الديوان » مظهر عاصف » مدينة البن

«عمَّانُ» تسكنُ نفسَها هذا الصباحْ
لا صوتَ فيها غيرُ أجراسِ الأماني
لا صوتَ إلّا ما توشوشُهُ العجائزُ
مِن دعاءْ
إنّني الرّاوي الّذي
قصَّ الرّوايةَ مِن بدايتها
وظنَّ لها ابتداءْ
لكنّها بدأت بأرضي
ثمَّ أرضي
ثمَّ أرضي
ثمَّ كرَّرتُ الذي كررتُهُ
دونَ انتهاءْ
إنّني الصّوتُ الّذي
يدوي بعيدًا مِن فمي
وأنا ارتدادي
وارتدادُ الآخرينَ اللّا يرونَ
مِن المساءِ سوى الضّياءْ
باسماتٌ مَن يسِرنَ مُحملَّاتٍ بالتّعفّفِ
تحتَ أنظارِ البَرَدْ
وأنا ألملمُ من حديثِ الضّارباتِ بخُمرِهِنَّ
قصيدتي
وألملمُ البجعَ الّذي
سكنَ العيونَ النّاعساتِ
لشاطئي
والفجرُ غافٍ
والسّتائرُ غافياتٌ
خلفَ نافذةِ اللّيالي المقمرةْ
«عمّانُ» تختصرُ العواصمَ
حينَ تنغمسُ العواصمُ في المدينةْ
وجهانِ
والوجهُ الرّقيقُ
ووجهُها
ويدانِ تحتضنانِ أوجاعَ المُسافرِ
ما تسَاقطَ مِن سقوطِ الذّكرياتِ
وما تناثرَ من دمِ الأوراقِ
في كفِّ الغريبِ
وفي المدينةِ
حيثُ تجتمعُ البداوةُ بالحضارةِ
والحماسةُ بالنّسيبِ
هناكَ صدرٌ واحدٌ
لا زالَ يحتضنُ الجميعْ
وهي الشّوارعُ تُنجبُ البسطاءَ مثلي
تُنجبُ الأحلامَ في صدرِ المشاةْ
كلُّ الوجوهِ هنا كوجهي
بعضُ ما قالته صاحبةُ الجديلةِ
كانَ منّي
قصّتي
هي قصّةُ الرّجلِ الّذي
يمشي وحيدًا
قصّةُ الجارات يَنسِجنَ الحكايا
عن بلادِ «القدسِ»
عن ذاكَ الغريبِ
وصارَ جزءًا
مِن زقاقِ الحيِّ
مِن تينِ الطّريقِ
وصارَ جزءًا
حين لا يبدو غريبًا للتّرابْ
قصةُ التّلميذِ يُسرعُ
ثمَّ يلتقطُ الدّفاترَ
بعد بعثرةِ المشاعرِ
ثمَّ يمضي شاعرًا
هو شاعرٌ مثلي تمامًا
لا يجالسُه أحدْ
شاعرٌ
ما زالَ يبحثُ في القصيدةِ عنهُ مثلي
لا يجالسُهُ أحدْ
وأراه يشبهُني تمامًا
حين يسمعُ صوتَ شاحنةِ الطّحينِ
وصوتَ ما التهمَ القطارُ
من المسافاتِ البعيدةِ
ثم يأتي بائعُ الكعكاتِ
يختصرُ القصيدةَ بالنّداءْ
«عمّانُ»
تدنو الشّمسُ منها
والمنازلُ تستحمُّ من اللّيالي والمطرْ
تتحرَّرُ الأنوارُ من أضوائها
تمضي لميقاتٍ جديدٍ
مِن جديدْ
ومدينةُ البنّ الذي تشتمُّهُ الطّرقاتُ
يلثِمُ ماءَهُ
ويراقصُ النّيرانَ أيضًا
ومدينةُ الوجهِ الجميلِ الآن تبدو
بعد أن مدَّت يديهَا كي أقبِّلَها
وأمضي
في صباحِ اليومِ أمّي
بعد هذا اللّيل أجمل
بعد هذا الغيثِ أجمل.

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن مظهر عاصف

مظهر عاصف

101

قصيدة

" مظهر عاصف" أحمد علي عودة. - شاعر أردني مِن أصول فلسطينية. - من مواليد مدينة (عمان) 31/10/1980 - أعمال مطبوعة: فلسفات جنازة (شعر) هناك (شعر) السّادسة صباحًا (شعر) ما لم يقله أحمد عود

المزيد عن مظهر عاصف

أضف شرح او معلومة