برز البدر في السماء طلوعا يتهادى والليل جاء سريعا قلت والعين لا تودّ الهجوعا أَوْحِ يا بدر منكَ لي موضوعا إن فيك المعانَي الشعريّه وتطلعتُ والنجوم السوافرْ في ظلام الدجى زواهٍ زواهرْ شفّها السهد فهي مثلي سواهر ساكنات بلا حراكٍ حوائرْ كسكون الأجسام بعد المنّيه غرر في سمائها تتعالى زادها البدر رونقاً وكمالا منظر يملأ العيونَ جلالا صاغ ربي له أمامي مثالا بوجوه الزوّار هذي العشيه كل هذي المظاهرِ الغرّاء وانفرادي ووحشة الظلماءِ وسكون الدجى ولطف الهواءِ وولوعي بالشعر والشعراء هاج فيّ الخواطر الوهميّهْ خلت أني على فراش المماتِ وحياتي تُعَدّ بالساعاتِ ربّ رحماك فاستمع كلماتي ابن عشرين في ربيع الحياة كيف تذوي زهورُ عمري النديّهْ أسفاً كيف عوجِلَت أيامي بانصرامٍ وزهرُ عمريَ نامِ يا زمان الصباء عهد السلام لكَ مني تحيّتي وسلامي أينَ كانت حياتي الأبديه يا زمانَ الشبابِ هل أَنت ذاكرْ عهدَنا بالصفاء والعيشُ ناضر قصفَ الموتُ عصنَ عمرِي الزاهرْ وتولت تلك الليالي السوافر كجمالِ الحرية الأبديه يا شبابي غداً سأثوِي القَبرا فستبكي أمّي بكاءً مرّا ويخطّ الوفا على الرمس سطرا رحم الله كل من قال شعرا في ربوع الإسلام والجاهليّه كلماتِ الوداع قبل مماتي اكتبيها يا أمّ بالعبرات واندبيني بهذه الكلماتِ ولدِي ماتَ في ربيع الحياةِ ثم ضاعت بموته الحرّيّه أنتِ غذّيتِني بخير المبادي أنتِ مهَّدت لي طريقَ السّداد أنتِ يا أمّ قبل يومِِ الرشادِِ كنتِ توصينني بحقّ بلادي وأنا قد حفِظت هذي الوصيه عشتُ يا امّ كل هذا الزمانِِ خائفَ اللهِ طائعَ السلطانِ إن تشُقّي صدري تَرَي في جَناني أنَّ حب الأوطانِ من إيماني وهو عنوانُ طاعتي الوالِديَّه فاسمعي قبل أن أموتَ مقالي ودُعائي للهِ ربّ الجلالِ ليت أنّي يا أمّ قبلَ انتقالي لِترابي تحقَّقت آمالي فألاقي كأسَ المماتِ شهيّه قدّر اللهُ أن أموت كئيبا من أَمانيَّ لا أنالُ نصيبا يا إلهي أدعوكَ كُنْ لي مُجِيبا واطفِ طيَّ الضلوعِ مِنّي لَهيبا قد براني فصِرتُ في الوهميّه رحمةً قبلما يُرَدُّ ترابي فيوارَى جِسمي ويَبلى شَبابي باسمِ عيسى وأحمدٍ والصحابِ بحياة الإنجيلِ باسم الكتابِ يا إلهَ السماء صُن سوريه يا بلادي أدعوكِ قبل هلاكي فاستجيبي دُعا أسيفٍ باكِ زوّديني للقبرِ كلَّ رضاكِ فعظامي تهتزّ من ذِكراكِ وتنادي يا ربّ صُن سوريّه يا بلادي نَعشي غداَِ سيسيرُ فتغطيهِ من رُباك الزهورُ ومتى حثَّ بي لِقبري المَسيرُ فلنعشي على الأكفّ صريرُ كلُّ معناه ربّ صن سوريه يا بلادي غداً بقبريَ أُمسي فازرعي السَّرو في جوانب رمسي كالعصافير باكراً فوقَ رأسي تَتَغنَّى في كلّ صبحٍ نَفْسي وتُنادي يا ربّ صُن سوريّه يا بلادي إن جئتُ أهلَ النعيمِ مَعَ عيسى وأحمدٍ والكليمِ وتراءى لي وجهُ ربي الكريمِ فسأحيا هناكَ بالتعظيمِ وصفاتي تظل عثمانيه يا بلادي وإِن أتيتُ جَهَنّم ورأيتُ النيرانَ حَوْلَي تُضرَمْ وأمامي إبليسُ حالاً تقدَّمْ والشياطينُ خلفَه تتبسّم فصفاتي تظل عثمانّيه يا بلادي تمنّياتي الأَخيره أن تكون العلومُ فيكِ منيره إن تظلّي للاتّحادِِ أسيره ن تعيشي بكل نفسٍ كبيره أن تميتي فيك النفوسَ الدنّيه أن يعمَّ التمدُّنُ الفعليُّ أن يجازَى ويُكرَمَ السوريُّ أن يزول التعصّبُ الدينيُّ أن يعيشَ التعاوُن الأخويُّ أن تسود الحريةُ الأدبيَّه أن يحب السوريُّ فيكِ الإقامه أن تُرِيْهِ في وجنةِ الدَّهر شامَهْ أن تحفَّ المهاجرين السلامَه أن يعودوا يَلقَون فيكِ الكرامه تحت ظل البيارق التركيَّه أن يلوحَ الضيا وليسَ يغيبُ أن يُرامَ النجاحُ والتأديبُ أن يسود السدادُ والترتيبُ أن يعمَّ التعليمُ والتهذيب أن تُرَقَّى فتاتُك الشرقيّه أن تُرَقّى نساؤنا والرجالُ أن يفوزَ الهدى ويُمحَى الضلالُ أن تؤاخى الأقوال والأفعالُ أن تجازَى وتنجَحَ الأعمالُ أن تعانَ المقاصدُ الخيريّه أني يكونَّ الغنيُّ عونَ الفقيرِ أن يراعِيْ الكبيُر حقَّ الصغيرِ أن يظلَّ الشرقيُّ حُرَّ الضمير أن يَرى الحقَّ في جميعِ الأمور طاهرَ الذيل مخلِصاً في النّيه أن يكافي المولى بني الأفضالِ أن يُقوّي كلَّ امرئِ ذي كمال أن يعينَ الضعيفَ في كل حالِ أن أراه متمماً آمالي أن يجازي بالخير ذي الجمعيّه يا بلادي قولي لأمّيَ بعدي إنني متّ حافظاً كلَّ عهدي إنما لم يُتمَّ ربّيَ سعدي فأرى موطِني يعيش برغدِ فتتمَ العنايةُ العلويّه يا بلادي هذا الذي عَلمَتْني في سريري أُمّي وما لقَّنْتني معْ حليبي هواكِ قد أرضعتني فبوسطِ التابوت إن أضجعتني وأريها شعائر الودّيّه يا بلادي روحي تكادُ تطيرُ وعيوني عنها تولّى النور إنّ صحبي غداً بنعشي تسير يا حنيني لهم وشوقي الكثير يا نجوماً في القبة الفَلَكيّه يا بلادي في وحشتي وظلامي ليس إلا ذكراكِ أُنسُ عظامي ودّعيني فالموتُ لاَح أَمامي واسمعيني أقولُ قبل الختامِِ لهيامي في عالم الأبدّيه يا بلادي لا زلتِ ذاتَ سعودِِ وهناءٍ محضٍ وعيشٍ رغيدِ وليظلَّ الدُّعاء بكل نشيدِ دام سلطاننا رفيعَ البنودِ تترقى في عصره الكلّيَّه
أمين بن سعيد بن محمود بن حسين تقي الدين محام وصحفي وشاعر وکاتب لبناني ولد سنة 1884م،
من أهل بعقلين بقضاء الشوف، تعلم ببيروت، وأقام زمناً بمصر فأنشأ فيها مجلة ...