الديوان » لبنان » جبران خليل جبران » ألا أيها الطالع المتبسم

عدد الابيات : 66

طباعة

ألاَ أَيُّهَا الطَّالِعُ المُتَبَسِّمُ

هُدىً وَسُرُورٌ نُورُكَ المُتَوَسَّمُ

سَلاَمٌ عَلَى ذَاكَ الْوَلِيدِ الَّذِي بَدَا

مِنَ الرَّحِمِ الْخَافِي مُثِيراً يُسَلِّمُ

سَلاَمٌ عَلَى ذَاكَ الشَّقِيقِ مِنَ الدُّجَى

يُكَلِّمُهَا وَالْبُرْءُ حَيْثُ يُكَلِّمُ

سَلاَمٌ عَلَى ذَاكَ الْهِلاَلِ مِنِ امْرِئٍ

صَرِيحِ الْهَوَى وَالحُرُّ لا يَتَكَلَّمُ

سَلاَمٌ وَتَكْريمٌ بِحَقِّ كِلاَهُمَا

وَأَشْرَفُ مَنْ أحْبَبْتَهُ مَنْ تُكَرِّمُ

هَوِيْتُكَ إِكْبَاراً لِمَا رَمْزُهُ

مِنَ المَأْرَبِ العُلْوِيِّ لَوْ كَانَ يُفْهَمُ

وَعِلْماً بِأَنَّ الشَّرْقَ يَنْمُو وَيَرْتَقِي

بِأَنْ يَتَصَافَى عِيسَويٌّ وَمُسْلِمُ

فَإِنْ نَالَ مِنِّي كَاشِحُونَ وَلُوَّمٌ

فَفِي كُلِّ حُبٍّ كَاشِحُونَ ولُوَّمُ

أَرَى كُلَّ دِينٍ جَاءَ بِالخَيْرِ طَاهِراً

وَلاَ شَيْءَ غَيْرَ الشَّرِّ عِنْدِي مُتْهَمُ

وَإِنْ يَرَ مِثْلِي رَأْيَهُ عَنْ تَحَيُّزٍ

فَمَنْ عَالِمٌ فِينَا وَمَنْ مُتَعَلِّمُ

أُبَى لِيَ عقْلِي أَنْ أُخَالِفَ حُكْمَهُ

وَلَوْ فُزْتُ مِنْ قَوْمٍ بِمَا لا يُقَوَّمُ

هُوَ الْحَقُّ حَتَّى تُضْرَبَ الْهَامُ دُونَهُ

فَمَا الْخَطْبُ فِي أَسْبَابِ جَهْلٍ تُفْصمُ

قُلِ الْحَقَّ مَا إِنْ يَنْفَعُ النَّاسَ مِثْلُهُ

وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ وَاتْرُكِ الزُّورَ يَنْقِمُ

قُلِ الْحَقَّ إِنْ يُعْجِبْ فَذَاكَ وَإِنْ يَسُوءْ

فَذَاكَ وَلاَ يَصْدُدْكَ مَا قَدْ تُجَشَّمُ

فَتَاللهِ مَا المُصْدِي لأَقْوَالِ غَيْرِهِ

بِأنْبَهَ عِنْدِي مِنْ جَوَادٍ يُحمْحِمُ

وَتَاللهِ مَا الرَّوَّاغُ دُونَ ضَمِيرِهِ

بِأَشْرَفَ مِنْ رِعْدِيدِ هَيْجَاءَ يُهْزمُ

مُنِيرَ السُّرَى بِشْراً بِعَامِكَ مُقْبِلاً

وَلاَ طَابَ ذِكْراً صِنْوُهُ المُتَصرِّمُ

دَهَانَا بِأَنْوَاعِ الأَذَى مُتَجَنِّباً

فَلَمْ يَكُ إِلاَّ صَارِخٌ مُتَظَلِّمُ

كَأَنِّي وَقَدْ وَلَى بَصُرْتُ بِلُجَّةٍ

يُغَيَّبُ فِيهَا شَامِخٌ مُتَضَرِّمُ

فَقُلْتُ بَعِيداً لاَ مُدِحْتَ بِطَيِّبٍ

سِوَى عِبْرَةٍ عَنْ بَارِحِ الْخَطْبِ تَنْجُمُ

عَلَى أَنَّ مَا لِلْعَامِ فِي شَأْنِنَا يَدٌ

وَمَا الذَّنْبُ إِلاَّ ذَنْبُنَا المُتَقَدِّمُ

شَهِدْتُمْ رَزَايَا مِصْرَ فِي بِدْءِ أَمْرِهِ

وَنَكْبَةَ دَارِ الْفُرْسِ إِذْ هُوَ يُخْتَمُ

ومَا حَلَّ فِي أَثْنَائِهِ مِنْ كَرِيهَةٍ

بِدَوْلَتِنَا الْكُبْرَى تَرُوعُ وَتُؤْلِمُ

لَدُنْ هَجَمَ الْقُرْصَانُ يَغْزُونَ غَرْبَهَا

كَما كَانَتِ الْجُهَّالُ فِي الْبَدْوِ تَهْجُمُ

يَسُومُونَنا بِاسْمِ الْحَضَارَةِ حَرْبَهُمْ

أَلاَ إِنَّهَا مِمَّا جَنَوهُ لَتَلْطِمُ

أَلاَ إِنَّهَا سَاءَتْ عَرُوساً لِخَاطِبٍ

إذَا بَسَطَتْ كَفّاً وَحِنَّاؤُهَا دَمُ

لأَحْرُفِهَا مِنْ دِقَّةِ الصُّنْعِ بَهْجَةٌ

وَفِيهَا مِنَ الشَّكْلِ الْجَمَالُ المُتَمِّمُ

وَمَا نَقَشَتْ مِنْهَا الْبَوَارِقُ مُهْمَلٌ

وَمَا نَقَطَتْ مِنْهَا الْبَنَادِقُ مُعْجَمُ

فَاعْجِبْ بِهَا مِنْ آيةٍ ذَاتِ رَوْعَةٍ

تُصَغَّرُ آيَاتِ الْحُرُوبِ وَتَعْظُمُ

عَزَزْنَا بِهَا مِنْ ذِلَّةٍ وَبِعَزْمِهَا

سَيُقْشَعُ هَذَا الْغَيْهَبُ المُتَجَهِّمُ

وَلَكِنْ أَنَبْقَى آخِرَ الدَّهْرِ عِيْلَةٌ

عَلَى الْجَيْشِ يَشْقَى فِي الدِّفَاعِ وَنَنْعَمُ

وَهَلْ قُوَّةُ الأَجْنَادِ تَكْفُلُ قَوْمَها

إلَى آخِرِ الأيَّامِ وَالقَوْمُ نُوَّمُ

إذَا مَا تَبَصَّرْتُمْ فَمِصْرُ وَ فَارِسٌ

وَدَوْلَةُ عُثْمَانٍ شَقَاءٌ مُقَسَّمُ

سِوَى أَنَّ كُرْسِيَّ الْخِلافَةِ مُحْتَمٍ

بِأَبْطَالِهِ أَمَّا الشُّعُوبُ فَهُمْ هُمُ

عَذِيرِيَ مِنْ سَبْقِ الْيَرَاعِ إلَى الَّذِي

أُدَاجِي بِهِ نَفْسِي وَلاَ أَتَكَلَّمُ

دَعُونِيَ مِنْ ذِكْرَى أُمُورٍ تَسُوءُنَا

وَذَا يَوْمُ عِيدٍ بِالمَسَرَّاتِ مُفْعَمُ

أَرَى بَيْنَكُمْ آمَالَ خَيْرٍ طَوَالِعاً

تَهُلُّ وَرَاءَ الأُفْقِ وَاللَّيْلُ مُظْلِمُ

رِجَالاً تَحَلُّوا بِالْفَضَائِلِ وَارْتَقَوْا

بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ كُلِّ خُلْقٍ يُذَمَّمُ

شَبَاباً إذَا عَفُّوا فَإِنَّ النُّهَى نَهَى

وَإنْ يَطْلُبُوا الْغَايَاتِ فَالْعَزْمُ يَعْزِمُ

عَدَوْا فِي هَوَى الأَوْطَانِ أَبْعَدَ غَايَةٍ

يَسُوقُ إِلَيهَا الْعَاشِقَينِ التألم

وَلَكِنْ لَقُوا مِنَّا الَّذِي لَمْ يَسُرَّهُمْ

لَقُوا الْقَاعَ وَالطَّيَّارُ خَزْيَانُ مُرْغَمُ

لَقُوا كَيْفَ أَغْنَتْنَا الشَّجَاعَةُ فِي الوَغَى

مِنَ العُدَدِ الصُّمِّ الَّتي لَيْسَ تَرْحَمُ

لَقُوا حِينَ أَعْيَانَا التَّفَاهُمُ بِاللُّغَى

مَقَابِضَنَا فِي الْهَامِ كيف تُتَرْجِمُ

لَقُوا فَوْقَ مَا ظَنُّوا مِنَ البَأْسِ مُفْضِياً

إلَى رَحْمَةٍ تَرْبُو عَلَى مَا تَوَهَّمُوا

فَمَغْفِرَةٌ حَيْثُ الأَبِيُّ مُجَنْدَلٌ

وَمَقْدِرَةٌ حَيْثُ الْجَبَانُ مُسَلِّمُ

وَعَطْفٌ عَلَى جَرْحَى عَدَدْنَا جِرَاحَهُمْ

مُكَفِّرَةً عَمَّا أَسَاءُوا وَأَجْرَمُوا

هُمُ أَحْرَجُونَا فَاقْتَضَوْنَا هَلاَكَهُمْ

عَلَى أنَّنَا كُنَّا نُضَامُ فَنَحْلَمُ

وَإِنْ يُشْجِنَا مَا نَالَهُمْ مِنْ عِقَابِنَا

فَفِينا عَلَى العِلاَّتِ ذَاكَ التَّكَرُّمُ

سَمَاحَةُ نَفْسٍ لَمْ تَزَلْ مِنْ عُيُوبِنَا

فَأِنْ يَغْفِرُوهَا ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنْهُمُ

حَمَى اللهُ أَبْطَالاً حَمَوْنَا فَإِنَّهُمْ

أَتَوْا مُعْجِزَاتٍ فِي الْخُصُومَاتِ تُفْحِمُ

مَحَوْا بِجَمِيل الثَّأْرِ مَا خَطَّ مُفْتَرٍ

عَلَيْنَا وَفِي كَفَّيْهِ لِلْعَارِ مِيسَمُ

وَجَاءُوا مِنَ النَّصْرِ المُبينِ بِآيَةٍ

عَلَى صَفَحَاتِ الدَّهْرِ بِالتِّبْرِ تُرْسَمُ

مُنَمَّقَةٍ رَنَّانَةٍ عَرَبِيَّةٍ

لَهَا كَاتِبٌ مِنْهَا وَتَالٍ مُرَنِّمُ

إذَا طُولِعَتْ لَمْ تَسْأَمِ الْعَيْنُ حُسْنَها

وَإِنْ أُنْشِدَتْ فَالسَّمْعُ هَيْهَاتَ يَسْأَمُ

فَهْمُ أَوْلِيَاءُ الْحَقِّ مَهْمَا يُعَيَّرُوا

وَهُمْ حُلفَاءُ الصِّدقِ مَهْمَا يُؤَثَّمُوا

إِلَى هَؤلاءِ الخَالِصِينَ طَوِيَّةً

لِمِصْرٍ بِنُصْحٍ خَالِصٍ أَتَقَدَّمُ

بَنِيَّ خُذُوا عَنَّا نَتَائِجَ خُبْرِنَا

لِتَكْتَسِبُوا مَا فَاتَنَا فَتُتَمِّمُوا

عَلَيْكُمْ بِأَشْتَاتِ الْعُلُومِ فَإِنَّهَا

نَجَاةٌ فَإِنْ شَقَّتْ فَلاَ تَتَبَرَّمُوا

تَقَوَّوْا فَمَا حَظُّ الضَّعِيفِ سِوَى الرَّدَى

وَخَيْرُ الْقُوَى خُلْقٌ مَقَوِّمُ

أًعِينُوا أخَاكُمْ لاَ عَلَى غَيْرِ طَائِلٍ

وَمَنْ كَانَ لاَ يُرْجَى فَمَا هُوَ مِنْكُمُ

تَوَاصَوْا بِحُسْنِ الصَّبْرِ فَالْفَوْزُ وَعْدُهُ

وَلاَ تَبْتَغُوا مَا لاَ يُرَامُ فَتَنْدَمُوا

وَلاَ تُسْتَفَزُّوا فِي إِجَابَةِ دَعْوَةٍ

فَحَيْثُ أَجَبْتُمْ أَقْدِمُوا ثُمَّ أقْدِمُوا

ذَرُوا كُلَّ قَوْلٍ فَاقِدِ النَّفْعِ جَانِباً

وَمُدُّوا مَجَالَ الْفِعْلِ ذَلِكَ أحْزَمُ

وَلاَ تَتَوَخَّوْا لَذَّةً فِي مُحَرَّمٍ

فَشَرُّ مُبِيدٍ لِلشُّغُوبِ المُحَرَّمُ

فَإِمَّا تَكَامَلْتُمْ كَمَا نَبْتَغِي لَكُمْ

فَتِلْكَ المُنَى تَمَّتْ وَذَاكَ التَّقَدُّمُ

وَيَومَئِذٍ تَعْتَزُّ مِصْرٌ بِأَهْلِهَا

وَتَسْعَدُ مَا شَاءَتْ وَتَعْلُو وَتُكْرَمُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن جبران خليل جبران

avatar

جبران خليل جبران حساب موثق

لبنان

poet-khalil-gibran@

1075

قصيدة

829

متابعين

جبران خليل جبران فيلسوف وشاعر وكاتب ورسام لبناني أمريكي، ولد في 6 يناير 1883 في بلدة بشري شمال لبنان حين كانت تابعة لمتصرفية جبل لبنان العثمانية. توفي في نيويورك 10 ...

المزيد عن جبران خليل جبران

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة