السّادسةُ صباحًا
سَتسقُطُ المُدنُ المِلحيَّةُ قَريبًا
سيَسقُطُ الرَّجلُ الآليُّ مِن حسابِ القاعاتِ المُكدَّسةِ..
بالطَّحينْ
قريبًا ستَتسلَّحُ العصافيرُ بمخالِبَ فولاذيَّةْ
وتُشرِفُ العجائزُ على صِناعةِ قُبَّعاتِ القَشْ
النَّاسُ ستَستبدلُ الهواتفَ النَّقَّالَةَ بالرَّسائلِ الورقيَّةْ
وشركاتِ الاتِّصالِ بساعي البَريدْ
والأَسِرَّةِ بالحِجارَةْ
والمشروباتِ الغَازيَّةِ باللَّبنِ الطَّازجْ
سيحكمُ المُتحضِّرُ مِنَّا قبيلتَهُ بِشريعةِ حمورابي
 
عندَها قدْ تَستجيرُ قُبَّرةٌ بِمُزارِعٍ ما دونَ أنْ يَشويها
وتَتَمرَّنُ الرُّوحُ أنْ تُحلِّقَ في فضاءاتٍ..
تَخلو مِنَ الغازاتِ السَّامَّةْ
لن تلجأَ سَيِّدةٌ للعرَّافِ كي يبحثَ في جسدِ ابنتِها..
عن ماردٍ ابتلعَ خاتمَ عرسِها
لن تشتريَ الأقمشةَ الأُرجُوانيَّةَ لتَطرُدَ نحسَها العَتِيقْ
النُّبلاءُ سيَحيونَ بينَ العامَّةْ
سيعملونَ في ورشَاتِ الحِدادَةِ والنِّجارَةْ..
والفنادقِ الّتي تسمحُ للطُّيورِ المُهاجرةِ..
أن تستريحَ على ضفافِ المسابحْ
 
الطُّقوسُ الماطرةُ لن تُزعِجَ أحدًا
فالمنازلُ مَليئةٌ بحطبِ المَواقِدْ
مليئةٌ بالأوعيةِ المُغلَّفةْ
مُكتظَّةٌ بكَنزاتِ الصُّوفِ والأوشحةِ القُطنيَّةْ
المُشوَّشُونَ سيتبارَزُونَ دونَ جُمهورٍ يُصفِّقُ لَهُمْ
دونَ أضواءٍ تُلاحِقُهمْ
ستتلاشى أصواتُهم في فضاءٍ يخلو مِن خاصيَّةِ..
الصّدى
ستَحترقُ الازدِواجيَّةُ في أُتونِ الوضوحْ
في تنَّورِ الموقفِ الواحدْ
الرَّأيِ الواحدْ
 
عندها سنمحو الخُطوطَ الوهميَّةَ عن لوحةٍ مُستوردَةْ
ستهجُرُ «الباروكاتُ» رؤوسَ النِّساءْ
لا حاجةَ حينها لأحمرِ الشِّفاهْ
وطلاءِ الأظَافرْ
الكتابُ الأكثرُ مَبيعًا سيكونُ عن تدويرِ النِّسيانْ
الفِيلمُ الّذي سيحصُدُ «الأوسكارَ»
سيكونُ عَنِ البَسُوسْ
لن يُحتقرَ أحدٌ حينها لِمِثَاليَّتِهِ
لِغرابتِهِ
لن يدفعَ حينها رجلٌ ثمنَ ابتسامَتِهِ في وجهِ المُدُنِ..
المِلحيَّةْ
فالمدنُ المِلحيَّةُ غارقةٌ في الوهمِ الآكلِ للأَحلامْ
غارقةٌ مِن قَبلِ وجودِ المِلحِ بأدمغةِ الحُكَّامْ.