الديوان » عمارة بن صالح عبد المالك » إِمَارَاتُ الْعَجَائِبِ

عدد الابيات : 67

طباعة

فِي مَغْرِسِ الرَّمْلِ زَكَّى الْخَيْرُ وَفْرَتَهُ

أَحَبَّ فِيهِ اخْضِرَارُ اللَّوْنِ صُفْرَتَهُ

فَالصَّاحَةُ انْدَثَرَتْ وَ الْوَاحَةُ انْبَلَجَتْ

وَ الْخِصْبُ يُكْمِلُ فِي الْأَرْجَاءِ ثَوْرَتَهُ

يَا رَوْعَةَ الْمَنْظَرِ الْفَنِّيِّ أَبْدَعَهُ

خَلَّاقُنَا ثُمَّ زَادَ الْخَلْقُ نَضْرَتَهُ

وَ إِنَّمَا شِيَمُ الْأَشْيَاءِ مِنْ شِيَمٍ

فِي الْأَهْلِ، فَاسْأَلْ عَنِ الْيَعْلُولِ ثَرَّتَهُ

شَعْبٌ يَرُومُ الْعُلَا وَ الْمَجْدَ غَيْرَ وَجٍ

يُنَازِعُ الدَّهْرَ وَ الدُّنْيَا مَسَرَّتَهُ

لَمَّا احْتَذَى الْعَزْمَ وَ الْحَزْمَ اغْتَدَى قُدُمًا

إِلَى مُنَاهُ يُرَوِّي الصَّبْرُ حِرَّتَهُ

مُعَرِّضًا وَجْهَهُ لِلْحَرِّ مُتَّشِحًا

بِالرَّشْحِ، تَرْعَى رُخَاءُ الْبَحْرِ عُفْرَتَهُ

تُورِي مَطَامِحُهُ النِّيرَانَ فِي حُزُنٍ

هَيْهَاتَ أَنْ تُطْفِئَ الطَّمْحَاتُ مِرَّتَهُ

حَضُّ الْجُهُودِ وَ لَيْسَ الْحَظُّ ذَلِكَ مَا

نَفَى عَنِ الْوَطَنِ الصَّحْرَاءِ قَفْرَتَهُ

حَرٍ بِكُلِّ فَخَارٍ فِي تَوَاضُعِهِ

فَنَاجِحٌ لَا يَكُونُ الْكِبْرُ غُرَّتَهُ

لَمْ يُنْسِهِ الطَّيْلَسَانُ الْغَضُّ مَحْتِدَهُ

لَمْ يُبْدِ مِنْ غَضَرِ الْآلَاءِ بَطْرَتَهُ

وَ هْوَ الْغَضَنْفَرُ إِنْ يَزْأَرْ بِنَاحِيَةٍ

يَسَّمَّعِ الْكَوْكَبُ الْأَرْضِيُّ زَأْرَتَهُ

شَعْبٌ تَصَفَّحَ آيَ الذِّكْرِ مُتَّعِظَا

فَلَمْ يَجِدْ غَيْرَ مَا يُعْلِي أَسِرَّتَهُ

لَا دِينَ يَدْعُو إِلَى دُنْيَا وَ آخِرَةٍ

إِلَّاهُ، وَيْبَ الْعِدَى اسْتَحْلُوا مَعَرَّتَهُ!

”...قُلِ اعْمَلُوا“ رَاحَ فِي الْمَيْدَانِ يَقْرَأُهَا

بِالْفِعْلِ حَتَّى قَرَى الْإِمْلَاقَ شَفْرَتَهُ

أَحَلَّ بَحْبُوحَةَ الْعَيْشِ الدِّيَارَ فَمَا

تَلْقَى أَخَا حَاجَةٍ يَجْتَرُّ شِرَّتَهُ

نِعْمَ النَّعِيمُ الْمُقِيمُ الشُّكْرُ حَوَّطَهُ

مَنْ يَشْكُرِ اللهَ فَاسْتَبْعِدْ تَغِرَّتَهُ

لَمَّا يَزَلْ آلُ نُهْيَانَ السُّقَاةَ لَهُ

غَرْسًا وَ غَيْطًا يُعَاطِي الْقَوْمَ ثَمْرَتَهُ

آلُ النُّهَى وَ الْجَدَا وَ الْجِدِّ مُذْ وُجِدُوا

لَمْ يَرْفَعِ الْعُدْمُ فِي الْبَيْدَاءِ نَبْرَتَهُ

لَكِنْ قُبَيْلَ انْصِرَافِ الرُّغْمِ مُنْكَسِرًا

أَبْدَى لِ”زَايِدَ“ وَ الْأَبْنَاءِ عِذْرَتَهُ

بِالْحَرْفِ قَالَ وَ آلَى: لَنْ أَعُودَ هُنَا

فَلْيَأْمَنِ الرُّبُعُ الْخَالِي مَضَرَّتَهُ

لَكِنَّهُمْ أَصْبَحُوا وَ الْبَأْسُ عُدَّتُهُمْ

لَا يَأْمَنُونَ لِهَذَا الدَّهْرِ غَدْرَتَهُ

مَنْ يَخْبُرِ الشَّظْفَ أَيَّامًا وَ بَدَّلَهُ

شَهْدًا، فَلَنْ تَدْهُنَ الْأَيَّامُ خِبْرَتَهُ

أُسْدُ الْجَلَادَةِ وَ الْإِقْدَامِ مَاضِيَةً

يُوَرِّثُ الْقَسْوَرُ الْأَشْبَالَ سَوْرَتَهُ

أَوَتْ قُلُوبُهُمُ الْفَيْحَاءُ أَضْلُعَهُمْ

كَمَا أَوَى كُلُّ دُرِّيٍّ مَجَرَّتَهُ

لَيْسَتْ مِيَاهُ الْمُحِيطَاتِ الْعِظَامِ سِوَى

قَطْرٍ إِذَا الْقَرْمُ مِنْهُمْ مَدَّ فِكْرَتَهُ

لِذَاكَ ”زَايِدُ“ وَصَّى خَيْرَ تَوْصِيَةٍ:

"اسْتَثْمِرُوا فِي الْأَخِ الْإِنْسَانِ قُدْرَتَهُ"

أَبْلَى سِنِي الْعُمْرِ فِي تَعْلِيمِ أُمَّتِهِ

مِنْ قَبْلِ تَعْلِيمِهِ الْمَوْفُورِ عِتْرَتَهُ

أُسَّ النَّجَاحَاتِ مَا انْفَكَّتْ مَبَادِئُهُ

فَالْقَوْمُ يَتْبَعُ وَ الْأَقْوَامُ سَيْرَتَهُ

هَذَا خَلِيفَةُ مَا أَبْهَى خِلَافَتَهُ

مَا أَبْرَدَ الرَّمْلَ لَمَّا مَاسَّ جَمْرَتَهُ

طَوَى عُقُودًا مِنَ الْأَزْمَانِ مُخْتَصِرًا

خُطَى عَمَالِقَةٍ يَقْلُونَ طَيْرَتَهُ

يُفْنِيهُمُ حَسَدٌ، يُبْقِيهِمُ كَمَدٌ

يَرْجُونَ بُعْدًا لِمَا يَرْجُونَ عَثْرَتَهُ

يَجْزِي مُضَاحَكَةً مِنْهُمْ بِأَمْثَلِهَا

كَذَا السِّيَاسَةُ؛ لَيْسَ الْمَكْرُ فِطْرَتَهُ

وَ إِنَّمَا الصِّدْقُ مَعْ أَبْنَاءِ جِلْدَتِهِ

وَ مَنْ يَبَارَّهُمُ يَضْعَفْ مَبَرَّتَهُ

هُوَ الْهُمَامُ سَلِيلُ الْأَكْرَمِينَ يَدًا

وَ حِرْقِدًا، تَأْمَنُ الْأَكْوَانُ جَوْرَتَهُ

ذُو حِكْمَةٍ ذُو أَنَاةٍ ذُو مُثَابَرَةٍ

لِيَهْنَأَ الشَّعْبُ نَالَ الشَّيْخُ عُسْرَتَهُ

لَا تَسْأَلُوا أَبَدًا مَا قَدْرُ ثَرْوَتِهِ

أَغْلَى الْغِنَى أَنْ يَكُونَ الْأَجْرُ أُجْرَتَهُ

يَرْعَاهُ بَارِئُنَا يَرْعَى بَرِيَّتَهُ

يُكْسِيهِ عَافِيَةً، يُولِيهِ نُصْرَتَهُ

يُبْقِيهِ يُعْلِيهِ يُدْنِيهِ لَهُ وَ لَنَا

يُدِيمُ قَبْلَ الْمَعَادِ الْيَوْمَ ذُكْرَتَهُ

دُعَاءُ ذِي دُرَرٍ حُسْنَى وَ مَا مَلَكَتْ

يَدَاهُ إِلَّا هَوَى مَلْكٍ وَ سُتْرَتَهُ

وَ مَنْ أَحَبَّ امْرَأً فِي اللّهِ خَالِقِهِ

أَحَبَّ مِنْ أَجْلِ ذَا الْمَخْلُوقِ زُمْرَتَهُ

مِنْ كُلِّ مُخْتَلِقٍ زَاكٍ وَ مُخْتَلَقٍ

يُجِلُّ صُورَتَهُ مَرْآكَ أُثْرَتَهُ

غَدَا أَمِيرًا كَبَدْرٍ فِي إِمَارَتِهِ

مُفِيدًا النُّورَ مِنْ شَمْسٍ وَ دَوْرَتَهُ

حَتَّى الْجَمَادَاتُ يَهْوَيْنَ ائْتِلَاقَتَهُ

حَتَّى الْبَهَائِمُ يَسْتَحْسِنَّ إِمْرَتَهُ

تَحِيَّةً ”آلَ مَكْتُومٍ“ وَ مَا كُتِمَتْ

أَفْضَالُكُمْ مُنْذُ حَلَّ السَّعْدُ أُسْرَتَهُ

تَحِيَّةً لُهُمَا يَسْتَسْقِيَانِ لَنَا

”لِلْقَاسِمِيَّيْنِ“ يَفْرِي الْمَاءُ صَخْرَتَهُ

فَيُطْلِقُ الْوَرْدُ فِي الْكُثْبَانِ نَفْحَتَهُ

وَ يَسْكُبُ الشِّعْرُ جَنْبَ النَّثْرِ خَمْرَتَهُ

تَحِيَّةً ”لِلنَّعِيمِيِّ“ الَّذِي نَعِمَتْ

بِهِ الْجِبَالُ وَ كَرَّ الْحُسْنُ كَرَّتَهُ

تَحِيَّةً ”لِلْمُعَلَّا“، لَا مَهَا عَرَبٍ

إِلَّا أَرَادَ إِلَى الْقِيوِينِ هِجْرَتَهُ

تَحِيَّةَ الْمِسْكِ ”لِلشَّرْقِيِّ“ تَحْمِلُهَا

أَنْسَامُ أَرْوَاحِنَا يَطْلُبْنَ حَضْرَتَهُ

هُمُ الْعِمَادُ عَلَا سَقْفُ الْبِلَادِ بِهِمْ

فَكُلُّ رُكْنٍ يَرُدُّ السُّحْبَ قُرَّتَهُ

يَا سَائِلِي عَنْ إِمَارَاتِ الْعَجَائِبِ سَلْ

مَا شِئْتَ، إِنَّ لَدَى الْمَتْبُولِ نَشْرَتَهُ

هَذِي الْأَمِيرَةُ أَسْمَاءُ الْأَصِيلَةُ قَدْ

صَادَتْ صَدَى الْأَدَبِ الْمُعْتَادِ نَفْرَتَهُ

بِأَنْ أَقَامَتْ لَهُ قَصْرًا بِهِ حَجَزَتْ

لِكُلِّ فَنٍّ مِنَ الْأَفْنَانِ حُجْرَتَهُ

وَ كَانَ أَفْضَلَهَا مَا الشِّعْرُ نَازِلُهَا

بِكْرُ الْعُرُوبَةِ فِينَا بَثَّ قُدْرَتَهُ

سَمَا بِأَسْمَاءَ هَامُ الشِّعْرِ مُزْدَهِيًا

تُغَازِلُ الشَّمْسُ وَ الْأَنْسَامُ وَفْرَتَهُ

وَ جَلَّ حَتَّى غَدَا بُرْجًا بِشَارِقَةٍ

أَوْرَى لَدَى سَيِّدِ الْأَبْرَاجِ غَيْرَتَهُ

فَلِلْبَيَانِ اشْرَأَبَّ الْمُعْجَبُونَ عَلَى

دُبَيَّ يَخْلَعُ مِثْلَ الضَّوْءِ شُهْرَتَهُ

فَارْقُبْ مَنَاطِيدَهُ الْكُبْرَى سَأُطْلِقُهَا

تَحُطُّ ضَيْفًا يُطِيلُ الْوُدُّ زَوْرَتَهُ

هُنَاكَ حَيْثُ ”صَدَانَا“ مُلْتَقَى الشُّعَرَا

 

تَزْهُو الْقَوَافِي وَ يَنْسَى الْحَرْفُ حَسْرَتَهُ

بَيْتُ الثَّقَافَاتِ وَ الْأَجْنَاسِ قَاطِبَةً

اَلْفِكْرُ فَكَّ مَعَ التَّعْبِيرِ أَسْرَتَهُ

ذِي الدَّعْوَةُ النَّقَرَى لِلدَّعْوَةِ الْجَفَلَى

حَرِّكْ إِذَا شِئْتَ فِي الْحَاسُوبِ فَأْرَتَهُ

وَ اقْرَأْ شَوَارِدَ أُهْدِيهَا إِلَى بَلَدٍ

أَهْدَى إِلَى الْعَالَمِ الْحَيْرَانِ زَهْرَتَهُ

إِلَى مَلِيكِ الْمُلُوكِ الْفَذِّ وَ الْأُمَرَا

مِنْهُمْ لَيَقْتَبِسُ الْبَازِيُّ نَظْرَتَهُ

إِلَى أَعَزِّ شُعُوبِ الْأَرْضِ مَفْعَلَةً

وَ مَحْتِدًا عِنْدَ ذِكْرِ الْغَيْرِ عِتْرَتَهُ

مُكَرَّرَاتِ الْقَوَافِي بَيْدَ أَنَّ لَهَا

جَدِيدَ فَحْوَى وَ نَجْوَى صُغْتُ فِكْرَتَهُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عمارة بن صالح عبد المالك

عمارة بن صالح عبد المالك

51

قصيدة

شاعر جزائري، من مواليد 1973 بالشريعة ولاية تبسة، درس اللغة الأنجليزية والحقوق. عمل أستاذا للغة الأنجليزية بضعَ سنوات، ثمّ مفتّشا للشّرطة فترةً قصيرة. زار عدّة بلاد في العالم، ويُقيم حاليا خ

المزيد عن عمارة بن صالح عبد المالك

أضف شرح او معلومة