منذ ظلامِ الفجر يَنُفُّ الزفت على الجمهور الصامت كلبٌ يركضُ لا يعرف أين يبول بيوم الإستقلال الناجز لم يلق مكاناً أهدأ من تحت منصة يوم الاستقلال مكبرة زعقتْ أجَّلْنا الاستقلال لأن المسئولَ توعَّك منذ قليل حبس الكلب بقية حاجته وسرى همس بين الناس أصيب المسئول بداء الكلب لم يبق صغيرٌ لم يصنع من ورق الزينة طائرة بذلوا كل خيال اللعب فلم تقلع ما كادت واحدةٌ حتى نكَسَتْ صاحَ الطفلُ لقد سقطت كَمَّ أبوه اللفظة لا تنطقْ يسقطُ إطلاقاً من أين تعلمت اللغة السوقية قل طارت نحو الأرض تعلم أن تقرأ بالمقلوب وأَنْ.. صدحتْ طاقات الطفل وأن أضحك بالمقلوب؟ فحاول أن يقرأ بالمقلوب شعارا إيحي إيحي بعشل ضحك الأطفال بأي لغات العالم تحكي؟ قال لهم بالمقلوبة قال لهم إيحي يحيا بعشل شعب إخرسْ.. صاحَ أبوهُ ولا تقرأ أبدا كان لدي صديقٌ يا ولدي قرأ الأشياء ولم يقلب قلبوه هل تعرفُ ما معنى قلبوه؟ ولما أُفرجَ عنه مشى منفرج الساقين ويحكي أشياء تشبه إيحي بعشل أرسل لحيته للتمويه فلم ينفع صار يغير وجهتها كل صباح إن كان الوضع يساراً وجهها للشرق وإن كان الوضع يميناً وجهها للغرب وجاءت أيام ليس يساراً ليس يميناً فلتتْ لحيتُه في الوضع بلا بوصلة كان إذا طُرقتْ باب الدار يموت فأكثر ما كان يخاف من الضرب ما زال الكلب يحاول أن يخرجَ من ورطة يوم الإستقلال فكر ما دام الحُكم أصيب بداء الكلب لماذا لا يرسل باقة ورد باسم كلاب الجمهورية قاطبة وستتلى برقيته قبل الأخبار سيصبح كلباً مشهوراً بين كلاب الحي وتقضى حاجته وبدا أن الناس انصرفوا لمْ يبق سوى الصمت يروح ويأتي في ضجر والأمن يراقبه يلقي القبض عليه يحاكم يسجن والكلب يعاقب بالضرب إيحي بعشل إيحت إيحت تيروهيتش تحيا تحيا الجمهورية
ولد مظفر النواب في بغداد عام 1934 لعائلة شيعية أرستقراطية ذات أصول هندية وكانت تهتم للغاية بالفنون والآداب والشعر والموسيقى، وكثيراً ما كان قصر العائلة المطل على نهر دجلة مقراً ...