همسٌ كذوبٌ حدثها خفيةً وقال بأنها ليست لي؛ بأنها حمامةٌ زرقاء قال لها بأني معدمٌ بلا غايةٍ أو مال وأنها مجنحةُ الحسن، مهيبةٌ كالجبال كأنما اختبأت بين طياتها ملائكة السماء غزلتها يدُّ الإلهِ آيةً من آيات الكمال قال: "ألا تحلقي حرةً في رحب الفضاء؛ هذه الأرضُ الحزينةُ زنزانةُ الحسناء!" حدثها كثيراً وكان شيطاناً فاتن الضلال فحلقت بعيداً عن عش الهوى، كالسندباد يحملها بساطٌ من خيال! وما كان بالمستطاعِ أن أمسكها كنت طفلا في رؤاها وما همها مهما تعلقت بالأذيال وما كانت بجعبتي على أية حال كلماتٌ من سحر القوافي تحولُ دون رحيلها... تقنعها بالبقاء إنها تشتهي أن تكون أميرةً في عالم الأمراء وأنا قرصانٌ مهزومٌ بلا قوى، سفائنهُ أشباحٌ من الذكرى، وسوء الطالع وفقر الحال داءٌ يلازمهُ في دروب العمر مثل الظلال؛ أسيرٌ في غياهب غيَّه… مطرود من بحره... يلعنهُ سعالُ الأنواء! همسٌ كذوبٌ حدثها خفيةً وقال بأنها ليست لي؛ بأنها حمامةٌ زرقاء فطارت بعيداً حيث عقبان الرجال تشتهي قطناً خرافيَّ الجمال وكانت بألحاظهم قطناً خرافيَّ الحسنِ؛ كانت الحسناء: بكلّ الأبعاد التي لم تحتويها معاجم اللغة البكماء! رسموا لها عروش الملك فانقادت تطاردُ سراب أحلامٍ بلهاء كالمقامر المدمن لقمم من العلياء انخرطت في لعبة الوعود والاستغلال لتصطدم فجأةً بسقف من زجاج تنكسرُ أجنحتها الزرقُ وتخنقها الأغلال محطمةً تجرُّ من الخبيةِ الأذيال؛ تسقطُ جثةً هامدةً على هجير الرمال تهوي وردةً ذاويةً نساها الجمال كأن الكون قارورةٌ وهي أسيرةٌ، مثل الفراشةِ في أقفاص الزجاج ترى السعادة من حولها ولكن ظلم الرجال، شاء ألا تمسَّ الفرحَ بأيَّة حال! لو أنها سألت قلبها عني لقال بأنّي يقيناً أحببتها فوق طاقات الخيال لو أنها سألت قلبها عني لقال بأني كنت لها حريةً من الأغلال؛ بأني كنتُ لها عرشاً من العشق والوفاء وهي المليكةُ في قصر من القوافي ولو كانت الأحرف شاحبةً بلا ضياء ومظلمةً من ضراوة يأسي القديم متعفنةً في أربطة حقدي الرجيم وأسيرةً مثلي في أحلام المومياء… همسٌ كذوبٌ حدثها خفيةً وقال بأنها ليست لي؛ بأنها حمامةٌ زرقاء… وعادت الأصداءُ… عادت الأصداء إنَّها لحمامةٌ زرقاءُ… إنَّها لحمامةٌ زرقاء!