يُعذِّبُني مغيبُ الشّمسِ عنّي
تُعذّبُني مسافاتٌ طوَت في طيِّها سُحبي
فقد سَبقتْ خطايَ خطاكِ في الدّربِ
وقد تَعبتْ مِن الأيّامِ أقدامي
وما تعبتْ شقاوتُكِ مِن اللّعبِ
وقد أُبدِلتُ تمثالًا
كساهُ الثّلجُ في هَرمٍ
بُعيدَ الخافقِ المَعمُورِ بالغُلواءِ
واللّهبِ
ويومَ شكوتُ في غَضبٍ
برودَ حضوركِ تَعِبًا
أجدتِ مهارةَ العَتبِ
ويومَ بعثتُ موجوعًا
لطيفَ القولِ كي ألقى
لطيفَ الردِّ لم أُجَبِ
وحينَ رجعتُ مِن بَحري
بلا صيدٍ ومَغنمةٍ
تركتُ قواربي جوعى
تسُفُّ موائدَ الكثُبِ
جفا صِّنارتي بحرٌ
وأمواجٌ تهشِّمُني
وحينَ رجعتُ محذوفًا
غنمتِ البحرَ كي ألقى
بسلّةِ صيدكِ قلبي
وحينَ تيبَّسَتْ شفتِي
فلا شفةٌ تُرطّبُها
تلمَّظَ أحمرُ الشّفتينِ
ما خبّأتِ مِن رُطَبِ
ويومَ نثرتُ أسبابي
أمامَ الهجرِ كي أبقى
جررتِ الهجرَ مشدوهًا
ومنزوعًا مِن السّبَبِ
أنا في عصرِك الذّهبيِّ
كيف تعودُ بي حِقبي؟
أنا في عصرِكِ الفنّيِّ
مضياعًا لآلاتي
وأوزاني
وموسيقايَ في الأدبِ
جنيتُ العمرَ
وقعَ العمرِ
في تقصيفِ أجنحتي
فما طارت لتحمِلَني
ولا امتَثَلتْ لحملِ هياكلي رُكَبِي
فقد جفَّتْ عروقُ الطّيشِ مِن زمنٍ
وجَفَّت بحرةُ الأفكارِ
والأشعارِ
والكُتبِ
أنا أرضٌ بلا ماءٍ
ولا شجرٍ
وأنتِ الرّوضةُ المُسجاةُ
بالدرَّاق
والعِنبِ
أنا جِذعٌ تكادُ الرّيحُ تكسِرهُ
وأنتِ كعودِ رَيحانٍ
إذا ما الرّيحُ قد مالتْ
يميلُ بقدِّهِ الرّطِبِ
أنا في مسرحي بطلٌ
بلا نصٍّ وجمهورٍ
أحاكي الدّورَ للأزياءِ
والجدرانِ
والخَشبِ
أنا لا أنتِ في الدّينا
تمرِّرُهُ بلا صَخبٍ
وتعبرُ مثلُك الدنيا
بأعراسٍ مِن الصّخبِ
قطارُكِ جاءَ في عَجَلٍ
يريدُ محطّةً للحبِّ
والشّيباتُ صاغرةُ
أمامَ تعملقِ النُّخَبِ
سوى آثارِ مَقدَمِهِ
وعودتِهِ
سوى خيباتِ ملمحِهِ
ورجفتِه مِن التّأجيلِ
والتّسويفِ
والآمالِ
لم يُصبِ
لقد نفقَتْ خيولُ الغزوِ
والنّاقاتُ في لغتي
لقد نفَقَتْ طواويسٌ
نفوقَ التّيهِ
والعَجبِ
وأحداقٌ تُبارزُ كلَّ غانيةٍ
وفاتنةٍ مِن الهُدُبِ
أنا في مَقعدي ماضٍ
كما الأشجارُ ماضيةٌ
إلى الحَطبِ
فقد ضيّعتُني جدًّا
ومنّي تهتُ مِن منّي
وقد أُنسيتُ مِن تعبي
حياةً دونما تعبِ.