وفرقتنا السنين الأوبئة التي تجتاح الفصول لترسم بألوان الحداد مقابر الحنين والموت المحوّم كأسراب النسور في سماء الراحلين ليأكل من قصعة رأسي ما تبقى لي من الوساوس والشرور! فرقتنا نواميس الأرض وهرطقة العقول تفاحة آدم العائمة على صفحة الدهور والكبر المترقرق في دمعة الشياطين فرقتنا الأعمار تمتد ما بيننا كشاسع السهول كالحرمان في حياة امرأة بتول فرقتنا عجلات الزمن الحديث المسعور وهي تمزقنا من غير رحمة تغرقنا في جبّ الغمّة فرقتنا أفكارنا الرجيمة ورؤى الأنبياء في الأزمنة القديمة ومعتقدات الآباء الأولين فنحن لم نكن أبدا في أعماقنا صالحين! ليغفر لك الله ما اقترفتِ بحقي غرزت خنجركِ بحلقي وأسلمتُ للذبح نفسي مثل القرابين؛ إنّا كنَّا لأنفسنا ظالمين! – فرقتنا أحلام جلجامش والحظ اللعين وعشبة الخلود تسرقها خلسةً الثعابين يا وردة الورودِ أنتِ، ونجمة الضحى يا وثن الماضي، وإثم المشركين متى أتوب من حبٍّ أسقمني سنين كأنكِ داءٌ ورثته في الرحم جنين؟! آهِ إنّ قلبي حزين… آه إنّ قلبي حزين يذكركِ ما تنفس الصبحُ وعسعس الليلُ في مجرات الوجود وفضاءات التائهين! مثل شظية ترتل آلامها الروح وتعزفها النبضاتُ قافيةً من أنين! آه يا ذات الجمال المحتضر كدمية بالية في موقد مستعر... في غسق الروح المقفر آه يا أمطار الفجر… الفجر المضمخ بعطر الياسمين إن قلبي مثل ينبوع ماء حزين فقد فرقتنا السنين… سنينٌ تلوّ سنين لا شيء يجمعنا غير الغياب السرمدي لو تعلمين نغيب عن بعض أبد الدهر كما يغيب عن أهل الشكِ اليقين ولربما يا نرجسية العيون لا نلتقي حتى بيوم الدين... حتى بيوم الدين!