بِالْوَحْلِ نَكْتُبُ هَذِهِ الْأَيَّامَ
مَا زَالَ الْفَرَاشُ يَنَامُ مُتَّكِئًا عَلَى مِصْبَاحِنَا الزَّيْتِيِّ
وَالْجُدْرَانُ مُثْقَلَةٌ بِبَعْضِ هُمُومِنَا.
الْحَرْفُ مُخْتَلِفٌ،
رَأَيْنَا حَرْفَنَا الْكُوفِيَّ أَكْثَرَ مِنْ جَبَانٍ
يَنْزَوِي لَيْلًا وَيَصْحُو
كَي يَعُودَ إِلَى ظَلَامِ اللَّيْلِ تَحْرُسُهُ الْكِلَابُ.
لَا نَهْرَ يَجْفِلُ فِي مَدَارِ حُقُولِنَا
لَا غُصْنَ يَهْبِطُ مِنْ سَمَاوَاتِ الْخَلِيقَةِ
إِذْ تُفَاجِئُهُ الْقِرَاءَةُ وَالْحِسَابُ.
فِي السِّرِّ تَسْأَلُنَا الشَّوَارِعُ مَنْ نَكُونُ
فَنَسْتَوِي مِلْحًا وَلَيْمُونًا فَتَذْكُرُنَا
وَلَكِنْ هَلْ نُجِيبُ وَلَا نُجَابُ؟
مُنْتَظِرًا طُلُوعَ الشَّمْسِ فِي أَبْرَاجِهَا الْعُلْيَا
تَوَقَّفَ كَيْ يَرَى بَغْدَادَ.
أَصْغَى...
لَمْ يَكُنْ فِي سَاحَةِ التَّحْرِيرِ صَوْتٌ
غَيْرَ حَشْرَجَةٍ، تَأوَّلَهَا صُرَاخًا.
الْمَعَابِدُ، لُعْبَةُ الرُّوحِ الْأَخِيرَةُ
أُغْلِقَتْ بِالْقَارِ وَالْحِنَّاءِ.
وَالْحَارَاتُ غَارِقَةٌ بِمَوْتٍ فِي غُبَارِ الطَّلْعِ.
لَكِنْ مَا تَكُونُ قَوَاطِعُ الْأَسْمَنْتِ مَا فَوْقَ السُّطُوحِ؟
وَمَنْ يَكُونُ الْحَارِسُ اللَّيْلِيُّ فِي أَقْصَى الْمَدِينَةِ،
بَاهِتًا يَمْتَدُّ نَحْوَ الْبُقْعَةِ الْخَضْرَاءِ؟
بَغْدَادُ ارْتَدَتْ يَا لَلنُّجُومِ– ظِلَالَهَا
وَرَمَتْ خَوَاتِمَهَا الْقَدِيمَةَ وَالْجَوَارِبَ وَالْحُلِيَّ
وَمَشَّطَتْ فِي السِّرِّ غَابَاتِ النَّخِيلِ
وَشَعْرَهَا الْمَجْبُولَ مِنْ لَيْلِ الْغِيَابِ.
بَغْدَادُ أَسْدَلَتِ الْغَمَامَ عَلَى نَوَافِذِهَا
ثُمَّ اسْتَعَادَتْ مِشْطَهَا الْعَاجَ الْمُرَصَّعَ بِالنَّدَى،
وَالنَّارُ أَغْلَقَتِ الشَّبَابِيكَ الْقَدِيمَةَ.
وَحْدَهُ قَنَّاصُ بَغْدَادَ ارْتَدَى وَجْهَ الْعِرَاقِيِّينَ
قَبْلَ مَتَاهَةِ الطُّوفَانِ
أَسْلَمَ رُوحَهُ لِلشَّاطِئِ الشَّرْقِيِّ..
وَالطَّلَقَاتُ نَحْوُ النَّائِمِينَ عَلَى ظِلَالِ صُدُورِنَا.
2 تِشْرِينِ الثَّانِي 2006
24
قصيدة