عدد الابيات : 64

طباعة

لَا تبكِ أطْلالَ قَوْمٍ قَزَّمُوا الشُعَرَا

وَيَرْفَعُونَ كَذُوبًا بينَهُمْ ظَهَرَا

يُبْدُونَ عِلْمًا غزِيرًا في مجامِعِهِمْ

وَأعلَمُ الناسِ مِنهُمْ شابَهَ البقرَا

تَرَاهُمُ زُمَرًا لا شيءَ يجمَعُهُمْ

 وَزُمرَةٌ مِنْهُمُ مَا وافَقَتْ زُمَرَا

كلٌّ يرَى نفْسَهُ معشُوقَ أُمَّتِهِ

وَعيْنُهُ عَيْنُ خُلْدٍ لَمْ تُجِدْ نَظَرَا

أفواهُهُمْ خُلِقَتْ للمضْغِ سيِّدُهُمْ

مَنْ حينَ أكْلٍ علَى أقرانِهِ انتَصَرَا

كلامُهُمْ كلُّهُ فخرٌ وَمفخَرَةٌ

والفخر بينهمُ بالفَخرِ ما افتخَرَا

تعلُوهُمُ غيمَةٌ لا ماء يسكُنُهَا

و ليسَ تعطيهُمُ منْ شُحِّهِمْ مطَرَا

وَ كيفَ يرحَمُ غيْمٌ جَمعَ أخيِلَةٍ

 مَا شابَهَتْ أبَدًا فِي طَبْعِهَا البَشَرَا

آذانُهُمْ بينَ كلِّ الناسِ قدْ وُضِعَتْ

لعَلَّهَا تستقِي في خِفْيَةٍ خَبَرَا

سِهامُ أعيُنِهِمْ تُرْدِي مُقَابِلَهَا

كأنهَا لَهَبٌ فِي الصَّدْرِ وَاستَعَرَا

أقوَالُهُمْ جُلُّهَا: كَمْ؟ كيفَ؟ هاتِ! وَهَلْ؟

أَغْنَاهُمُ بسُؤالٍ دَثَّرَ الفُقَرَا

لا منحَ يُرضِيهُمُ فَالبَلْعُ مِلَّتُهُمْ

وَالجُحدُ دَيْدَنُهُمْ وَالكُلُّ مَا شكَرَا

لَا تمنَحِ القَوْمَ قدْرًا فاقَ قدْرَهُمُ

فالقدْرُ في غيرِ أهلِ القَدْرِ مَا كبرَا

مهمَا رفَعْتَ ترَ المرفُوعَ منكَسِرًا

وَفاعلٌ بينَهُمْ في جمعِهِمْ صَغرَا

لا خِلَّ فِي دُورِهِمْ فالحُبُّ مصلَحَةٌ

مَا فازَ بَينَهُمُ عَبدٌ وَ لَا خسرَا

كَأنَّهُمْ نَهْرُ ماءٍ لا مِياهَ بِهِ

جفَافُهُ دَائِمُ وَالمَاءُ مَا عَبَرَا

شَتَّانَ بينَ عَزِيزٍ رَغْمَ مِحنَتِهِ

وَبَينَ مَنْ قَدْرَهُ مِنْ جَهْلِهِ كَسَرَا

هَذَا بِعِفَّتِهِ يبْنِي مَدَائِنَهُ

وَ ذَاكَ حُفْرَتَهُ بِالمالِ قدْ حفَرَا

تَبْكِيهِ أُمَّتُهُ زُورًا بِلَا حَزَنٍ

وَ ليسَ يرثيهِ إلَّا مَنْ بِهِ غَدَرَا

(قدْ كانَ صُرَّةَ مالٍ...) قالَهَا أحَدٌ

(فَمَنْ وَريثُ الَّذِي بالمَوْتِ مَا شَعَرَا؟)

سُبحانَ رَبِّي الَّذِي في خَلْقِهِ حِكَمٌ

 يُعَلِّمُ النَّاسَ مَا أبدَى وَ مَا سَتَرَا

لَكِنَّهُمْ جَهِلُوا مِنْ فرطِ كِبرِهِمُ

أعْمَوا بصَائِرَهُمْ بِالجَهلِ وَالبَصَرَا

حَيَاتُهُمْ دَمَّرُوهَا بِالنِّفَاقِ سُدًى

فَصارَ عَيشُهُمُ فِي أرضِهِمْ كَدَرَا

مَنْ سوفَ يُنقِذُهُمْ مِنْ لَهْبِ آكِلَةٍ

لَحْمَ العَبَادِ إذَا باتُوا لَهَا شَرَرَا

تَبْكِي اللّيالِي خلِيلًا باتَ مُغْتَرِبًا

فِي دارِهِ مَأتَمٌ وَالمَوْتُ مَا حَضَرَا

جِيرَانُهُ كَفَّنُوا أحلامَهُ عَلَنًا

وَقبرَهُ حفَرُوا  إذْ بالأَسَى كفَرَا

قَالُوا: قضَى نحبَهُ... وَ الكُلُّ مُنتَظِرٌ

تقسِيمَ أملاكِهِ... خَابَ الَّذِي انتَظَرَا

ما ماتَ لَكِنَّهُ أبدَى الوفاةَ وَ لَمْ

يَمُتْ لِيَكْشِفَ مَا فِي لُؤمِهِمْ سُطِرَا

قَوْمٌ بِلا أمَلٍ لا شيءَ يُسْعِدُهُمْ

أيُّوبُهُمْ مَا علَى أهوالِهِمْ صَبرَا

لا حسنَ فِي يُوسُفٍ قدْ عاشَ بينَهُمُ

لَوْ كانَ بينَهُمُ الحَجَّاجُ لانتحَرَا

جَلَّادُهُمْ رَفَعُوا رَايَاتِهِ وَجَلًا

وَ كُلُّ ذِي هِمَّةٍ فِي جمعِهِمْ نُحِرَا

لا صوتَ يعلُو علَى أصواتِهِمْ فَهُمُ

أهلُ الصِّيَاحِ وَ مَنْ عادَاهُمُ شُطِرَا

بالرَّغْمِ مِنْ ذِلَّةٍ أبْراجَهُمْ سَكَنُوا

 يُبْدُونَ تيجَانَهُمْ للناسِ كالأُمَرَا

حَتَّى (السَّلامُ)  غَدَا قولًا لِمَنفَعَةٍ

لَا رَدَّ إنْ لَمْ تَكُنْ بالجاهِ مُشتهِرَا

إنْ قُمتَ تَمدَحُهُمْ طارُوا وَ مَا هَبطُوا

وَ إنْ ذَمَمْتَهُمُ لَمْ يأخُذُوا عِبَرَا

قِيلَ: "الحِمَارُ يرَى فِي الوَرْدِ مأدُبَةً

إنَّ الحَمِيرَ بذَوْقِ الوَرْدِ هُمْ خُبَرَا

يَا أُمَّةً بَذَلَتْ حَتَّى تُرَى علَنًا

وَ كُلُّ أعمَالِهَا قَدْ عانَقَتْ صُوَرَا

وَ ليتَهَا بَذَلَتْ كَيْ تستَحِقَّ صدًى

حَتَّى الرِّيَاءُ غَدَا فِي بذْلِهَا قَمَرَا

تُبْدِي الشَّجَاعَةَ مِنْ خَلفِ النِّقَابِ وَ لَا

تثُورُ إنْ نِدُّهَا فِي دارِهَا ظَهَرَا

تَبِيعُ إخوانهَا للعابِرِينَ وَسِعرُ

البَيْعِ ناهِقَةٌ لَمْ تَنطِقِ السُّوَرَا

حُزْنِي عَلَى أُمَّتِي قَدْ فاقَ مَقْدِرَتِي

مَا طِقتُ فُرقَتَهَا وَ الكَيْدُ قَدْ كَثُرَا

مَلَامَتِي وَعِتَابِي مِنْ أسَايَ وَ مِنْ

حُبِّي لَهَا فَدَمِي فِي عِشقِهَا نُذِرَا

أرَى بِهَا ألَمًا مَا مِثلُهُ ألَمٌ

وَ كلُّ عُضْوٍ بِهَا إخوانَهُ بَتَرَا

رُحْمَاكَ رَبِّي بِنَا مِنْ كَيدِ فاتِنَةٍ

مَنْ عاشَ يَطلُبُهَا مَا عاشَهُ خسرَا

تَبْكِي الخِيَامُ فُحُولًا غابَ معْدنُهُمْ

عُصُورُهُمْ جَعَلَتْ مِنْهُمْ بِهَا خُبَرَا

وَعصْرُنَا رَغمَ مَا فِيهِ غَدَا حَجَرًا

لَمْ يَبْكِ رَافِعَهُ بلْ فِكرَهُ أسَرَا

يُبْدِي العَزِيزَ ذَلُولًا رَغْمَ عِزَّتِهِ

الفَحلُ فيهِ غدَا مِنْ زُمرَةِ الفُقَرَا

وَكُلُّ صاحِبِ وَجْهَينِ ارتَقَى وَغَدَا

للناسِ سَيِّدَهُمْ إذْ نَمَّقَ الهَذَرَا

صَلَّتْ بِهِمْ مَنْ لَهَا عَيْنَا مُمَثِّلَةٍ

وَ فيهِمَا مَكْرُ كُلِّ الأَرْضِ قَدْ عُصِرَا

وَأمَّهُمْ نَاهِقٌ يُبْدِي عمَامَتَهُ

نِصْفَينِ قِبْلَتَهُ مِنْ لُؤمِهِ شَطَرَا

كَلَامُهُمْ كُلُّهُ تَقْلِيدُ مَعْرَكَةٍ

هوجَا وَ لكِنَّهُمْ مَا أرعَبُوا شَجَرَا

حَيَاتُهُمْ كُلُّهَا سَيْفٌ وَمفخَرَةٌ

وَالسَّيفُ فِي غِمدِهِ مِنْ حُزْنِهِ اعتَذَرَا

يرجُونَ رَحْمَةَ رَبِّي دَائِمًا وَ هُمُ

لَمْ يَرْحَمُوا فِي الدُّنَى عبدًا وَ لا حَجَرَا

وَأرحَمُ الخَلْقِ مِنْهُمْ عاشَ بيْنَهُمُ

يَرَى بأيدِيهِمُ الأهوالَ والخَطَرَا

قَوْمٌ يُرَوْنَ إذَا رقَّاصَةٌ رقَصَتْ

وَيَخْتَفُونَ إذَا خَيرٌ بِهِمْ ظَهَرَا

و اللهِ ما أفلحَ القَومُ الَّذِينَ طَغوا

حَتَّى وَ لَوْ بَلَغُوا الأجْرامَ وَالقَمَرَا

قَوْمٌ لَهُمْ فِي الهَوَى باعٌ وَتجربَةٌ

وَكُلُّهُمْ شَاعِرٌ إلَّا الَّذِي شَعَرَا

حَتَّى النُّبَاحُ غَدَا فِي جَمْعِهِمْ كَلِمًا

وَفحْلُهُمْ لَمْ يَعُدْ من خِيرَةِ الشُّعَرَا

صارَتْ كُلَيْبَتُهُمْ حسناءَ أُمَّتِهَا

وَ كُلَّمَا نَبَحَتْ قَامُوا لَهَا زُمَرَا

(حَيَّاكِ...بَيَّاكِ ...يَا حُسْنًا بلا عِلَلٍ)

قالُوا وَعِلَّتُهُمْ أنْ ما الفُؤادُ دَرَى

لَا لَحنَ في هذهِ الدُّنيَا سيُطْرِبُهُمْ

آذَانُهُمْ ألفَتْ منْ هذْيُهُ سَحَرَا

مهمَا أجدتَ وَ مهمَا قُلْتَ مِنْ عَجَبٍ

مَا قُلْتَ إلَّا كَلَامًا عَابِرًا خَطِرَا

إنْ كُنْتَ ترْجُو شُكُورًا مِنْ سمَاحَتِهِمْ

 فَكُنْ (مُسَيْلِمَةَ) الكَذَّابَ لَا عُمَرَا

إنَّ الدَّنَاءَةَ فِي أرجائِهِمْ خُلُقٌ

وَالسّبعُ فِي جَمْعِهِمْ وَاللِّهِ مَا زَأَرَا

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن فريد مرازقة الجزائري

فريد مرازقة الجزائري

63

قصيدة

الشاعر فريد مرازقة الجزائري شاعر عمود بالعربية الفصحى.

المزيد عن فريد مرازقة الجزائري

أضف شرح او معلومة