الديوان » لبنان » جبران خليل جبران » ماذا تصباك من حال تجددها

عدد الابيات : 32

طباعة

مَاذَا تَصَبَّاكَ مِنْ حَالٍ تُجَدِّدُهَا

عَنْ عَهْدِ عَنْتَرَةَ العَبْسِيِّ فِي القِدَمِ

وَأَنْتَ فِي بَلَدِ الأَنْوَارِ لا أَثَرٌ

فِيهِ يُذَكِّرُ عَصْراً بَاتَ فِي الظُّلَمِ

هَلْ مُلْتَقًى يَجْمَعُ الروحَ الَّتِي رَجَعَتْ

أَدْرَاجَها وَالَّتِي تُزْجَى مِنَ العَدَمِ

وَمَا احْتِيَارُكَ عَبْداً مِحْرَباً خَشِناً

مِنَ البَدَاوَةِ فَظَّ اللَّوْنِ وَالأَدَمِ

مُهَيَّماً بِفَتَاةٍ بِنْتِ سَادَتِهِ

يَشْكُو هَوَاهُ بِمَنْظُومٍ مِنَ الكَلِمِ

يَحْكِي الحُكَاةُ لَنَا عَنْهُ تَوَغُّلَهُ

فِي الفَتْكِ بِالنَّاسِ فَتْكَ الآكِلِ النَّهِمِ

وَلِينَهُ فِي تَصَابِيهِ وَغِلْظَتَهُ

فِي مَلْعِبِ المَوْتِ بَيْنَ السُّمْرِ وَالخَذُمِ

فَهْوَ المُتَيَّمُ يَسْتَقْضِي لبَانَتَهُ

وَهْوَ المُكَافِحُ حُبَّ القَتْلِ وَالنِّقَمِ

ذَاكَ الَّذِي قَالَهُ عَنْهُ الرُّوَاةُ فَهَلْ

بَدَا مَزِيدٌ لِفِكْرِ البَاحِثِ الفَهِمِ

حَيَّاكَ رَبُّكَ يَا مَنْ قَامَ يُنْصِفُهُ

بِالعِلْمِ مِنْ جَهْلِ سُمَّارٍ وَمِنْ تُهَمِ

مَا كَانَ عَنْتَرَةٌ فِي القَوْمِ غَيْرَ فَتىً

يَرَى لَهُمْ مَا يَرَاهُ قَادَةُ الأُمَمِ

إِنْ أَمْكَنَ الحُبَّ مِنْهُ حِينَ خَلْوَتِهِ

فَأَسْمَعَ النَّاسَ فِيهِ أَشْوَقَ النَّغَمِ

فَإِنَّ مَا كَانَ يَبْغِيهِ لأُمَّتِهِ

أَسْمَى أَمَانِي حُرٍّ غَيْرِ مُتَّهَمِ

سَقَى هَوَى عَبْلَةٍ مِنْ مَاءِ أَدْمُعِهِ

وَكَادَ يُرْوِي الفَلا مِنْ أَجْلِهِمْ بِدَمِ

وَالحُبًّ أَلْزَمُ لِلأَرْوَاحِ مَا عَظُمَتْ

وَقَدْ يَكُونُ لَهَا أَدْعَى إِلَى العِمَمِ

فَإِنْ ظَفِرْتَ بِعِزْهَاةٍ وَمَنْصِبُهُ

فِي المَالِكِينَ فَتِلْكَ النَّفْسِ فِي الخَدَمِ

أَرَيْتَنَا مِنْ فَتَى عَبْسٍ حَقِيقَتَهُ

حَقِيقَةَ المَرْءِ لَمْ يُوصَمْ وَلَمْ يَصِمِ

حَقِيقَةَ البَدَوِيِّ الحُرِّ مُبْتَغِياً

لِقَوْمِهِ غَيْرَ بَاغٍ أُلْفَةَ الرَّحِمِ

يُهْدِي لِعَبْلَةً مَا يُوحِي الغَرَامُ لَهُ

وَلِلحَقِيقَةِ وَحْيَ العَزْمِ وَالشِّمَمِ

وَإِنَّمَا سُؤْلُهُ إِعْزَازُ مَوْطِنِهِ

وَقَوْمِهِ بِاتِّحَادِ الرَّأْيِ وَالهِمَمِ

فَإِنْ رَنَا وَهِلالُ الشَّهْرِ مُبْتَسِمٌ

حَيَّاهُ مِنْ أَمَلٍ فِي الأُفْقِ مُبْتَسِمِ

مُنَبِّيءٍ بِسَنَاهُ عَنْ سَنَى قَمَرٍ

مَاحِي الظَّلامِ نَبِيٍّ حَاطِمِ الصَّنَمِ

فَيَا مُعِيداً إِلَيْنَا اليَوْمَ عَنْتَرَةً

فِي يَقْظَةٍ شَابَهَا لُطْفٌ مِنَ الحُلُمِ

بِشِبْهِ مَا جَوَّدَتْ نَظْماً قَرِيحَتُهُ

فِي خَيْرِ مَا جَوَّدَتْهُ أَلْسُنُ العَجَمِ

أَرَيْتَ مَنْ كَانَ يَرْمِينَا بِمَنْقَصَةٍ

أَنَّا بَنُو بَجْدَةِ الأَفْلاحِ إِنْ نَرُمِ

وَأَنَّنَا القَوْمُ نَسْتَبْقِي مَفَاخِرَنَا

حَتَّى تُوَاتِينَا الأَقْدَارُ مِنْ أمُمِ

وَأَنَّ مَا بَيْنَ مَاضِينَا وَحَاضِرَنَا

مِنَ العَلاقَةِ حَبْلاً غَيْرَ مُنْفَصِمِ

وَأَنَّنَا أُمَّةٌ تَهْوَى مَوَاطِنَهَا

حَتَّى عَلَى الذِّكْرِ مِنْ عَادٍ وَمِنْ إِرَمِ

وَأَنَّ كُلَّ بَيَانٍ طَوْعُ خَاطِرِنَا

وَنَحْنُ أَهْلُ بَيَانِ السَّيْفِ وَالقَلَمِ

وَأَنَّ كلَّ فَتىً مِنَّا بِمُفْرَدِهِ

شَمْلٌ جَمِيعٌ مِنَ الآدَابِ وَالشَّيمِ

وَأَنَّنَا لَوْ تَآلَفْنَا لِمَا عَجِزَتْ

بِنَا النُّهَى عَنْ مَقَامٍ فِي العُلَى سَنِمِ

فَيَا سُرُوراً بِذِكْرٍ أَنْتَ بَاعِثُهُ

وَيَا أَسىً لِحِمَى بِالجَهْلِ مُنْقَسِمِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن جبران خليل جبران

avatar

جبران خليل جبران حساب موثق

لبنان

poet-khalil-gibran@

1075

قصيدة

829

متابعين

جبران خليل جبران فيلسوف وشاعر وكاتب ورسام لبناني أمريكي، ولد في 6 يناير 1883 في بلدة بشري شمال لبنان حين كانت تابعة لمتصرفية جبل لبنان العثمانية. توفي في نيويورك 10 ...

المزيد عن جبران خليل جبران

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة