في الليل
ما للَّيل من أحلامْ.
عينٌ أرَّقتها الذكرياتُ
وسامرتها
نجمةٌ في آخر النفق
المؤدي للبدايات التي
عاث المساءُ بها رحيلا
ثم نام.
في الليل مرآةٌ
تشير إلى وقوف العمر
فوق رصيف ميناء البواخر
حيث آخرُ رحلةٍ للقادمين
من البعيد
الهاربين من الزحامْ.
كم بعدها ستقولُ:
يا ليت الشواطئَ
لم تغيرْ وجهةَ البحرِ القديم
ولم تغادرْ أحرفي
لغةُ الكلام.
عقربُ ساعةٍ
يرجو توقفه عن الدورانِ
يختصر المسافة
قاب شوقي والمنام.
ما للَّيل من دمعٍ تداريه الوسائدُ
عن عيونِ الساهرين المترفين
المولعينَ بآخرِ الصيحات
في الصحفِ الكئيبة
والمجلاتِ التي يختارُها
الشعراء والكتّابُ
بحثا عن مقالاتٍ تداري
خيبة الحرف
المُعنّى بالسقام.
في الليل ليلٌ
لا يملُّ الانتظارَ
على شبابيكي القديمة
يرسلُ الذكرى إليّ
قصيدةً من دفترِ الشعرِ
الذي أخفيتُه عن أعينِ الأيامْ.
وتركتُه في حوزة النجمِ البعيدِ
ففضّ أختامَ الحنينِ،
وأيقظ الشوقَ المعتّقَ
في زجاجات الرحيل
فلا ينامُ ولا أنامْ.
في اللّيل
صوتُ أبٍ يئنُّ
لحاجة ابنته إلى بعض "التلاوين" التي تحتاجها
لتلوّن الجوعَ الذي تقتاته دون الأنامْ.
أمٌّ هدّها طول الحنينِ
إلى الجنينِ
كأنما ضنّت عليها سانحاتُ العُقمِ
أن يحبو على فمها الكلامْ.
في الليلِ
ما للَّيلِ من شوقٍ ورائحةٍ
تثيرُ الذكرياتْ....
سيّدةٌ تزور الليلَ
ثمّ تعودُ حُبلى بالندى
وعلى يديها تستفيقُ الأمنياتُ،
فتستعيدُ بريقَها قبلَ الرحيلِ
وترتمي في حضنِ شاعرِها
وترجو أن يطولَ بها
المنامْ.
يحترفُ الظلامُ
روايةَ القصصِ العتيقةْ.
ويعيدُ نبشَ الأمنياتِ الصاعداتِ
الى السماءْ.
يرتبكُ النهارُ
على ضفافِ الصبحِ
يرجعُ خائفا
وكأنّ ضوءَ الشمسِ ضلّ سبيلَهُ
وأعاد توزيعَ النهارِ،
فظلّ أهلُ الليل في ظلمائهم،
واستأثر الباقون بالنُّورِ الجديد
فما استراحَ من العناءِ
ولا استفاقَ مع اليمامْ.
ما للّيلِ
من أحلامْ.
184
قصيدة