وَسُقتُ الروحَ نحوكَ يا مَعِيني،

بُكلِّ مداركِ الولهى القُدامى.

عسى حوضُ النبوَّةِ يصطفيني،

ويروى جهلَ أسئلتي اليتامى.

دخلتُ البيتَ مُنتعلاً غيابي،

وألثمُ حَضرةَ الألقِ التثاما.

أُصلِّي ركعةَ التذكار وحدي،

فيغدو الشعرُ مأموماً إماما.

وبي مِن قهوةِ الأفكارِ نَزْغٌ،

يُمزِّقني ويترُكني حُطاما.

فأدنو للخيالِ على مجازي،

فيلمعُ في رؤى عَلَقي كلاما.

وأفركُ جِلدَ مِسْبَحَتي بهمسٍ،

يؤجَّجُ فى الحشى وجداً ضِراما.

وتلك مناقبُ المُختارِ أحيت،

بحورَ الشعرِ فانتشرت خُزامى.

مخاضُ البدءِ في طورِ التلقِّي،

يعانقُ صحوةَ الذِكرى ختاما.

فيمنحُ يائسَ الأشباحِ كأساً،

فيعرفُ من سَما مِمَّن تسامى.

دنا في دفقةِ المبنى قديماً،

تدلَّت آهةُ المعنى انسجاما.

وجاوزَ مَشرَقَ النورِ المُكنَّى،

فحاز الحُسن والحُسنى تماما.

وما بالغارِ إلَّا بَوحُ صِدْقٍ،

يُنادى نحو مطلعِهِ الحماما.

ويمزجُ في يقينِ القُربِ أمناً،

فيملأُ قلبَ صاحِبِهِ سلاما.

ويشهقُ في مدار الوحي يسعى،

بجوفِ الليلِ يفترشُ الظلاما.

هنا في وخزةِ الشكوى، تجلَّى

إله الكونِ يشهدُ ما ترامى.

وحيداً في رُبى المجهولِ يمضي،

وعينُ اللهِ تكلؤه دواما.

فلا هو خائفٌ ويقولُ نفسي،

ولا هو قانطٌ يخشى الحِماما.

تأبَّطَ عزمَهُ وانسلَّ نوراً،

كريحِ المسكِ يستلُّ الحُساما.

وجبرائيلُ يهبطُ أن تمنَّى،

فأرضُ التيهِ قد مُلأتِ قتاما.

فأورقَ قلبُهُ صبراً جميلاً،

وأسبلَ دمعةَ التقوى سجاما.

ونادى: يا إلهى لا تَكِلْني

إلى نفسي، وكّبَّر واستقاما.

وقال: العفو مَذْهَبُنا، ونحيا

على هذا، تربَّينا كِراما.

وما فعل النغيرُ أبا عُميرٍ؟

وكان الطفلُ صبًّا مُستهاما.

فيمسح خوفه بالأمن حَتَّى،

بحضن المصطفى صلَّى وناما.

فَعمَّ الأرض بالإحسانِ عَدْلًا،

جلا عنها الخطيئةَ والسقاما.

كريمُ الذاتِ في حِلمٍ وتقوى،

يقابلُ غضبةَ الجهل ابتساما.

وقال: الله أدَّبني بعلمٍ،

وصيَّرني على الدنيا إماما.

وصفَّاني بألويةِ المعالي

بشرحِ الصدرِ، بالتقوى، غلاما.

سموتُ إلى رحابِ الله حمداً،

فأعطاني الوسيلةَ والمقاما.