الديوان » لبنان » جبران خليل جبران » يا رئيسي وأوليائي وآلي

عدد الابيات : 82

طباعة

يَا رَئِيسِي وَأَوْلِيَائِي وَآلِي

قَدْ رَفَعْتُمُ شَأْنِي بِأَيِّ احْتِفَالِ

جَمَعَ الفَضْلَ صَفْوَةُ الشَّرْقِ جَاهاً

وَمَقَامَاً أَرْاهُمْ حِيَالِي

إِيهِ يَا شَيْخَنَا العَمِيدَ وَمَهْلاً

فِي سَبِيلِ الإِحْسَانِ وَالإِجْمَال

جُدْتَ بِالمُعْجِزِ البَلِيغِ وَعَجْزِي

دُونَهُ ظَاهِرٌ فَرِفْقاً بِحَالِي

لَكَ أَزْكَى مَا تَشْتَهِي كُلُّ نَفْسٍ

مِنْ فَخَارٍ فَمَا يَزِيدُ مَقَالِي

لَيْسَ يَا يُوسُفُ العَزِيزُ بِبِدْعٍ

مَا نَرَى فِيكَ مِنْ كَرِيمِ الخِلاَلِ

هَكَذَا أَنْتَ وَالفُرُوعُ الَّتِي أَنْبَتَّهَا

مَنْبِتَ الحِجَى وَالكَمَالِ

حَفَزَتْكَ النَّفْسُ الودُودُ فَلَمْ تَتْرُكْ

وِدَادِي فِي جَانِبِ الإِغْفَالِ

وَنَثَرْتَ النَّثْرَ البَدِيعَ بِمَا فَضْلُكَ

أُوْحَى وَإِنْ عَدَا اسْتِئْهَالِي

مَا أَرَى فِي الثَّنَاءِ أَبْلَغَ مِمَّا

نِلْتَهُ مِنْ رِضَا المَقَامِ العَالِي

عَهْدُ ذَاكَ المَقَامِ أَكْرَمُ مَا يَحْفَظُهُ

فِي القُلُوبِ شَعْبٌ مُوَالِي

لَيْسَ فِينَا وَلَيْسَ مِنَّا كَنُودٌ

أَوْ جَحُودٌ لِبِرَّهِ المُتَوَالِي

عَرْشُ مِصْر أَضْفَى عَلَيْنَا ظِلاَلاً

وَالأغَارِيدُ وَحْيُ تِلْكَ الظِّلاَلِ

كُلُّ مَنْ وَاتَتِ الفَصَاحَةُ وَفا

هُ حُقُوقَ الإِكْبَارِ وَالإِجْلاَلِ

بِقَوَافٍ مُجَنَّحَاتٍ تَلاَقَتْ

حَوْلَهُ فِي تَعَاقُبِ الأحْوَالِ

زَادَ عِبْئِي أَخي سَلِيمٌ فَأي الشَّكْرِ

يَقْضِي مَا لِلأَخِ المِفْضَالِ

أَشَفَتْ مِنْكُمُ النُّفُوسَ نِطَافٌ

جَارِيَاتٌ مِنْ ذلِكَ السَّلْسَالِ

فَيْضُ مَوْسُوعَةٍ مِنْ العِلْمِ وَالآ

دَابِ فِيهَا جَوَابُ كُلِّ سُؤَالِ

يَصْطَبِينَا مَا بَيْنَ شِعْرٍ وَنَثْرٍ

بِبَدِيعِ الحِلَى وَسَامِي الخَيَالِ

مَنْ كَمُورِيسَ مِدْرَهٌ أَلْمَعِيٌّ

فَوْزُهُ فِي الجِدَالِ فَوْقَ الجِدَالِ

أَيَّدَ اليَوْمَ مَوْقِفِي وَالأسَانِيدُ

ضِئَالٌ فَعُدْنَ غَيْرَ ضِئَالِ

جَالَ فِي شَوْطِهِ وَصَالَ فَمَنْ لِي

بِمَجَالٍ فِي شَوْطِهِ أَوْ مَصَالِ

هُوَ مِنْ فِتْيَةِ الفِدَاء فَمَا يُنْكَرُ

مِنْهُ فِي الحُبِّ هَذَا التَّغَالِي

صَاغَ لِي غَانِمٌ لآلِيءَ وَالغَانِمُ

مَنْ زَانَهُ بِتِلْكَ الَّلآلِي

تِلْكَ مِنْهُ قِلاَدَتِي أَشَهِدْتُمْ

مِثْلَهَا فِي قَلاَئِدِ الأقْيَالِ

صَوْتُهُ فِي مَحَافِلِ الجِيلِ يَعْلُو

وَصَدَاهُ فِي مَسْمَعِ الأجْيَالِ

بَرَّ بِي رَأْفَةً بِسنَّي فَصَانَتْ

هَبَّةُ الشِّبْلِ هَيْبَةً الرِّئْبَالِ

نَحْنُ كُنَّا مَا أَنْتُمُ اليَوْمَ فَاحْيَوْا

يَلْبَثِ الغِيلُ أَمْنَعَ الأغْيَالِ

ثُمَّ هَذَا وَصْفٌ بِهِ تُكْحَلُ العَيْنُ

أَتَى مِنْ أَخٍ كَتُومِ النَّوَالِ

أَرَشِيدٌ وَهْوَ الطَّبِيبُ المُوَاسِي

وَهْوَ آسِي الضُّلُوعِ وَالأَوْصَالِ

يَتَعَاطَى بُرْءَ النُّفُوسِ بِشِعْرٍ

خَالَطَ القَطْرُ فِيهِ بِنْتَ الدَّوَالِي

كَرَمٌ لَوْ لَبِسْتُ مِمَّا كَسَانِي

لَجَرَرْتُ الحَسُّادَ فِي أَذْيَالِي

أَشَجَاكُمْ كَمَانُ سَامٍ وَأَلْعَا

بُ المَفَاتِيحِ فِيهِ وَالأقفالِ

مَا بِأَوْتَارِهِ العَجِيبَةِ مِنْ فِتْنَةِ

سِرٍّ رَاقٍ وَسِحْرٍ حَلاَلِ

بُلْبُلُ الرِّوْضِ إِنْ شَدَا بِاحْتِفَالٍ

مَلَكَ السَّمْعَ أَوْ شَدَا بِارْتِجَالِ

مَا لَهُ مِنْ أَخٍ سِوَى فَاضِلٍ

نِعْمَ المُجَلِّي فَنًّا وَنِعْمَ التَّالِي

أَسَبَاكُمْ إِيقَاعُ شَحْرُورَةِ الوَا

دِي وَرَهْطٌ نِظَامُهُ فِي اكْتِمَالِ

رَجَّعْتْ وَالقُلُوبُ تَرْقُصُ وَفْقاً

مُرْقِصَاتِ الأشْعَارِ وَالأَزْجَالِ

وَأَهَازِيجَ نَخْوَةٍ وَعِتَابٍ

وَمَجَانَاتِ صَبْوَةٍ وَمَوَالِي

أَيُّهَا المُنْشِدُونَ أَسْمَعْتُمُونِي

نَغَمَاتٍ لاَ تَبْرَحُ العُمْرَ بَالِي

زَغْرَدَاتُ الرَّضَاعِ هَيْهَاتَ أَنْ

تُنْسَى وَلَحْنُ الوَدَاعِ يَوْمَ الفِصَالِ

يَا لَعَهْدِ الصِّبَا تَقَضَّى وَشِيكاً

بَيْنَ أَهْلٍ فَارَقْتُهُمْ غَيْرَ سَالِ

فِي بِلاَدٍ رَدَّتْ إِلَيْهَا فُؤَادِي

كُلُّ أَرْضٍ حَطَطْتُ فِيهَا رَحَالي

أَيُّ شَجْوٍ تُثِيرُهُ فِي حَشَى

المُشْتَاقِ ذِكْرَى سُهُولِهَا وَالجِبَالِ

أَيُّ مَاءٍ عَذْبٍ وَأَيُّ هَوَاءٍ

أَرِج فِي الرِّيَاضِ وَالأَدْغَالِ

أَيُّ بَحْرٍ زُمُرُّدِيِّ مُحَاطٍ

بِإِطَارٍ مِنْ عَسْجَدِيِّ الرِّمَالِ

أَيُّ حُسْنٍ فِي كُلِّ مَا تَقَعُ العَيْنُ

عَلَيْهِ مَنْ مُونِقَاتِ المَجَالِي

مَنْ كَأَبْنَائِهَا وقَدْ نَازَلُوا الدَّهْرَ

فَزَكَّوْا أَحْسَابَهُمْ بِالنِّزَالِ

إِنْ يَقلُّوا عَدًّا فَسَلْ فِي مَدَى

القُطْبَيْنِ عَنْهُمْ جَلاَئِلَ الأَعْمَالِ

عَلَّمَتْهُمْ صُمُّ الجَلاَمِيدِ فِي جُو

نِ الأخَادِيدِ أَوْ ضَوَاحِي القِلاَلِ

مَا هُوَ الحَزْمُ فِي إِتِّقَاءِ المَهَاوِي

ما هُوَ العَزْمُ فِي ارْتِقَاءِ المَعَالِي

مَا يَقُولُ الإِقَدَامُ فِي كَاذِبِ الأوْ

جَالِ تِلْقَاءَ صَادِقِ الآجَالِ

يَا بَنِي أُمِّنَا الأُولَى أَبْعَدُوا المَرْ

مَى وَجَالُوا فِي الأرْضِ كُلَّ مَجَالِ

بَيْنَ مَعْمُورِهَا وَغَامِرِهَا

بَيْنَ الجَنُوبِ النَّائِي وَبَيْنَ الشَّمَالِ

وَبِحُسْنِ البَلاَءِ فِي كُلِّ قُطْرٍ

يَمَّمُوهُ كَانُوا فَخَارَ الجَوَالِي

فَأعَزُّوا مَوَاطِناً أَنْبَتَتْهُمْ

بِضُرُوبٍ مِنْ مَاهِرَاتِ الفعَالِ

يَا بَنِي أُمِّنَا بِمِصْرٍ وَمِنْهُمْ

عَنْ يَمِينِي أَعِزَّةٌ وَشَمَالِي

أَمَّةُ الشَّرْقِ تَزْدَهِي بِالبَنِيْنَ

الصِّيدِ مِنْكُمْ وَبِالبَنَاتِ الغَوَالِي

وَرِجَالٍ فِي كُلِّ عِلْمٍ وَفَنٍّ

وَابْتِدَاعٍ هُمْ صَفْوَةٌ فِي الرِّجَالِ

وَنِسَاءٍ بِكُلِّ حُسْنٍ وَإِحْسَا

نٍ شَرِيفٍ هُنَّ الغَوَانِي الحَوَالِي

إِنَّ مِصْرَ الَّتِي نَفَرْنَا إِلَيْهَا

بِحُمُولٍ مِنَ الهُمُومِ ثِقَالِ

يَوْمَ كَانَتْ رُبُوعُنَا تَحْتَ رِقٍّ

وَبنُوهَا الأحْرَارُ فِي الأغْلاَلِ

وَالدُّعَاةُ الهُدَاةُ إِلاَّ إِذَا لاَ

ذُوا بِمِصْرَ يُسْقَوْنَ مُرَّ النَّكَالِ

أَنْزَلَتْنَا دَاراً مِنَ العِزِّ تُسْلي

كُلَّ نَاءٍ عَنْ دَارِهِ غَيْرِ قَالِ

لَمْ يَضِقْ صَدْرُهَا الرَّحِيبُ عَلَى مَا

كُلِّفَتْهُ بِلاَجِيءٍ أَوْ بِجَالِي

ذَاكَ عَصْرٌ عَانَى بِهِ العُرْبُ مَا عَا

نَوْهُ مِنْ مِحْنَةٍ وَمِنْ إِذْلاَلِ

فَتَقَضَّى لاَ يَصْحَبُ الحَمْدُ ذِكْرَا

هُ وَلاَحَتْ أَيَّامُ الاِسْتِقْلاَلِ

دُوَلٌ حُرَّةٌ تَجَدَّدَ فِيهَا

تَالِدُ المَجْدِ بَعْدَ الاِضْمِحْلاَلِ

تَتَوَلَّى مِصْرُ الزَّعَامَةَ فِيهَا

وَهْيَ حَقٌّ مَا حوْلَهُ مِنْ نِضَالِ

جَنَّةٌ عَنْدَ جَنَّةٍ عِنْدَ أُخْرَى

آهِ لَوْ ظَلَّ حَبْلُهَا فِي اتِّصَالِ

وَطَنٌ وَاحِدٌ فَإِنْ نَقُلِ الأَوْطَانَ

فَالجَمْعُ فِيهِ جَمْعُ اشْتِمَالِ

كَلأَ اللهُ وَادِيَ النَّيلِ هَلْ أُوْ

تيَ وَادٍ كَحُسْنِهِ وَالجَلاَلِ

وَكَهَذَا الخِصْبِ العَجِيبِ الَّذِي كَا

نَ وَمَا زَالَ مَضْرِبَ الأمْثَالِ

وَكَهَذَا الشَّعْبِ الأَمِينِ الَّذِي أُو

تِيَ أَحْلَى شَمَائِلٍ وَخِصَالِ

هُوَ شَعْبٌ حُرُّ السَّجَايَا سَخِيٌّ

وَأَبِيٌّ عَنْ عِزَّةٍ لاَ اخْتِيَالِ

دَائِبٌ لَمْ تَزِدْهُ إِلاَّ ثَبَاتاً

غَمَرَاتٌ رَمَتْهُ بِالأهْوَالِ

بَاسِلٌ لَمْ تَزِدْهُ إِلاَّ ثَبَاتاً

غَمَرَاتٌ رَمَتْهُ بِالأهْوَالِ

صَابِرٌ طَاوَلَ الزَّمَانَ إِلَى أَنْ

رَدَّ إِدْبَارَهُ إِلَى إِقْبَالِ

عَاشَ فَارُوقُ لِلعُرُوبَةِ يَرْعَا

هَا وَيَرْعَاهُ رَبُّهُ المُتَعَالِي

وَلُيُبْلَّغْ مُنَاهُ كُلُّ مَلِيكٍ

وَرَئِيسِ مُحَالِفٍ وَمُوَالِي

وَجُزِيتمْ بِالخَيْرِ عَنِّيَ يَا مَنْ

أَكْرَمُونِي بِمَا عَدَا آمَالِي

بَارَكَ اللهُ فِيكُمُ وَسَقَى

أَغْرَاسَكُمْ كُلُّ ضَاحِكٍ هَطَّالِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن جبران خليل جبران

avatar

جبران خليل جبران حساب موثق

لبنان

poet-khalil-gibran@

1075

قصيدة

829

متابعين

جبران خليل جبران فيلسوف وشاعر وكاتب ورسام لبناني أمريكي، ولد في 6 يناير 1883 في بلدة بشري شمال لبنان حين كانت تابعة لمتصرفية جبل لبنان العثمانية. توفي في نيويورك 10 ...

المزيد عن جبران خليل جبران

اقتراحات المتابعة

أضف شرح او معلومة