قَدْ شَاخَ شَوْقِي
وَمَضَتْ تُعَانِقُ بَعْضَهَا أَزْهَارُ وَقْتِي، كُلَّمَا أَدْنَيْتُهَا انْتَبَذَتْ زَمَانَاً مِثْلَمَا الزَّبَدِ الكَثِيْفِ عَلَى الشِّفَاهِ.
أَغْمَضْتُ جَفْنِي عَلَّنِي أُقْصِي مُرُوْرَ الوَقْتِ أَوْ تَأْتِيْنَ عَبْرَ الحُلْمِ حَيْثُ صَحَارَى قَلْبِي تَجْتَبِي مِنْ وَحْيِ عَيْنَيْكِ النُّبُوْءَةَ... وَانْقَضَى عِشْقٌ وَغَادَرَ مَوْسِمُ المَطَرِ المُبَشِّرِ بِالعَطَاءِ الخَصْبِ أَعْشَاشَ الطُيُوْر، وَبَقِيْتُ أَنْتَظِرُ العُرُوْجَ إِلَيْكِ، أَوْ يُلْقَى بِقَلْبِي بَعْضُ سِحْرٍ مِنْ عُلَاك...
وَذَاتَ حَرْفٍ ضَاعَ فِيْ وَسَطِ العِبَارَاتِ المُمِلَّةِ لَاحَ طَيْفُكِ. قَادِمَاً كَالفَجْرِ تَحْرُسُهُ النُّجُومُ السَّاهِرَاتْ، وَرَأَيْتُ أَنَّكِ تَعْبُرِيْنَ اللَّيْلَ مِنْ نَجْمٍ إِلَى نَجْمٍ فَتَرْتَعِشُ الأَمَاكِنُ.... يُزْهِرُ الإِحْسَاسُ زِنْبَقَةً، وَيَخْضَرُّ الشُّعُوْر.
مَازِلْتُ أَسْمَعُ خَفْقَ قَلْبِكِ مِثْلمَا جَرَسٍ يَدُقُّ بِمَعْبَدِ الحُبِّ العَتِيْقِ!!
أَوَتَذْكُرِيْن!
وَكَأَنَّهُ مَا زَالَ يَقْرَعُ فِي فَضَاءَاتِ المَجَرَّةِ. كُلَّمَا ارْتَعَشَتْ عَلَى عَجَلٍ شِفَاهٌ عَاثَهَا شَوْقٌ وَغَشَّاهَا حَنِيْنُ العَاشِقِيْن.
أَمَا تَأَخَرْتِ قَلِيْلاً...!!
بَاتَتِ الأَشْيَاءُ مِنْ حَوْلِي تُسَائِلِ بَعْضَهَا بَعْضَاً عَلَى وَجَلٍ شَفِيْفٍ، ثُمَّ تَهْمِسُ بَيْنَ نَبْضَةِ وَاجِفٍ وَرَفِيْفِ صَدرٍ لاهِفٍ:
وَاحَسْرَتَاهُ !! عَذْبُ هَذَا العُمْرِ ضَاعَ رَحِيْقُهُ هَدْرَاً، وَأَرْصِفَةُ المَشَاعِرِ فِيْ انْتِظَارِكِ فَامْنَحِيْها بَعْضَ ضَجَّةْ.
رُبَّمَا الوَقْتُ أَضَلَّ دَلِيْلَ دَرْبِكِ عَنْ مَكَانِي... رُبَّمَا قَدْ عَتَّقَ الآلامَ فِيْ زِقِّ انْتِظَارِكِ... زَجَّنِي فِيْ سِجْنِ نَأْيِكِ أَرْقبُ الَّلحَظَاتِ تُشْعِرُنُي بِأنَّهَا غَيْرُ قَادِرَةٍ عَلَى فَرَحٍ، ويُجْبِرُنِي بِصُحْبَتِهَا الغِيَاب.
قَدْ شَاخَ شَوْقِي فَوْقَ مِنْسَأةِ التَّنَائِي، وَسَرَى فِيْ الظِّلِّ ظِلُّكِ، وَانْبَرَى فِي وَهْجِ وَجْهِكِ إِذْ تَجَلّيْتِ انْذِهَالِي.
لَحْظَةً أَوْ لَحْظَتِيْن!!
أَرْفِقِي..
هَذَا التَّجْلِّي مُفْرِطٌ فِيْ قَهْرِهِ... يَجْتَاحُنِي وَيَهُزُّ أَوْرِدَتِي المُزَرْكَشَة َ بِأَزْهَارِ انْتِظَارِكِ. كُلَّمَا اسْتَجْدَيْتُ بَعْضَاً مِنْ ثَبَاتِي فِيْ مَقَامِكِ دَوَّخَتْنِي نَظْرَةٌ مِنْ طَرْفِ عَيْنَيْكِ وَضَلَّلَتِ المَعَانِي.
هَذَا التَّجَلِّي قَاتِلٌ فِيْ صَمْتِهِ، وَلَهُ بِنَفْسِ اللَّحْظَةِ السَّكْرَى انْبِعَاثٌ لِلحَيَاةِ بِخَافِقٍ قَدْ كَانَ أَوْهَتْهُ خُفَيْقَاتُ انْتِظَارِكِ، فَانْبَرَى يَحْدُوْهُ طَيْفُكِ يَنْثُرُ الأَلْوَانَ فِيْ قَوْسِ الحَيَاة.
هَذَا التَّجَلِّي بَاذِخٌ فِيْ سِحْرِهِ. قَدْ بَدَّدَتْ أَنْوَارُهُ جَسَدَ العِبَارَاتِ المُهلِّلَةِ وَنَاثَرَتِ الحُرُوْف، وَكَأنَّنِي أَرْنُوْ إِليَهَا تَمْتَطِي مَوْجَ التَوَسُّلِ غَيْرَ قَادِرَةٍ عَلَى تَجْمِيْعِ أَوْصَالِ العِبَارَةِ فِيْ اللِّقَاء.
حَبِيْبَتِي!!
لا شَيءَ يَعْدِلُ فِيْ حُضُوْرِكِ أَيَّ جِزْءٍ مِنْ بَهَاءِ الطَلَّةِ السَكْرَى لِأقْتَلِ مُقْلَتَيْنْ. تَتَنَاهَبَانِ بِرَفَّةِ الهُدْبِ المُخَادِعِ لِلْبَرَاءَةِ كُلَّ أَسْلِحَتِي فَأُنْثَرُ فِي العَراءْ،
وَيَمرُّ دَهْرٌ وَأَنَا وَالقَلْبُ مَا زِلْنَا عَلَى جَمْرِ التَلاقِي، تَخْلُقُ الأَشْوَاقُ فِيْنَا طَيْفَ إِحْسَاسٍ بِأنَّكِ سَوْفَ تَأْتِيْنَ، وَقَلْبِي سَوْفَ يُغْرِقُهُ الهَيَام.
117
قصيدة