أريدُ الشعرَ في كأسٍ .
دعوني الآنَ فوق موائدِ الإنصاتِ ،
إنّـي جائعٌ ..
طَمَسَتْ
شجونُ المارةِ الفارينَ من تيهِ الهدى آذانيَ الغضّةْ ..
ثقوبٌ في الهواءِ تلوذُ ديدانُ الصخورِ بها ،
فقد سَئِمَتْ من الأرضِ المريضةِ ..
يرتدى الأحياءُ ما لا ينتهى من غامضٍ ..
طينُ السماءِ الأزرق العالي
تغيّـرَ لونُهُ البرّاقُ في عيني ..
حساءٌ من دمٍ للنهر كي يشربْ ..
وسمفونيّـةٌ للروحِ من سوطٍ
ومن فحوى رصاصِ الفكرِ كي تطربْ ..
دعوني الآنَ فوقَ غرائزِ الإكمالِ
كي أصرخْ ..
• ذبولٌ سيّـدى يقتاتُ من جسدِكْ ..
أريدُ الشعرَ في كأسٍ ..
أبٌ ، أمٌّ ، وأبناءٌ ..
أبٌ صَقلتْ تراتيلُ البلى أعضاءَه الحبلى بسوسِ الخوفِ ،
من صفعِ الهزائم قد تداولت المصائبُ غيمةَ الترحالِ ،
لكن لم يزلْ يحيا ،
بصمتٍ سرّعتْ تدوينةُ الإجهاضِ في أطوارِ موتِ الفكرِ ،
حبّاً لم يزلْ يكتبْ ،
وخوفاً لم يزلْ يشطبْ ،
وعندَ الصبحِ يبلعُ شقُّ حائطِ بيتِهِ الورقةْ ،
تفيقُ عيونُ زوجتهِ التي دوماً هي القَلِقَةْ .
هِيَ الأمّ التي كانتْ وكانتْ ،
يصبغُ الآنَ التهافتُ وردَها بالأسود القاتمْ ،
تعادى نفسَها دوماً ،
تلوذُ لحضنِ أبناءٍ إذا غطّى سماءَ العطفِ أدرعُ قوةٍ ،
وتلوذُ للزوجِ الحنونِ مَحَبّةً لمّا تحيطُ بها قشورُ الضعفِ ،
لا زالتْ هِيَ الأنثى ،
وأبناءٌ تطوّحُ موجةُ المعنى عقولَهم البريئة
حيثُ لا تصرخْ ، ولا ترضخْ ..
• ذبولٌ سيدى ينسابُ في بدنكْ ..
أريدُ الشعر في كأسٍ..
توارى الجرحُ من هدأتْهما ،
فاختارَ أن يبعدْ ..
فتىً تشتاقُ ريحُ الأرضِ
أن تندسَ في أكنافهِ وتمرّغ النسمات فيهِ ..
ينثرُ الأشواق في طربٍ ،يذيبُ الخوف في شجنٍ..
وعاشقةٌ كما المصباح في ثوب الظلامِ ،
فكان من " حوّاءَ " فيها أغلب القسماتِ ،
لم نرَ أمّنا الأولى أبى ،
لكنْ يخلّق حبُّـنا للآخر الآتي
ثقوباً في جدارِ الوقتِ كي عشقاً نرى حواءَ ..
صدْقُ الوقتِ كان هو الخطيئةُ ،
لم نكن نحن القضاةُ لكي نصيح كما العجائز
" هم على حقٍّ " ،
" شرورٌ يا حبيبتيَ الجميلة ترجمُ الأيامَ
إني خائف
• ذبولٌ سيّدى يغوى ضيا قلبكْ
أريدُ الشعر في كأسٍ ..
صديقي البرجوازيْ ،
صاحبي الشاعرْ ،
وهذا العامل الكادحْ ،
وهذا الكاتب الناجحْ ،
وهذا ، هؤلاءِ ، وهنَّ أصحابي ،
ظلالٌ رخوةٌ تنساب في ثوبٍ حوى المطلقْ..
ترسّبُ فكرةٍ هجرت مجاز الظلّ ،
قد كنا صغاراً لم نكنْ ندرى بحار الغدْ ،
أخذْنا بعضَ بعضٍ من سهام الصبرِ ،
باغتَ قاتمُ الألوانِ رحلتنا ،
فسرنا حيث عنقاء الغروبِ
تقيمُ عشّ الخوفِ ،
حيث تظلّنا صحراء من عجزٍ ،
ولم نعلمْ لهذا الدرب من نجمةْ ،
وفي الفلواتِ ،
في الخطوات
لا زلنا..............
• ذبولٌ سيدى يندسّ فينا بكْ ..
أريد الشعر في كأسٍ ..
لكم يهوى الثرى
أن يحضن الفأس الحنون فقطْ
وأن ينعى زيادات النعاس
على قبور الفائت البالي ..
لقد أكل الخمولُ
بقيّـةَ الأطرافِ .
لم ندركْ هوامش حظّنا
فالأرضُ قد سلبت ،
فأين نسيرُ ؟! أين نكونُ ؟!
والأبواب عند مدينة اللاشيءِ ترفضنا ،
وظلُّ الكهف عند الخسفِ يرفضنا ،
ودود الأرض عند الموتِ يرفضنا ،
وسهمُ الموتِ يرفضنا ،
وماضينا وحاضرنا وآتينا ،
فكلّ الرفض يرفضنا ،
وحضن الجدبِ يقبلنا
• ذبول سيدى ينهالُ في وردكْ ..
أريد الشعر في كأسٍ ..
صدىً يبتاع صوتاً ،
يترك الألغاز
فوق غرابة المعنى ،
فتشتاط العقولُ
كصفحةٍ لعب اللهيب بها ،
فيستجدى الصدى الشيطانَ
كي نُلقى ولا نرقى
ونفنى في سذاجةِ لمعةِ الصورةْ ..
يشيبُ الآنَ صدقُ الوقتِ
عند إضاءةِ التلفازِ ،
عند صحيفةِ الإنجازِ
لمّا ترتدى الصفحات كذْبةَ
"ثورةٌ تمّتْ" ،
لهم كذبٌ على نهر الصراحةِ والمياهُ تجفْ ،
لهم صوتٌ بلا أمنٍ ،
نَعِيبُ البومِ فوق سحائب الإفسادِ ،
صوتٌ بالممات يفحْ ..
• ذبول سيدى يزداد في صوتكْ..
أريدُ الشعر في كأسٍ ..
فقد شقّتْ تضاريس الظلام
بخسفها أبدانَنا سبلاً ،
وكنا مثل سوطٍ يضرب الأفكار كي تفنى ،
فماتت شهقةُ الآتي على خد الطريقِ هنا ،
نمت أشواكُ خوفٍ في ندى أحشائنا
وعظامنا ورفاتنا ،
لم ندرك الآتي ولكن أدركتْ صرخاتُـنا حدَّ الفراغِ ،
وأضحت الصلوات للأسواطِ لا للربْ ،
سرى الإنشادُ نحو مماتهِ صفاً يليهِ الصفْ ..
بخوفٍ قد يشكُّ الماءُ في حتميّةِ الإنباتِ
فالإنسانُ والصلصالُ قد رُجما بقلبٍ جفْ ،
يقول العقلُ " نبنى السور كي نُحمى
وليس ليمنع الأنوارَ عن من عفّْ " ،
فما بال الظلام
كشقِ كفٍ
لا يفارق كفْ ؟!
• ذبولٌ سيدى يشتدُّ في زندك ..
أريد الشعرَ في كأسٍ..
هنا يا " ماعت " المُثلى
تصدّعت السما
من نبلةٍ
تَهْوَى سقوطَ الطيرِ إجبارا ،
ومن نجماتِ كِبرٍ
فوق صدرِ الشرَّ
تسقي نبتةَ الإجهاضَ أنهارا ،
تفسّرُ ظلمةُ الأنوارِ رحْلتَـنا ،
فهل أيضاً يخافُ النورُ ؟! ،
هلْ
صَرَعَ الظَلامُ
بمحنة الإنسانِ
في الأنوارِ أنوارا ؟!
• ذبولٌ سيّـدى يجتثُّ أنواركْ ..
أريد الشعر في كأسٍ..
يموت الحبرُ
فوق رؤوس أقلامي ،
عصيُّ الخيزرانِ مدينةُ الموتى
تخاف طفولة الأوراقِ من وهمٍ ،
صحائفُ من ضمورِ النور
تحشو العقلَ ،
خفّاشٌ يعلّمنا سطور الدمْ ،
وأن ننسى المشاعر
فوق شمّاعاتِ ملبسنا
ونُعلى الكَمْ ،
أيا ربّى
"هب الأشجار مقدرة الهروبِ ،
لأجلِّ لا شيءٍ يبيدون الجذوعَ ،
جهالةٌ فوقِ الجباهِ تَعُمْ ..
• ذبولٌ سيّـدى يشتاطُ من صحفكْ..
أريد الشعر في كأسٍ..
أخيطُ مشاهدي
من نقمةٍ ، سخطٍ ، وغيظ القلبِ ،
لم أدركْ رخاءً فوق مسرحِ رحلتي ،
كانت هي المأساةُ دوما تنثر الإفراط
في كلّ الرؤى ،
كل المسارح ترفض المأساةَ ،
والملهاةُ يعلو أمرها ،
آهٍ وآهٍ من نشيدي
بالنوى أضحى يعذّبني ،
صديقي الشاعر الثائرْ ،
صديقي الشاعر المصلحْ ،
نبوءتنا هيَ الحرفُ الغريبِ ،
فننزف الألحانَ
في صحراء خلقٍ لم يروا ماءَ الحياةِ ،
ولم تُقم فيهم صنوف الحرفِ
أيّ منارةٍ ترشدْ
• حروفٌ صاحبي أضحت تنادى بكْ ..
أريد الشعر في كأسٍ
وفى الأنهار ،
في الأحبار ،
في حرف البقاءِ على لسان الوحيِّ ،
في صوت السماء على شجون الرعدِ ،
في كلّ الجميلِ أريد أشعاراً
- الاسم : علي أحمد خليفة السيد
اللقب : علي الجمّال
شاعر وكاتب مسرحي ومترجم
- المهنة : معلم للغة الإنجليزية بمدارس 30 يونيو
- الجنسية : مصري
- تاريخ الميلاد : 7-6-1993
- العنوان : جمهو