأوينا كعادته اقتفى وجهاً يصدّق ما رآه ولا يراه محا الطّرائقَ وانتشى لم يسترح جمعته أعيادُ الخُطُوطِ بلعبةٍ من أين يبدأها يباركُ رعدَهُ هذا البياضُ لهُ وذاك الخوفُ يسمعُهُ وبينهما حجابُ الضّجّةِ الأولى تيقّنَ أنّ خطوتَهُ السّؤال ونخلةٌ جاءت تباغتُهُ بياضُكَ طلسمٌ ولك الفراغ 4 هذا زمني وأرابِطُ في أنساغِ يقيني ينفُرُ منّي الصّمتْ وتبقى حُنجرتي حمّالةَ هذا الصوت المسلول الصّافي الموسومِ بماء الورد 5 في الجهة الأخرى صلصلةٌ ماذا يقرأ هذا الميّت في حفرتهِ تتدلّى الحُفرةُ من هذا الميّت لا تسأل علّقنا سبباً وقتلناهم لن يحتفل الموتُ بغير الموتِ تقدّم حتّى ينشطر الماءُ البنّيُّ فتسكن ريح صباحك إن الحضرة بين سبُو ومساء أعزل في بردى تتأجّج حمّلْ أرضك بالأضواء تهبّ على ليلتك الذّكرى جسدٌ يتصدّعُ في صحراء الخشيةِ حين يؤالفُ بين العيد وبين الموتِ يمجّدُ ماء الهتك ولا نومَ تثقّبُ رائحة الخشخاشِ تُحصّنُ عينك تنسى أن تتوارى في المتوحّد صدّقني هل خطّت أو رصدتْ أعماقُك شيئاً من عشقٍ وسهاد بيروتُ لها أطفالٌ يلتقطونَ حصىً أعضاءً مقطعَ أغنيةٍ ساحةَ نومٍ تعتيمَ رماد يرنونَ إلى ما يشبه عاصفةً فيلاحقني موتٌ يسقُطُ بعضي حنّتْ لي عائلةُ الصّرخاتِ يداك بماء النّيل تُعيدان إليّ نشيدَ الضّوء وهذا النّخلُ صديقُ الدّهشةِ يقترب كنّا نجلسُ في نفسِ الشّرفةِ نشربُ نفس الشاي تهامسنا زرقةُ حقلٍ كانت تجري بين الأطفال دعوتُ النّهر إلى حُلمي ونساءٌ هُنَ على صوتي غبشٌ وسحائبُ حنّاء سلّمتُ صداي لُعشبِ سَبُو 6 هُو ذا جسمي احتضانٌ للمنافي خِطَطُ التّدوين ضاعت والإشاراتُ التي خلّفتها بين البياض انسحبت خلف سماءٍ لن تراني يتهجّى دَمَهُم بين نخيل ودخانِ ردّدوا الصّمت عليه عيّنوا الجُرح وقولوا أين يُخفي الدّمعُ عنّا جثثاً يحتشدُ الشّرقُ على دفّةِ صحراء على سارية القتل سلوني عن هبوبٍ ينشدُ الغيم أغانينا استعادت هدمَهَا والكلماتُ احترقت بين يديه
محمد بنيـس شاعر مغربي، من أهم شعراء الحداثة في العالم العربي. ولد سنة 1948 في مدينة فاس، حيث تابع دراسته الجامعية في كلية الآداب، ثم دراسته العليا في كلية الآداب ...